الوقت-أعلن دونالد ترامب مؤخرًا قراره بحظر تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة. ويحاول ترامب حظر هذا التطبيق الصيني لأسباب يعتبرها تهديدًا للأمن القومي الأمريكي. لكن الحقيقة هي أن الجمهوريين قلقون من أن الصين ستستخدم التطبيق للتدخل في الانتخابات الأمريكية لعام 2020. ووفقًا لبعض وسائل الإعلام الأمريكية ، لعبت هذه الشبكة الاجتماعية دورًا رئيسيًا ضد ترامب خلال الاحتجاجات الأمريكية الأخيرة، ويعتقد بعض الخبراء أن تك توك لعب أيضًا دورًا في انتخابات 2016. وتعتبر الحكومة الأمريكية التطبيق "تهديدًا أمنيًا" وقد حاولت مرارًا إجبار الشركة الصينية على بيع أسهمها. وتشير الأدلة أيضًا إلى أن شركة مايكروسوفت تجري محادثات لشراء تيك توك من شركة Byte Dance.
تيك توك في طريق التسييس
تعود ملكية شركة تك توك إلى ByteDance ، التي أسسها Zhang Yiming في بكين في عام 2012. وعلى الرغم من عدم رغبة الشركة الأم، أصبحت تك توك مكانًا لعرض الهوية السياسية الأمريكية. ويتحدث العديد من المراقبين السياسيين الآن عن قوة هذا التطبيق للتأثير على المعادلات السياسية في الولايات المتحدة.
هذا التطبيق الصيني، الذي أصبح شائعًا جدًا في السنوات الأخيرة، خاصة بين المراهقين، خضع تحت دراسة وتقييم إدارة ترامب وأعضاء الكونغرس بشكل كبير، لعلاقته بشركة تكنولوجيا الإنترنت الصينية Byte Dance. وأعرب المشرعون عن قلقهم من أن معلومات الأمريكية ليست في مأمن بسب تطبيق تك توك، مستشهدين بالقانون الصيني الذي يتطلب كشف وتسريب المعلومات الحساسة بناء على طلب من حكومة بكين. وفي الواقع، يبدو التطبيق حسب تعبير الساسة الأمريكيون، أنه أداة سياسية للتأثير على الساحة السياسية في البلاد، أكثر من كونه تطبيق سياسي بحد ضاته.
الشباب الأمريكي في احتكار "تك توك"
في ظل الظروف الحالية، حظيت أهمية تطبيق تك توك الصيني باهتمام كبير لدرجة أن خبراء الإعلام في البلاد درسوا دور التطبيق في تشكيل الهوية الجماعية للأمريكيين. وفي هذا الصدد، كتب جون هيرمان، المعني بشؤون التكنولوجيا ووسائل الإعلام، في مقال له بعنوان "كيف يشكل تيك توك الخطاب السياسي بين الشباب الأمريكي" في صحيفة نيويورك تايمز وقال "كون تيك توك منصة يغني فيها ملايين الشباب الأمريكيين ويرقصون ويستكشفون هوياتهم أمام الجمهور، أصبح هذا التطبيق مسرحا بارزا لصياغة الأيديولوجيا والنشاط السياسي والتصيد". مضيفا: وعلى الرغم من إحجام الشركة الأم "بايت دانس" عن الإنخراط في السياسة - لاتسمح الخدمة بالاعلانات السياسية - جذبت المنصة إهتمام الحملات السياسية. كما يوفر التطبيق مساحة تتيح للناس الإحتشاد والتحرك بسرعة.
ويقول هيرمان: كان تيك توك وسيلة مفيدة في تنظيم حملة تسجيل جماعية مزيفة قبل تجمع انتخابي لترامب في مدينة تولسا بولاية أوكلاهوما، حيث كانت العديد من المقاعد شاغرة. ومنحت المنصة زخما هائلا للمقاطع التي تظهر وحشية الشرطة وكذلك المشاهد والتعليقات الخاصة بـ"احتجاجات حياة السود مهمة" حول العالم، من خلال صناعة مقاطع الفيديو ومشاركتها على المنصة مرارًا وتكرارًا. وتتمتع هذه المقاطع بالسمة السمعية والبصرية المميزة والواسعة الانتشار في تيك توك. ويقول جون، غالبا ما يكون التطبيق مربك على نحو مرح، وخاضع للتحرير بعناية، ومفعم بالموسيقى، حتى أن كثيرين بما في ذلك صحيفة نيويورك تايمز، ذهبوا الى أن مراهقي تيك توك سينقذون العالم.
واستدرك المراسل قائلا: لكن الحقيقة أكثر تعقيدًا من ذلك. إذ حلل فريق من الباحثين التعبير السياسي على تيك توك قبل أن يصبح التطبيق على شكله الذي نعرفه الآن وفي حين أن الأشخاص الذين لا يستخدمون تيك توك قد يعتقدون أنه برز على المسرح السياسي فجأة الى حد ما، وأنه يحتوي على شيء ما يمكن أن نسميه هوية سياسية جماعية، قدم البحث صورة مختلفة. حيث يصور البحث مجتمعا متنوعا ومنتشرا وغير متحد تقريبا، مكونا من ملايين الشباب الذي يكتشفون قدرات تلك المنصة وحدودها، وهي مساحة فريدة وغريبة على الرغم من وجود أوجه تشابه عديدة بينها وبين أسلافها.
ذرائع على طريقة ترامب
في الوقت الحالي، ينصب التركيز الرئيسي للحكومة الأمريكية حول الاتهامات الأمنية ضد تيك توك، فيما يتعلق بإنتماء التطبيق للحزب الشيوعي الصيني ودوره في تحريض المتظاهرين الأمريكيين في الماضي. وقال وزير الخارجية مايك بومبيو لشبكة فوكس نيوز "أن الرئيس ترامب قال كفى وسنصلح هذا الأمر". وتابع بومبيو أن ترامب سيتخذ تدابير في الأيام المقبلة فيما يتعلق بالمخاطر التي تهدد الأمن القومي عن طريق برنامج معلوماتي مرتبط بالحزب الشيوعي الصيني.
جاءت تصريحات بومبيو بعد إعلان ترامب يوم الجمعة عن نيته حظر التطبيق. الإعلان الذي أعرب فيه ترامب، عن إستعداده للتوقيع على أمر تنفيذي يحظر تفعيل تطبيق تيك توك للتسجيلات المصورة في الولايات المتحدة. وأكد بومبيو في المقابلة أن شركات البرمجيات الصينية العاملة في الولايات المتحدة تنقل البيانات مباشرة إلى حكومة بكين، وهذه الإجراءات تساوي في الأهمية الأمن القومي.
وذكر ترامب على وجه التحديد تطبيقات "تيك توك و وي شات"، وهي تطبيقات دردشة صينية. وقال وزير الخارجية الأمريكي "هذه القضايا تتعلق بشدة بالخصوصية للشعب الأمريكي، وأن الولايات المتحدة تغاضت عن هذا الأمر لسنوات لأن الأمريكيين كانوا يعتبرون أنه تطبيق مرح ولم تعارضه واشنطن ايضًا بسبب اعتقادها أنه يمكن للشركة كسب المال من خلال التطبيق". وكان هذا التطبيق قيد المراجعة من قبل الهيئة المشتركة بين الوكالات والتي تبحث في تداعيات الصفقات الأجنبية الجارية على الأمن القومي.
مشروع بيع شركة تيك توك
على صعيد أخر، تشير التقارير إلى أن دونالد ترامب أمهل مالك شركة تيك توك الصينية، شركة "بايت دانس" 45 يومًا للموافقة على بيع التطبيق إلى مايكروسوفت. ووفقًا لرويترز، يقول المسؤولون الأمريكيون إن شركة تيك توك التي تعود للصينيين تمثل تهديدًا قوميا للبلاد لأن التطبيق يحمل بيانات شخصية أمريكية.
وتحدث ترامب يوم الجمعة عن خططه لحظر تيك توك في الولايات المتحدة بعد رفض فكرة بيعها لمايكروسوفت. ولكن بعد المشاورات بين ترامب والرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت ساتيا ناديلا، أُعلن الرئيس في بيان يوم الأحد أن المحادثات لشراء تيك توك من بايت دانس كانت مستمرة والهدف هو التوصل إلى اتفاق بحلول 15 سبتمبر. ووفقًا لمصدر مطلع، غير دونالد ترامب رأيه بعد ضغوط من بعض مستشاريه والعديد من الحزب الجمهوري.
وسيؤدي حظر تيك توك إلى التأثير على العديد من المستخدمين الشباب في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية في نوفمبر ، وقد يثير موجة من التحديات القانونية. ودعا عدد من المشرعين الجمهوريين البارزين ترامب في الأيام الأخيرة إلى دعم بيع تيك توك إلى مايكروسوفت. وقال السناتور الجمهوري ليندسي غراهام ردا على موقف ترامب الجديد يوم الأحد إنه يتم حاليا التوصل إلى اتفاق مربح للجانبين.
ووفقًا للمصادر ، تجري المفاوضات بين بايت دانس ومايكروسوفت تحت رعاية لجنة الاستثمار الأجنبي الأمريكية (CFIUS) ، وهي مؤسسة في الحكومة الأمريكية مفوضة بتعليق أي اتفاقية. وقالت مايكروسوفت في بيان إنه لا يوجد يقين بشأن الصفقة. ولم ترد شركة بايت دانس والبيت الأبيض بعد على أنباء المحادثات مع مايكروسوفت. وأعلنت شركة بايت دانس في بيان دون الإشارة الى تيك توك يوم الأحد "أن الشركة تواجه صعوبات معقدة ولا يمكن تصورها."