الوقت-دعت السفارة الأمريكية في بيروت، القائمين بأعمال الشغب الذين أشعلوا النار في عدة بنوك في لبنان لوقف أعمال الشغب. ويبدو أن هذا الطلب يعرب عن قلق السفارة إزاء الكشف عن دور الولايات المتحدة في أعمال الشغب. وفي السياق ذاته، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية، عن دعمها لمشروع الإصلاح الذي أطلقه رئيس الوزراء اللبناني حسن دياب لمكافحة الفساد، وصرحت أنها ستساعد البلاد لتلقي قروض من صندوق النقد الدولي.
وفي هذه الأثناء، بدأت جولة جديدة من أعمال الشغب الممنهجة قبل نحو أسبوعين، وذلك بعد وقت قصير من زيارة السفير الأمريكي في بيروت لوليد جنبلاط على الرغم من وجود بروتوكولات تنص على منع عقد اللقاءات بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، وبدوره قام جنبلاط بلقاء سمير جعجع في حين عاد سعد الحريري فجأة إلى بيروت من باريس بعد ثلاثة أشهر ليكمل الضلع الثالث من تحالف 14 آذار.
والسؤال هو، ما هي العوامل التي دفعت سفارة الولايات المتحدة، على الأقل في مواقفها المعلنة، الى تغيير موقفها ومطالبتها بوقف أعمال الشغب والاضطراب، التي كان لها دور في اندلاعها؟
يبدو أن العامل الأول هو أن السفارة الأمريكية نفسها أدركت أن مشروع بث الفوضى في لبنان لن ينجح هذه المرة لأن الوعي العام حول خلفيات وكواليس أعمال الشغب قد ازداد، بعبارة أخرى، أصبح مثيروا الشغب وداعميهم مكشوفين ومعروفين للشعب اللبناني.
ثانياً، يمكن القول أن الحكومة اللبنانية وقواتها الأمنية مستعدة جيداً للتعامل مع هذه الأعمال، وبالاضافة الى ذلك، إزدادت شرعية حكومة حسن دياب بعد احتواء فيروس كورونا، على الرغم من جميع أنواع الضغوط وأوجه القصور جراء الضغوط والعقوبات الأمريكية. أما العامل الثالث المؤثر في هذا الصدد يعود الى الدور الاستفزازي للكيان الصهيوني ورد حزب الله الحازم عليهم.
قبل حوالي أسبوعين، عندما كان السفير الأمريكي في بيروت منشغلا بدفع ائتلاف 14 آذار لتنفيذ جولة جديدة من أعمال الشغب، كان نتنياهو بحاجة إلى خلق أزمة خارج الحدود لخلق حالة الطوارئ، نظرا إلى قرب إنتهاء موعد الإعلان عن رئيس الوزراء الجديد، لذلك نفذ السفير الأمريكي في بيروت وأفراد ائتلاف 14 مارس عملية اغتيال فاشلة لأربعة من أعضاء حزب الله اللبناني على الحدود السورية وتوقع نتنياهو ورفاقه أن رد حزب الله العسكري على محاولة الإغتيال ستحقق له غايته المتمثلة في خلق حرب محدودة وقصيرة.
ومع ذلك، امتنع حزب الله بعد دراسة الأوضاع وتقييمها، عن الرد العسكري، ولكن في خطوة مبتكرة وغير مسبوقة، خلق بعض الثغرات في الجدار الحدودي الإسرائيلي، على الرغم من استخدام اسرائيل أنظمة ذكية على حدودها، وأرسل رسالة إلى الكيان مفادها أن في حال إندلاع أي حرب، ستكون نتيجة تلك الحرب دخول الأراضي الفلسطينية المحتلة. لذلك تلقت السفارة الأمريكية في بيروت، التي تعمل نيابة عن الكيان الصهيوني، هذه الرسالة.
وأخيرًا، يعتمد العامل الرابع على موقف حكومة حسن دياب تجاه أعمال الشغب الجديدة، لذلك، بدلاً من أن ينتظر هجوم ائتلاف 14 مارس عليه، بدأ فضح الفساد المالي والاقتصادي لائتلاف 14 مارس. وفي أول خطوة له، كشف دياب شخصياً عن تحويل أكثر من 7 مليارات دولار من بنوك البلاد الى الخارج في الأشهر الأخيرة، بينما بموجب مرسوم حكومي، لا يُسمح للأفراد بسحب أكثر من 200 دولار من ودائعهم.
وبعد ذلك مباشرة، أعلنت كتلة "الوفاء للمقاومة" في البرلمان التي تمثل حزب الله، عن مشروع لمحاربة الفساد بين الحكومة، والتي دقت ناقوس الخطر لجناح 14 مارس وداعميهم الأميركيين، مما دفع السفارة الأمريكية إلى دعوة مثيري الشغب لوقف أعمالهم وهو إعلان عن وقف اطلاق نار سياسي خوفًا من فضح الفساد المالي لتحالف 14 مارس، والتي من المحتمل أن تكشف عن تورط الولايات المتحدة.