الوقت- في مقال نشر في مجلة "بيلد الألمانية"، ناقش "مارك لوكوك"، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، العواقب الوخيمة لتفشي فيروس "كورونا" في عدد من المدن والمحافظات اليمنية، خاصتاً وأنها تقبع منذ عدة سنوات تحت حصاراً جائراً فرضه تحالف العدوان السعودي وكتب "لوكوك": "لقد وضع فيروس كورونا اليمن التي تعيش في أسوء أزمة إنسانية في العالم على حافة الهاوية". ولفت منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ، "مارك لوكوك"، في مقاله، إلى أن فيروس "كورونا"، يتفشى على وجه السرعة في الأراضي اليمنية، وبلغت نسبة الوفيات من إجمالي عدد الإصابات في البلاد نحو 25 في المائة، ما يتجاوز بخمسة أضعاف المتوسط العالمي. وأكد المسؤول الأممي أن كثيرا من الإصابات والوفيات جراء فيروس "كورونا" في اليمن لا تحصى بسبب انهيار نظام الرعاية الصحية، مضيفا أن تكلفة خدمات الجنازة والدفن في بعض المناطق ارتفعت بسبعة أضعاف خلال عدة أشهر.
وذكر "لوكوك" أن جائحة "كورونا" تزيد من حجم المعاناة المختلفة التي يعانيها الشعب اليمني، بما في ذلك، الهجمات الهستيرية والوحشية التي تشنها مقاتلات تحالف العدوان السعودي على الأحياء المدنية والتي خلفت العديد من الضحايا، والوضع الاقتصادي المتدهور الذي يتجه نحو كارثة غير مسبوقة، لا سيما في ظل هبوط سعر صرف الريال اليمني وارتفاع أسعار المواد الغذائية. ولفت المسؤول الأمم في مقاله، إلى أن المانحين الدوليين تعهدوا في المؤتمر الدولي بشأن اليمن بدفع 1.35 مليار دولار هذا العام، بما في ذلك التمويل الجديد بقيمة 700 مليون دولار، ولكن ضغوط أقليمية حالت دون ذلك في إشارة إلى المملكة السعودية التي مارست بعض الضغوطات على مسؤولين أمميين لمنعهم من تقديم مساعدات لليمن.
وأوضح "لوكوك"، أن هذا النقص قد أسفر عن وقف دفع رواتب نحو عشرة آلاف موظف يعملون في الخطوط الأمامية للمعركة ضد فيروس "كورونا" في اليمن، مضيفا أن برامج النظافة والإمداد بالمياه العذبة التي يستفاد منها أربعة ملايين شخص يمني ستغلق في غضون الأسابيع القليلة القادمة إن لم يتم حل المشكلة. وتحدث "مارك لوكوك" في مقاله أيضاً عن الوضع الاقتصادي في اليمن والذي يزداد سوءا. حيث قال: "لم نشهد من قبل في اليمن وضعا تتداخل فيه مثل هذه الأزمة الاقتصادية المحلية الحادة مع انخفاض حاد في التحويلات وتخفيضات كبيرة لدعم المانحين للمساعدات الإنسانية، وهذا بالطبع يحدث وسط جائحة مدمرة". ولفت إلى أنه لم تدخل أي سفن وقود تجارية إلى الحديدة منذ 8 حزيران/يونيو بسبب الضغوطات التي يمارسها تحالف العدوان السعودي، وارتفعت أسعار السلع بنسبة في بعض المناطق خلال الأسبوعين الماضيين.
وحث "مارك لوكوك" في مقاله، الدول المانحة على التعجيل في تقديم ما تعهدت به سابقاً، والنظر في زيادة المعونات. وقال: "لا يزال بإمكان الوكالات الإنسانية، بالتمويل الكافي، الحفاظ على استقرار الوضع الإنساني، وهذا ما نريده جميعا. وذلك سيساعد أيضا في العملية السياسية". وأكد "لوكوك" على أن الرفع الجزئي للحصار المفروض من قبل تحالف العدوان السعودي على موانئ البحر الأحمر اليمنية، سوف يسمح للمنظمات الإنسانية باستئناف تقديم المساعدات المنقذة للأرواح إلى من هم في أمس الحاجة إليها. ولكن بالنظر إلى الضغوطات الكبيرة التي تمارسها السعودية على بعض المسؤولين الأمميين، فإنه يمكن أن تؤدي كل هذه الضغوطات إلى تسريع الانحدار نحو مأساة إنسانية كبرى يفقد فيها ملايين الناس أرواحهم. وأشار إلى أنه بدون الاستئناف العاجل للواردات التجارية، وخاصةً الأغذية والوقود والأدوية، فإن الملايين من الأطفال والنساء والرجال سيواجهون خطر الجوع والمرض والموت الجماعي. وتابع: "يقف العالم اليوم أمام خيار عصيب، وهو إما دعم الاستجابة الإنسانية في اليمن والمساعدة في إفساح مجال لتسوية سياسية مستدامة، أو متابعة رؤية اليمن وهو يسقط من حافة الهاوية".
وعلى صعيد متصل، كشفت العديد من التقارير الاخبارية، أن الأمم المتحدة منذ بداية العدوان على اليمن كانت منحازة بالكامل لدول العدوان نتيجة الهيمنة السعودية على القرار الاممي. ولفتت تلك التقارير، إلى أن الموقف الأممي تجاه العدوان على اليمن، لم يعد صامتاً بل بات متحاملاً على الضحية لمصلحة القاتل، مشيرة الى أن المال السعودي يستلب القرار الأممي الى حد كبير وهذا ورد على لسان الأمين العام السابق للأمم المتحدة "بانكي مون" الذي أزال السعودية من قائمة العار لانتهاكات الأطفال بعد تهديدات السعودية بوقف التمويل للسعودية وتمت ازالتها خلال أيام.
وأكدت تلك التقارير الاخبارية على أن الوضع العام وخصوصاً الوضع الصحي في اليمن ينذر بكارثة لا سيما مع تفشي وباء كورونا الذي تسببت دول العدوان بدخوله الى اليمن والان تساهم في انتشاره من خلال منعها كل الاحتياجات اللازمة لمواجهته واخرها ازمة الوقود التي تسببت الى الان بوقف جزئي للكثير من المرافق الصحية التي هي في الاساس ضعيفة جدا وقليلة جدا نتيجة استهدافها بالغارات منذ بداية العدوان. وأشارت تلك التقارير إلى أن الشعب اليمني لم يظل مكتوف الأيدي تجاه حصاره والعدوان عليه، وإنما قام بالعديد من الانجازات العسكرية وتصعيد هجماته الصاروخية على القواعد العسكرية السعودية ومصافي النفط حتى يتوقف العدوان ويرتفع الحصار وتتحرر كل الاراضي اليمنية ويتوقف نهب الثروات اليمنية .
وهنا تجدر الإشارة إلى أنه لم يعد خافيا بعد مضي خمسة اعوام على عدوان تحالف الشر والاجرام الدولي أن الأمم المتحدة شريك في هذا التحالف الغاشم، وأن هذا التحالف استخدم الأمم المتحدة طبقا لما يتوافق مع مصلحته، من بداية العدوان وحتى اليوم وهو ايضا من كان وما زال يوجه تحركات المبعوثين الدوليين ويحدد خطوات سيرهم، ويملي عليهم ما يشاء في احاطتهم قبل اعلانهم لها في مجلس الامن.
وفي سياق متصل، نقلت بعض وسائل الاعلام عن مسؤول في حكومة صنعاء قوله، إن "الأمم المتحدة فشلت فشلا ذريعا في اليمن، وأن غيابها ساهم في استمرار الجرائم بحق شعبنا من قبل تحالف العدوان، وإننا لا نعّول على دور للأمم المتحدة في إيجاد حل للعدوان والحصار على اليمن". ولفت هذا المسؤول اليمني إلى أنه "عندما يُقصف اليمنيون بدم بارد لا نسمع من المبعوث إلا أنه متوتر وقلق، وفي عمليات مأرب نسمع إدانته ومواقفه الصارمة إلى جانب العدوان والمرتزقة". وأكد المسؤول اليمني، أن المال السعودي يؤثر علی قرارات الأمم المتحدة متهما إياها بالإنحياز لدول تحالف العدوان على اليمن.
وفي الختام، يمكن القول أن حكومة صنعاء لا يمكنها أن تعّول ابداً على الأمم المتحدة في تحقيق اي تقدم نحو السلام العادل ولن تعّول عليها في أي أمر في ظل الهيمنة الأمريكية والمال السعودي عليها والذي اخرجها تماما عن دائرة الاستقلال . وما استمرار قيادة صنعاء في مجاراة الأمم المتحدة إلا من باب التأكيد على حسن نواياها وعلى رغبتها الحقيقية في الوصول إلى السلام العادل والمشرف، وهو في ذات الوقت تأكيد على أن المواجهة والصمود هو خيارها الوحيد بدون السلام العادل وأن على تحالف العدوان والامم المتحدة أن يعلموا أن الإستسلام غير وارد ولا وجود له في كل قواميسها أياً كانت النتائج التي تتمخض عن هذا الموقف الاساسي والمبدئي لليمنيين قيادة وشعباً .