الوقت- خرج السيد حسن نصر الله في ذكرى استشهاد الإمام علي عليه السلام واضحًا وصريحًا، وضع النقاط على الحروف، وأرسل رسائله إلى الجميع أن لا تقلقوا ونحن باقون هنا ما بقي الزيتون، وأن انتصار إيران وسوريا وحزب الله خلال السنوات الماضية شكّل حالة من الصدمة لدى دول المحور المُقابل، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، فكيف وبعد كل تلك الضغوط التي مورست على محور المُقاومة استطاع أعضاء هذا المحور الصمود، بل والانتصار في أغلب المواقع.
وحمل خطاب السيد نصر الله العديد من الرسائل الداخلية والخارجية وما يخص كافة دول المحور، ومن أبرز هذه الرسائل:
إيران ومعركة النفوذ
ربما وكما يقول المثل إنّ "خير الكلام ما قلَّ ودل" وانطلاقًا من هذا المثل لخّص السيد نصر الله العلاقة الإيرانية الروسية في سوريا بأنّها علاقة تكاملية، وليست صراعًا على النفوذ، وكانت رسالته هذه ردًّا على كافة الإشاعات التي لاقت طريقًا لنشرها في بعض المواقع أو الصحف الروسية المغمورة، أو تلك التي تواتر انتقالها على مواقع التواصل الاجتماعي من أنّ روسيا تسعى مع إسرائيل لإخراج طهران من سوريا.
وقال السيد نصر الله إنّ إيران لم تهدف أبدًا للبقاء في سوريا، فهي بالأساس لا تمتلك جنودًا في سوريا ليبقوا هناك، وكلّ ما في الأمر هو عبارة عن بعض المُستشارين الذين كانوا يتواجدون منذ ما قبل العام 2010، وبعد اشتداد الأوضاع في سوريا باتوا يقدمون المشورة والمساعدة في إدارة قوّات المقاومة السورية أو العربية أو الإسلامية، والتنسيق فيما بين هذه الحركات المقاوِمَة وتنسيق عمليات الدعم اللوجستي التي تقدمها وزارة الدفاع الإيرانية لنظيرتها السورية، وهنا يظهر جليًّا أنّ إيران لا تمتلك جنودًا يُقاتلون على الأرض كما يدعي البعض، ولو كانت تُريد ذلك لما استطاع أحدٌ منعها، فالوجود الإيراني في سوريا كان بطلبٍ من الحكومة والشعب السوري.
إذن، فإيران لا تُزاحم روسيا في سوريا، ولا روسيا تُزاحم إيران، فالعلاقة بين الحليفين أكبر مما ذهب له بعض السياسيين أو المُحللين الذي ألمحوا كثيرًا إلى "توتر العلاقات" الروسية الإيرانية في سوريا، ويبدو من كلام السيد نصر الله أنّ كل تلك التحليلات ليست أكثر من حربٍ نفسيّة يُحاول البعض ممارستها، لغاية بث الفرقة بين الحلفاء بعد أن لاحت تباشير النصر، فإيران لا تمتلك أيّة مصالح أو منافع يمكن أن تتنافس عليها مع روسيا في سوريا، والعكس صحيح.
سوريا.. وانتهت المعركة
"سوريا نجت من التقسيم وانتصرت، وهدف الحرب الكونية التي أنفق فيها مئات مليارات من حساب عربي، لكن سوريا بصمودها ووجود وثبات الحلفاء استطاعت أن تنتصر"، بهذه الكلمات لخّص السيد نصر الله حرب طاحنة استمرّت تسعة أعوام، فسوريا اليوم لم تعد سوريا المُصابة التي كان يتقاذفها الذئاب، صحيح أنّه ما يزال بعض المعارك الصغيرة هنا وهناك للقضاء على بقايا فلول المسلحين، غير أنّ عجلة الإصلاح بدأت بالدوران.
وأراد السيد نصر الله من رسلته هذه التأكيد للسوريين وللآخرين على أن الحرب في سوريا ستنتهي قريبًا وأنّ كافة المؤامرات التي حيكت طيلة السنوات الماضية لا يمكن أن تستمر إلى الأبد، صحيح أنّه تم إعادة سوريا عشرات السنوات إلى الخلف، لكنها ستنهض وتعود إلى دورها الريادي لذا لجأت أمريكا والدول المُتحالفة معها إلى "الضغوط والعلاقات الدولية والترهيب والترغيب"، مؤكدًا أنّ "المعركة السياسية لا تقل ضراوة عن العسكرية وفي بعض الأحيان هي أخطر، سوريا ما زالت تخوض الحرب السياسية وتواجه الضغوط التي فشلت في تحقيق أهدافها".
وأخيرًا؛ فمن خلال الرسائل التي وجهها السيد نصر الله خلال إطلالته الأخيرة فقد أكد على الارتباط العضوي بين دول وحركات المقاومة في المنطقة، وأنّ فناء إحدى هذه القوى أو الحركات من شأنّه أن يؤثر على البقيّة، كما أنّ ازدهار إحداها حتمًا سيؤثر إيجابًا على بقيّة الدول والحركات، ولذلك فقد أكد السيد نصر الله على ضرورة انفتاح لبنان على سوريا وعلى العراق في هذه المرحلة الصعبة التي يمرُّ بها لبنان، كون البلدين يُشكلان العمق الاستراتيجي للبنان، ومن ناحيةٍ أخرى فإنّ سوريا تُشكل المعبر البري الوحيد للبنان، ولهذا السبب ينبغي على اللبنانيين إعادة النظر في تحالفاتهم السياسية السابقة دون انتظار أن يقوم الآخرون بنجدتهم، خصوصًا بعد الذي رأيناه خلال المظاهرات اللبنانية وتخلي العالم أجمعه عن لبنان واللبنانيين.