الوقت- أثار اجتماع ولي العهد السعودي، الأمير "محمد بن سلمان"، مع قادة المؤسسة العسكرية السعودية، الجدل في توقيت وظروف انعقاده، بمشاركة نائب وزير الدفاع الأمير "خالد بن سلمان"، بالإضافة إلى قادة الجيش السعودي، والمؤسسة العسكرية، عبر اتصال بالفيديو، حيث هنأ بن سلمان منسوبي وزارة الدفاع بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك، موضحاً أنَّ الظروف السيئة التي تمر بها المملكة العربية السعودية ستزول وأنَّ البلاد مقبلة على خير، وفق ماذكر.
كواليس الاجتماع
لم تظهر وسائل الإعلام إلا الجزء اليسير من اجتماع محمد بن سلمان مع قادة المؤسسة العسكرية، لكنها كشفت بوضوح حجم التوتر والأرق الذي يعاني منه ولي العهد، خاصة بعد الحملة الممنهجة التي قادها ضد أمراء كبار في العائلة الحاكمة، بينهم شقيق العاهل السعودي الأمير "أحمد بن عبد العزيز"، وولي العهد السابق "محمد بن نايف".
وإن من أبرز الأسباب التي دفعت محمد بن سلمان لاعتقال الأمراء هو خوفه الكبير من أن يسحب البساط من تحته كما يقال، بعد ما كشفته تقارير إعلامية عن وجود محاولات انقلاب من قِبل بعض قيادات داخل المؤسسة العسكرية، وهذا ما أكدته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، حيث ذكرت أنَّ الاعتقالات جرت في صفوف ضباط بوزارتي الدفاع والداخلية في السعودية، بتهمة محاولة انقلاب في البلاد، وعلى ما يبدو أنَّ هذا الاجتماع يرتبط ارتباطاً وثيقاً بهذا الحدث.
وفي هذا الصدد، تعد الشخصيات المعتقلة من أبرز الشخصيات التي ترتبطها علاقات قوية مع المؤسستين العسكرية والأمنية بحكم توليهما في السابق مناصب حكومية رفيعة في وزارة الداخلية، التي تتحكم في مفاصل البلاد بشكل كامل، فيما تم في وقت سابق استدعاء والد وزير الداخلية السعودي الحالي "سعود بن نايف"، للتحقيق معه بالديوان الملكي السعودي.
وبالعودة إلى الاجتماع يحاول ولي العهد السعودي ضبط إيقاع المؤسسة العسكرية لما تشكله من تهديد لوجوده في حال نجاح أي خطة من أعداءه الكثر فيها، وبذلك ينهي محمد بن سلمان وفق اعتقاده، أي تحرك ضده داخل الأسرة الحاكمة في السعودية، بعد الزج بالأميرين البارزين "أحمد بن عبد العزيز" و "محمد بن نايف" في السجن، واللّذان ربما يواجهان عقوبة الإعدام أو السجن مدى الحياة، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
ومن الجدير بالذكر أنَّ السلطات السعودية احتجزت عشرات الأمراء وكبار المسؤولين والوزراء الحاليين والسابقين والمسؤولين ورجال الأعمال؛ في فندق "ريتز كارلتون " في العاصمة، في نوفمبر عام 2017، وكان من بين الموقوفين وزير الحرس الوطني المُقال الأمير "متعب بن عبد الله"، نجل الملك الراحل عبد الله، وشقيقه أمير الرياض السابق "تركي بن عبد الله"، والأمير الملياردير "الوليد بن طلال"، والأمير "فهد بن عبد الله بن محمد" نائب قائد القوات الجوية السابق.
خطر داهم
لا يخفى على أحد حجم الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها المملكة العربية السعودية هذه الأيام، بالإضافة إلى الانتهاكات الممنهجة والخطرة لحقوق الإنسان، كذلك الاحتقان الداخلي المخيف في الأسرة الحاكمة، يضع أحلام المملكة وحكامها على كف عفريت، حيث أنَّ ميزانية السعودية تحتاج أن يصبح سعر البرميل الواحد من النفط بما لا يقل عن 85 دولارا حتى يتحقق توازنها، بالإضافة إلى الخسائر الفادحة بعد إجراءات تعليق الحج والعمرة، والتي تشكل أحد المصادر الهامة لميزانية الدولة، ما دفع الرياض إلى الإعلان عن حاجتها لاقتراض ما لا يقل عن 58 مليار دولار، فيما يتوقع خبراء أن يصل عجز الموازنة السعودية إلى 112 مليار دولار خلال هذا العام.
وبالتزامن مع اجتماع ولي العهد السعودي مع قادة المؤسسة العسكرية، أعلنت وزارة الصحة السعودية عن تسجيل 2399 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد، توزعت في مختلف المحافظات والمدن السعودية، وأشارت الوزارة إلى أنَّ إجمالي عدد الإصابات في المملكة بلغ 72,560 حالة، وتم تسجيل 11 حالة وفاة في اليوم المنصرم ليصل الإجمالي إلى 390 وفاة.
خلاصة القول، وبناء على المعطيات الحالية، لن يفلح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في تعديل الأجواء المعكرة التي تعيشها بلاد الحرمين بهذه السهولة، في خضم الأوضاع السياسية والاقتصادية الصعبة، بالتزامن مع اتساع دائرة عداوته داخل العائلة الحاكمة وخارجها، وليس غريباً بعد فترة أن يبقى بن سلمان وحيداً في المؤسسة العسكرية، ويحكمها بشخصه فقط، من شدة زعره.