الوقت - تنفيذاً للمشروع الصهيوني في المنطقة، نفذ الکيان الصهيوني خططًا مختلفةً منذ قيامه. وتتمثل الخطة الحقيقية للصهاينة في وهم يسمى "من النيل إلى الفرات"، والذي يقدّم تعريفًا واسعًا للنيل والفرات.
في هذا التعريف، يغطّي النيل جزءًا كبيرًا من شمال شرق إفريقيا، ويشمل نهر الفرات مئات الكيلومترات من الجانب الآخر لنهر "أروند" وإيران، والنموذج الأخير لمحاولات الحركة الصهيونية لتنفيذ هذه الخطة الخيالية، هو صفقة القرن التي تأتي استمراراً لخطط الحكومات الأمريكية المتعاقبة.
وخلال أكثر من سبعة عقود من الاحتلال في المنطقة، أظهر الصهاينة دائمًا أنهم يسعون لتنفيذ الخطة الخيالية المسماة "من النيل إلى الفرات"، وأي خطة يقدمونها تبنی علی أساس هذا الوهم القديم. والمقاومة هي الآن أكبر حاجز ضد الصهاينة، ولهذا السبب يضعون خططًاً جديدةً لمواجهة المقاومة في المنطقة.
اختراع هزائم وهمية لحزب الله
لم ينتصر الکيان الصهيوني على حزب الله اللبناني منذ عام 2006. ولم ينس بعد المذاق المرّ لهزيمة الحرب التي استمرت 33 يومًا، وتقييمات لجنة "فينوغراد" التي بحثت أسباب هزيمة الجيش الإسرائيلي في هذه الحرب.
ومنذ ذلك الحين، سعی الصهاينة إلى تعويض تلك الهزيمة، التي لم يفشلوا في تعويضها فحسب، بل عانوا أيضًا من هزائم أخرى أضيفت إلى مجموعة هزائمهم أمام حزب الله.
استهداف دورية إسرائيلية في مزارع شبعا عام 2012 - رداً على الاعتداءات الصهيونية -، بعدّ الفشل في الضغط على حزب الله للخروج من الأزمة السورية، وفشل خطة احتجاز سعد الحريري في الرياض، والفشل في خلق حرب أهلية في لبنان خلال الأزمة السورية، هو جزء من هذه الهزائم التي ازدادت الآن مع انتصارات حزب الله السياسية في لبنان.
الآن وقد تمّ تعزيز انتصارات حزب الله هذه، يشعر الصهاينة بخيبة الأمل من الانتصار على حزب الله، فتحولوا إلى مشروع اختلاق الهزائم الوهمية لهذا الحزب.
حيث زعمت وسائل الإعلام الإسرائيلية في ضخ إعلامي واسع النطاق يوم الاثنين، أن عناصر من الجيش الإسرائيلي أحبطت عملية تسلل من قبل قوات حزب الله اللبنانية في مزارع شبعا، وقصفت موقع التسلل رداً على العملية.
تم بث هذا الخبر على عدة قنوات تلفزيونية صهيونية، وأفادت وسائل الإعلام الصهيونية عن توقف الاجتماع الحزبي لنتنياهو وغانتس، الذي عقد بشكل منفصل في حزبيهما، وحضورهما في مبنى وزارة الحرب الصهيونية.
وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية والأوساط الأمنية في الکيان قد زعمت في وقت سابق، أن حزب الله اللبناني يسعى للانتقام من الصهاينة بعد استشهاد أحد قواته في الهجوم الإسرائيلي الإرهابي على منطقة حول مطار دمشق. ومع نشر هذه الأخبار، اعتبرت جميع وسائل إعلام الکيان الصهيوني أن هذا الحادث هو الانتقام المرتقب.
لكن بيان حزب الله کذَّب الصهاينة ووضع النقاط علی الحروف. إذ قال بيان حزب الله إن الحزب لم يتخذ أي إجراء في مزارع شبعا، وما ينشر في إعلام الکيان الصهيوني هو أوهام ومحاولات لاختراع انتصارات وهمية كاذبة للکيان الصهيوني ضد حزب الله في لبنان.
وأضاف بيان حزب الله أن الانتقام من الکيان الصهيوني بسبب استشهاد "علي كامل محسن" في محيط مطار دمشق "آتٍ حتماً"، وأن حزب الله سيرد في الزمان والمكان المناسبين. كما أن القصف الذي حصل على قرية "الهبارية" وإصابة منزل أحد المدنيين، لن يتم السكوت عنه على الإطلاق.
الرشوة للمقاومة الفلسطينية
بعد هزيمتهم في الحرب التي استمرت 33 يومًا، وضع الصهاينة خطةً لقطاع غزة لتدمير المقاومة الفلسطينية عبر غزو هذه المنطقة. لكن خطتهم هذه لم تكن أكثر من وهم أيضاً، والآن بعد مضي 11 عامًا علی هزيمة الصهاينة في الحرب التي استمرت 22 يومًا، لم يتمكنوا إلا من مواصلة حصار قطاع غزة بدعم من أمريكا.
في السنوات الأخيرة، كانت خطة الصهاينة في هذه المنطقة، إلى جانب استمرار الحصار، السعي لنزع سلاح المقاومة. ومن خلال ممارسة الضغط الأقصى على قطاع غزة عبر الحصار والحروب المتقطعة، يعتزم الصهاينة زيادة تكلفة المعيشة في هذه المنطقة المقاومة، حتی ترفع المقاومة راية الاستسلام.
مؤخراً أعلن "إسماعيل هنية" رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، أن الصهاينة عرضوا علی المقاومة الفلسطينية من خلال الأطراف الأوروبية، التخلي عن سلاح المقاومة في قطاع غزة مقابل 15 مليار دولار.
وقال هنية إنهم أعلنوا من خلال الوساطات، عن عرض استثماري بقيمة 15 مليار دولار في قطاع غزة، يشمل بناء ميناء ومطار، رفضه مسؤولو حماس على الفور.
وهذا يعني أن الصهاينة يحاولون اختبار طرق مختلفة عن الماضي حيال المقاومة. وعلى الرغم من أن الصهاينة يقرعون طبول الحرب بطبيعتهم ويبحثون عن الوسائل العنيفة، ولکن يبدو أنهم يحاولون اختبار الوسائل المدنية، في هذه المرحلة على الأقل.
الاستنتاج
يواصل الصهاينة متابعة استراتيجية الحرب بين الحروب، وباستهداف أهداف في سوريا - يزعمون أنها أهداف لإيران وحزب الله -، يظهرون خوفًا قويًا من قيام المقاومة في سوريا. لأنه مع قيام المقاومة في سوريا، فإنهم في الحقيقة مهددون من المقاومة في ثلاث مناطق، ولم يبق شيء حتی تحاصرهم المقاومة من کل جانب.
ولذلك، في الوقت الذي يتعاملون فيه مع أزمة كورونا والاحتجاجات الداخلية والمشكلات الاقتصادية المعقدة، يبحثون عن حلول جديدة في المنطقة ضد المقاومة، عبر مشروع اختراع هزائم وهمية لحزب الله، وتقديم حلول مدنية وخاصةً اقتصادية للمقاومة الفلسطينية.