الوقت- مرةً أخری وجدت السعودية نفسها هدفاً للهجمات الصاروخية اليمنية والتي تکررت في العام الماضي.
في أحدث هجمات أنصار الله اليمنية في 28 مارس 202، تم استهداف عمق الأراضي السعودية. وفي هذا الصدد، قال المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية العميد "يحيى سريع": لقد نُفذت أكبر عملية عسكرية لليمن في عمق السعودية الليلة الماضية. وبحسب قوله، فقد استُهدفت مناطق الرياض الحساسة بصواريخ "ذو الفقار" وعدد من طائرات صماد 3 المسيرة.
في مواجهة هذا الهجوم الکبير، زعمت القوات المسلحة السعودية أنها أسقطت صاروخين في جنوب البلاد، ولكن كما في الماضي قام المسؤولون السعوديون بممارسة رقابة إخبارية شديدة، ولم يبلغوا شيئاً عن تفاصيل الأضرار المحتملة.
بالإضافة إلى ذلك، وبحسب مصادر محلية، هاجمت طائرات التحالف السعودي مديرية "الجميمة" في "بني حشيش" و"حرض" في محافظة حجة، وهو ما يمكن اعتباره إجراءً انتقامياً.
مع ذلك، السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو، ما هي الأهداف التي تسعی أنصار الله لتحقيقها عبر استمرار الهجمات في عمق السعودية، وخاصةً العاصمة الرياض؟ وما هي التغييرات التي ستحدثها على المعادلات المستقبلية؟
أهداف أنصار الله من استمرار الضربات الصاروخية
واحدة من أهم المعادلات في زمن الحرب بين لاعبين اثنين، هي أن الاستراتيجية الدفاعية ومحاولة الدفاع ضد هجمات الطرف الآخر، ليس فقط لا يمكن أن تؤدي إلى النصر، بل على المدى الطويل سيؤدي أيضًا إلى هزيمة اللاعبين بشکل مؤکد.
في بداية إعلان الحرب من قبل التحالف العربي بقيادة السعودية في 25 مارس 2015، كان الميدان ساحةً للهجمات السعودية الأحادية، بسبب ارتباك الأوضاع في اليمن وخاصةً انهيار هيكل الجيش، ورأت الرياض أنها يمكن أن تقود اليمن نحو سياساتها خلال فترة زمنية قصيرة، عبر هزيمة أنصار الله.
ولكن مع مرور الوقت، وجهود أنصار الله لتطوير القوة الدفاعية في مجال المعدات المحلية منخفضة التكلفة والفعالة، والتي بدأت بالهندسة العكسية للصواريخ السوفيتية القديمة، وتزايد مدی الصواريخ وقوتها المدمرة تدريجياً، غيرت أنصار الله بذكاء استراتيجيتها الحربية وخرجت من النهج الدفاعي ضد الضربات الجوية السعودية، ووضعت على جدول أعمالها الرد المتبادل وإلحاق الضربات المؤلمة بالركائز الاقتصادية والعسكرية للمعتدين.
في الواقع، أظهرت قوات أنصار الله مدى ضعف السعوديين في العامين الماضيين، من خلال شن ضربات صاروخية في عمق الأراضي السعودية واستهداف منشآت أرامكو النفطية.
في الحقيقة، يمكن تحديد ثلاثة أهداف رئيسة على أنها دوافع أنصار الله لشن ضربات صاروخية في عمق الأراضي السعودية:
أولاً: يريد الشعب اليمني من خلال تغيير المعادلات الميدانية وإظهار قوته الهجومية، إفشال ضغوط التحالف العربي ومرتزقته في احتلال البلاد.
وفي المستوى الثاني، إظهار قدرات الجيش اليمني المتزايدة في ظل استمرار الحصار اللاإنساني، لمهاجمة المراكز العسكرية والاقتصادية السعودية کأهداف مشروعة، لإجبار الرياض على رفع الحصار وإنهاء العدوان والجريمة ضد الشعب اليمني.
أما الهدف الثالث لأنصار الله، فهو سوق معادلات الأزمة اليمنية نحو نوع من التسوية السياسية.
في الواقع، كان السلام أو النتائج السياسية الكبيرة، تخرج دائمًا من رحم الصراعات الكبيرة. واستراتيجية اليمن العسكرية الهجومية ضد السعودية، لم تزد فقط من نطاق الحرب في معادلات اليمن الميدانية، ولكنها دفعت أيضًا جميع اللاعبين إلى الجلوس بطريقة ما على طاولة المفاوضات. وفي الحقيقة، كلما نجحت هجمات أنصار الله ضد السعودية، زادت رغبة الأخيرة في التسوية السياسية.
ضعف السعودية الدفاعي ومستقبل التطورات اليمنية
لقد زعمت الحكومة السعودية خلال الهجمات الأخيرة أنها أسقطت الصواريخ اليمنية. ويأتي هذا الادعاء في وقت تم تكراره عدة مرات من قبل، ولكن كارثة فشل نظام الدفاع الصاروخي "باتريوت" خلال الهجوم بالطائرات من دون طيار على منشأة أرامكو، أظهرت مدى الادعاءات الكاذبة التي يدلي بها المسؤولون العسكريون والسياسيون السعوديون.
في الوضع الحالي، يدرك المسؤولون السعوديون بوضوح أنهم لا يستطيعون مقاومة الهجمات بالطائرات المسيرة والصواريخ التي يطلقها أنصار الله، وأي هجوم مضاد مستحيل وغير فعّال بسبب الضعف الكبير في منشآتها الدفاعية؛ لذا، في المستقبل غير البعيد، سنرى معادلات اليمن تتجه نحو التسوية السياسية والمفاوضات بين الأطراف المعنية.
في هذه الأثناء، مهما کان مصير اليمن ولكن ما هو واضح الآن لجميع المراقبين، هو أن التحالف العربي المنهار بقيادة الرياض لا يمكنه هزيمة قوات أنصار الله والحكومة الوطنية اليمنية، والمبادرة هي بيد صنعاء.