الوقت- اتهمت الامارات، منصات إعلامية قطرية لم تسمها بالعمل على تقويض حل الأزمة الخليجية المستمرة منذ نحو ثلاث سنوات ونصف السنة.
حيث كتب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، عبر صفحته الخاصة في "تويتر" إن "الأجواء السياسية والاجتماعية في الخليج تتطلع إلى إنهاء أزمة قطر، وتبحث عن الوسيلة الأمثل لضمان التزام الدوحة بأي اتفاق يحمل في ثناياه الخير للمنطقة، أما المنصات الإعلامية القطرية فتبدو مصممة على تقويض أي اتفاق. ظاهرة غريبة وصعبة التفسير".
لم يحدد وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش هذه المنصات، لكن يأتي هذا التصريح في وقت كان من بين الشروط الثلاثة عشر للدول المحاصرة لقطر إغلاق شبكة الجزيرة القطرية.
كما تأتي تصريحاته في وقت وصلت فيه فرص المصالحة إلى مستوى غير مسبوق قبل أيام، بإعلان متزامن بين الكويت والدول المتخاصمة بالتوصل إلى مباحثات مثمرة لإنهاء الخلاف المستمر منذ سنتين ونصف السنة.
كما أعلنت وزارة الخارجية الكويتية، الخميس الماضي، أن القمة الخليجية المقبلة، ستعقد في الخامس من كانون الثاني المقبل، في الرياض بدلا من المنامة.
وأوضحت الكويت في بيان صادر عن وزير الخارجية أحمد ناصر المحمد، أن القمة ستأتي في ظل تأكيد من جميع الأطراف الخليجية على الوحدة، في إشارة إلى الإعلان المبدئي عن التوصل لاتفاق مصالحة بين قطر من جهة، والإمارات والسعودية والبحرين من جهة أخرى.
وتستضيف الرياض القمة الخليجية المقبلة، في الخامس من يناير المقبل، حيث رحبت قطر والسعودية ولحقتهما بقية دول الخليج الفارسي بوساطة الكويت، التي قال وزير خارجيتها أحمد الناصر الصباح، "إن مباحثات مثمرة جرت بشأن حل الأزمة والتوصل إلى مصالحة خليجية". اذن سيكون التمثيل الحقيقي للمصالحة الخليجية بمستوى التمثيل القطري في هذه القمة.
ومنتصف الشهر الجاري، قال سلطان عُمان هيثم بن طارق: إن جهود الكويت تكللت بـ"الاتفاق على اتخاذ خطوات إيجابية لإيجاد مخرج لسوء الفهم، والعمل على لمّ الشمل الخليجي".
وبدأت الأزمة عندما قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر العلاقات مع دولة قطر، في يونيو 2017، ثم فرضت عليها إجراءات وصفتها قطر بـ"الجائرة" بزعم دعم الأخيرة للإرهاب.
ونفت الدوحة هذه المزاعم جملة وتفصيلاً، واعتبرتها محاولة للتأثير في قرارها المستقل والانتقاص من سيادتها، وأبدت استعدادها للجلوس والتفاوض، بعيداً عن أي شروط مسبقة.
هل تسعى الإمارات لعرقلة المصالحة؟
تلقي تصريحات قرقاش بظلالها على جهود إنهاء الأزمة التي تسبّبت بقطع روابط النقل وتفريق العائلات وكلفت مليارات الدولارات خسائر في مجالي الاستثمار والتجارة، وألحقت أضرارا قد لا تكون اقتصادات دول الخليج الفارسي قادرة على تحملها مع مسعاها الخروج من أزمة فيروس كورونا المستجد.
وأشار مصدر مقرّب من الحكومة السعودية لوكالة فرانس برس إلى أن المملكة مستعدة لتقديم تنازلات عبر فتح مجالها الجوي أمام الطائرات القطرية في حال توقّفت الدوحة عن تمويل معارضيها السياسيين وكبحت جماح وسائل الإعلام التابعة لها.
ولكن المصدر قال إن الإمارات، وهي خصم قوي لقطر، تقاوم ذلك، رغم تأكيد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان لفرانس برس هذا الشهر أن حلفاء بلاده "على الخط نفسه" فيما يتعلّق بحل الأزمة.
تصريحات اماراتية مخالفة للواقع
وتأتي تصريحات قرقاش مخالفة للواقع الذي يرصد محاولات إماراتية لمهاجمة الدوحة منذ تأكيد الكويت وقطر والسعودية حصول تقدم نحو اتفاق على إنهاء الأزمة الخليجية المستمرة منذ صيف 2017، مطلع ديسمبر الجاري.
ومطلع ديسمبر الجاري، بثت قناة “سكاي نيوز عربية” المدعومة من الإمارات برنامجاً ضد قطر، عقب ساعات من إعلان أمير الكويت، الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، الوصول إلى اتفاق لإنهاء الأزمة الخليجية، معرباً عن سعادته بـ”حل الخلاف بين الأشقاء، والحرص على التضامن الخليجي والعربي”.
واتهمت قناة "سكاي نيوز" الإماراتية، الدوحة بالتعرض للزوارق البحرية البحرينية وتوقيفها دون وجه حق، وهو ما نفته الحكومة القطرية، مؤكدة أنها أوقفت زوارق اخترقت مياهها الإقليمية.
وكانت طريقة طرح البرنامج الذي عرضته "سكاي نيوز" محاولة واضحة لتأجيج الخلاف، وخاصة عنوان البرنامج "متى تخلع قطر أقنعة الخداع؟"، الذي سعى من خلاله مقدم البرنامج إلى إظهار أن الدوحة تمارس الخديعة عبر إقامة علاقات مع "إسرائيل" من خلف الستار، وفق ما يتبين من خلال ما طرحه البرنامج.
وفي 18 من الشهر الحالي، نشرت قناة “الشرق بلومبيرغ”، التي تتخذ من دبي مركزاً لها، هجوماً على أحد أفراد العائلة الحاكمة في قطر، وزعمت تورطه في عمليات تهريب آثار مصرية.
الرد القطري
وتعليقاً على تصريحات قرقاش، قال جاسم بن ناصر آل ثاني، المحلل السياسي القطري، عضو اللجنة الأوروبية للقانون الدولي، إن "حديث البعض عن مهاجمة وسائل الإعلام القطرية لدول المقاطعة لن يضيف على مسار المصالحة".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، "في حال خلصت نوايا جميع الدول المشاركة وأصبحت مستعدة بشكل حقيقي للصلح فإن وسائل الإعلام ستكون إيجابية".
وبشأن تأثير هذه التصريحات على مسار المصالحة، وما إذا كانت تسير بشكل إيجابي، قال: "المصالحة تسير في مرحلتها الأولى مع السعودية، وبعدها تبدأ المرحلة الثانية مع باقي الدول المقاطعة، ويأمل الجميع أن تسير بشكل صحيح وتحقق المصالحة".
ويرى بعض المراقبين أن قطر لا تهتم بأن تكون الإمارات شريكة في المصالحة وعلى ما يبدو لا ترغب بالتصالح معها لذلك يسرع أنور قرقاش وينشر تغريداته التي لم تتوقف للحظة منذ بدء حصار الدوحة بالهجوم على قطر ووسائل اعلامها، لكي يظهر مظهر المصلح السياسي الذي يخاف على البيت الخليجي ويريد الخير للمنطقة.
كما يرى آخرون أن هذا النوع من التصريحات يؤكد أن القطريين يعون موقفهم المتفوق فهم غير مستعدين لدفع أي ضريبة، وفي حال استمرار الحديث عن وسائل الاعلام القطرية بهذه الطريقة والتشكيك ستكون إمكانية المصالحة الخليجية أقل، لذلك ان الترويج لهذه الافكار في الوقت الراهن يهدف لبث الدعاية ضد قطر ليحملها المسؤولية في حال فشل جهود المصالحة.