الوقت- بعد الانفجار الضخم الذي حدث في ميناء بيروت ، والذي دمّر حوالي نصف المدينة وألحق أضرارًا مادية تقدر بأكثر من 5 مليارات دولار ، اتخذت جميع المجموعات التي لها صلة بهذا الحادث بشكل ما عدة إجراءات ، حيث بدأت حركات وفرق الإغاثة العمل على تحديد هوية المفقودين ونقل جثث الضحايا ، وتتابع وسائل الإعلام الإخبارية مهمتها في تغطية ومتابعة الأخبار والمعلومات المتعلقة بهذه الحوادث ، وقد ضاعف الكادر الطبي أنشطته لمعالجة الجرحى ، وعقد السياسيون والمسؤولون اللبنانيون عدة اجتماعات للتحقيق وتبني الأبعاد الخفية لهذه المأساة الكبرى ، واتخاذ قرارات عملية للحد من الآثار السلبية لهذا الحدث ووضعها على رأس جدول أعمالهم ، تقف خلف كواليس هذه الأحداث بعض التيارات الساعية للربح والتي تحاول كسب واخذ ما تستطيع الحصول عليه من الاضطرابات التي تعم السوق السياسية والاجتماعية في بيروت.
وهنا يجب البحث عن الكلمة المفتاحية لابتزاز وسائل الإعلام الدولية بشأن حادثة بيروت في التصريحات الغريبة التي أدلى بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، والذي ادعى دون أي اعتبار للأعراف الدبلوماسية ، وقبل انتظار صدور التقرير بشأن الواقعة ، أن التفجيرات وقعت جراء هجوم على بيروت.
وزعم أن أمريكا مستعدة لمساعدة لبنان ، قائلا إنه بعد التشاور مع عدد من المسؤولين العسكريين الأمريكيين ، فقد توصلوا الى ان تفجير بيروت ربما كان نتيجة قنبلة خاصة أو هجوم محدد ولم يكن حادثا.
ويمكن أيضًا النظر إلى أداء السفارة الأمريكية في بيروت على أنه كشف جديد لسيناريو الإرهاب في لبنان لتعزيز أهداف البيت الأبيض المتمثلة في قلب نظام الحكم واتهام حزب الله في حالات عديدة ، وبينما لم ترد تقارير رسمية عن أبخرة سامة من الانفجار ، أصدرت السفارة الأمريكية بياناً تحذر فيه من سمّية الأبخرة.
وعلى نفس الخط الدعائي ، قامت وسائل الإعلام بنشر الشائعات في الأجواء الملتهبة الحالية في لبنان من أجل زعزعة اللبنانيين والأسواق اللبنانية قدر الإمكان ، حيث كان انتشار الأخبار الكاذبة حول أزمة القمح والدقيق في لبنان والجدل حول عدم قدرة الحكومة على إدارة الوضع الحالي جزءًا من هذا النهج.
كما زعمت صحيفة عكاظ السعودية في ذات السياق أن معلومات أولية من مراقبين أمنيين أظهرت أن الانفجار كان نتيجة عمل إرهابي ، وبغض النظر عن المواقف الرسمية لشخصيات سياسية لبنانية ، أشارت هذه الصحيفة إلى تصريحات أدلى بها الموقع الإلكتروني لصحيفة "هآرتس" الصهيونية ، والذي زعم أنه تم استهداف موقع يحوي أسلحة تابعة لحزب الله اللبناني في مرفأ بيروت ، في حال ان وزير الخارجية الإسرائيلي قد نفى هذا الخبر ، وحاولت هذه الصحيفة تهيئة الجمهور للفعل القادم من خلال ابتزاز وسائل الإعلام الغربية والعربية عبر طرح سيناريوهات مختلفة ومتناقضة.
وبعد ساعة ، سعت وسائل الإعلام اللبنانية ، التي تمولها دولارات النفط السعودية والإماراتية والشركات اللبنانية التابعة لها ، إلى إلقاء اللوم بطريقة ما على حزب الله أو الحكومة اللبنانية الحالية في الحادث.
وكتبت صحيفة النهار التابعة لحركة 14 آذار في سياق الاستغلال السياسي لخصوم الحكومة اللبنانية الجديدة وتبعاً للإجراء الذي تتخذه السعودية في محاولة اتهام الحكومة بهذا الخصوص ، ان الحكومة الفاشلة تنتحر ، ووصفت الصحيفة الأحداث الأخيرة بأنها محاولة متعمدة من قبل الحكومة لتبرير ما وصفته بالفشل في حل أزمات لبنان العديدة.
صحيفة الجمهورية هي صحيفة أخرى تابعة لحركة 14 آذار في لبنان ، والتي اتبعت نهج اظهار عجز الحكومة تماشياً مع هذه السياسات وكتبت مقالاً عن الانفجار بعنوان: إهمال أم اعتداء؟ انفجار ميناء بيروت هز لبنان. في حين ان هذه المواد المتفجرة مخزنة في المستودع رقم 12 في بيروت منذ عام 2013 ، أي في فترة الحكومة السابقة.
يجب على اللبنانيين أن يكونوا حذرين من الفتنة الجديدة حيث إنّ الوضع الاجتماعي الناتج عن الانفجار يصبح أكثر خطورة، كما أفاد مسؤولون لبنانيون أن إعادة فتح مرفأ بيروت سيستغرق على الأرجح عدة أشهر، الامر الذي سيؤثر على معيشة الشعب اللبناني، وفي هذه الحالة، ما يمكن أن يلبي الاحتياجات المعيشية للناس هو الحفاظ على الهدوء وخلق بيئة مناسبة للحكومة لحل الأزمة.
