الوقت- يواجه لبنان العديد من المشكلات الاقتصادية، بما في ذلك ارتفاع أسعار الخبز والصفوف الطويلة أمام المخابز، وزيادة عدد العاطلين عن العمل إلى 550 ألف شخص، وانخفاض قيمة العملة الوطنية اللبنانية، وانقطاع التيار الكهربائي وإغلاق الشركات.
ومن خلال دراسة المزاعم الأخيرة للسفيرة الأمريكية في بيروت "دوروثي شيا" بأن أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله يهدد استقرار هذا البلد، وأن حزب الله يعرقل حل الأزمة الاقتصادية في لبنان، وكذلك تصريحات وزير الخارجية الأمريکية "مايك بومبيو" الذي هدد فيها بأن العقوبات ستفرض علی لبنان إذا قرر شراء النفط من إيران، فإن مصدر المشكلات في لبنان يتضح لنا جليّاً.
حيث يمكن القول على وجه اليقين إن السبب الرئيس لهذه المشكلات، هو الأعمال الاستفزازية والمؤامرات التي تقوم بها أمريكا والکيان الصهيوني والسعودية ضد لبنان، للتدخل في الشؤون الداخلية لهذا البلد، الأمر الذي يتعارض بوضوح مع الموازين الدولية، بما في ذلك اتفاقية فيينا.
حتى إن صندوق النقد الدولي، الذي عليه واجب الاستجابة لطلبات البلدان للمساعدة في مثل هذه الظروف، رفض حتى الآن مساعدة لبنان، وبالطبع من الواضح أن مسؤولي صندوق النقد الدولي يتصرفون وفق رغبات أمريكا والکيان الصهيوني، ولذلك في هذه الظروف التي يهدفون فيها إلى تأزيم الأوضاع في لبنان، فلا يمكن للمرء أن يتوقع شيئاً من هذا الصندوق.
أحد أهداف أمريكا والکيان الصهيوني من تأسيس تنظيم داعش الإرهابي، کان مواجهة حزب الله، حيث کانوا يريدون إزالة المقاومة من المنطقة، لكن المقاومة هي التي أبعدتهم وحققت انتصارات كبيرة.
لقد احتل الجيش الإسرائيلي جنوب لبنان عام 1982، ونجحت المقاومة الإسلامية أخيرًا في إجبار هذا الجيش المدعوم من أمريكا والنظام السعودي على الفرار من لبنان في 25 مايو 2000.
وهكذا، تم إغلاق ملف هذا الاحتلال الذي دام 18 عامًا لجنوب لبنان، وقد أدى هذا الانتصار إلى اندلاع انتفاضة الأقصى واستمرارها لمدة 5 سنوات، ما أعطى الفلسطينيين فرصةً لمواجهة الصهاينة، الأمر الذي أدى في النهاية إلى هزيمة الکيان الإسرائيلي في حرب غزة عام 2005.
وجاء انتصار المقاومة في حرب تموز 2006 بينما كان أحد أهداف الکيان المحتل السيطرة على مدينة "بنت جبيل" ورفع علمه في هذه المنطقة، من خلال عملية عرفت باسم "خيوط الفولاذ". وفي عام 2012 أيضًا، منعت المقاومة الجماعات الإرهابية من السيطرة على الحدود اللبنانية السورية.
کما أدت عمليات الجيش السوري والمقاومة اللبنانية في جبهة "القلمون" ونجاح مقاتلي المقاومة في تحرير تلة مهمة في منطقة "عرسال" بالقرب من الحدود اللبنانية السورية، إلى هروب داعش أمام مقاتلي حزب الله.
حالياً، وبعد أن واجه الکيان الصهيوني هزائم متتالية في المعركة ضد حزب الله في لبنان، على الرغم من المساعدات المالية والعسكرية من أمريكا وحلفائها مثل السعودية، وبينما تشکل شعبية حزب الله داخل لبنان عاملاً آخر لم يتمكن الکيان من مواجهته، فقد لجأ إلی العقوبات الاقتصادية عبر أمريكا، ويحاول زيادة الضغط على الشعب اللبناني من خلال حصار لبنان، لکن السيد حسن نصرالله قدم في خطابه الأخير للشعب اللبناني حلاً واضحاً لمواجهة هذه المؤامرات.
حيث اعتبر الأمين العام لحزب الله أن السبيل الوحيد للتعامل مع التهديدات الأخيرة ضد لبنان، هو الحل الذي تبنّته إيران، ودعا الشعب اللبناني إلى إحياء القطاعين الصناعي والزراعي.
وشدد في خطابه على أن النموذج الاقتصادي الإيراني، مکَّن طهران من مقاومة عقوبات واسعة النطاق لمدة 40 عامًا. وأضاف السيد حسن نصر الله في جزء آخر من خطابه: عندما نأكل ما نزرع ونلبس ما نصنع، سنكون شعباً ذا سيادة. ومن المناسب أن يكون هذا اليوم هو يوم إعلان الجهاد والمقاومة والتقدم في مجالي الزراعة والصناعة.
وفي هذه الظروف، حيث بذل حزب الله اللبناني جهودًا كبيرةً دائمًا لتحسين أوضاع الشعب اللبناني، فإن فرض عقوبات على حزب الله من قبل الولايات المتحدة وتجميد أصوله في الاتحاد الأوروبي، من أجل مواجهة نفوذه، کان له تأثيره أيضاً.
من المؤکد في مثل هذه الظروف، أن تجنب أي خلافات داخلية بين التيارات اللبنانية، ومواجهة التهديد والترهيب الأمريكي، والاعتماد على القوة المحلية، وتقوية قطاع الإنتاج بدلاً من الاستهلاك والواردات، وتعزيز جبهة المقاومة، يمكن أن يكون طريقاً ناجعاً جدًا للخروج من هذه الأزمات وإفشال خطط أمريكا وحلفائها.