الوقت- عندما أعرب "آريه جوت" المستشار الصهيوني للشؤون الثقافية في جمهورية أذربيجان ورئيس "مركز باكو الدولي للتعددية الثقافية" في فلسطين المحتلة، عن قلقه وحذَّر من تنظيم مراسم التأبين لاستشهاد الفريق الحاج "قاسم سليماني" في مساجد جمهورية أذربيجان،كان من الواضح أن هذا القلق سيكون له عواقب وخيمة على جمهورية أذربيجان.
كما تحدث رئيس وفد "مركز باكو الدولي للتعددية الثقافية" في فلسطين المحتلة، عن حساسية إيران للعلاقات بين جمهورية أذربيجان والکيان الصهيوني، وقال: "لقد كان النظام الإيراني دائماً يشعر بالغيرة والحساسية من العلاقات الأذربيجانية الإسرائيلية، ولكن في نفس الوقت، تدرك طهران أنها لا تستطيع التدخل في العلاقات الودية بين أذربيجان وإسرائيل. إن العلاقات الأذربيجانية الإسرائيلية تتوسع عاماً بعد عام في المجالات السياسية والاقتصادية والإنسانية وغيرها. وبلغت قيمة التداول بين الجانبين 3 مليارات دولار في العام. ويعيش أكثر من 70 ألف أذربيجاني في إسرائيل اليوم، وهم يعززون الجسور البشرية بين أذربيجان وإسرائيل".
وخلال هذه الفترة، حاول أصحاب النفوذ والسلطة في باكو تخليص المستشارين الصهاينة من قلقهم بطرق مختلفة. ومن جملة ذلك، قامت المراكز الصهيونية في جمهورية أذربيجان ولأول مرة هذا العام، بإرسال رئيسها "أوكتاي سيدوف" إلى جمهورية أذربيجان لحضور حفل "المحرقة"، لتثبت أنه يجب على الصهاينة ألا يقلقوا بشأن جمهورية أذربيجان.
کذلك في خطوة غريبة، تم تشكيل ممثلية لـ"منظمة تحرير كاراباخ" في فلسطين المحتلة، لإظهار أن أتباع الصهيونية مستعدون حتى للتضحية بآمال مثل كاراباخ عند أقدام أسيادهم الصهاينة.
من ناحية أخرى، على مدى الشهرين الماضيين بدأت موجة جديدة من الضغط والقمع ضد النشطاء الشيعة في جمهورية أذربيجان. حيث زج برجال الدين في الحبس الانفرادي بذرائع واهية، وتعرض الشباب المتدين ومدافعو الحرم بمن فيهم "يونس صفروف" و"ألوين نظروف" و"ألغون زاهدوف" للتعذيب الوحشي في سجون جمهورية أذربيجان، وتعيش عائلاتهم في حالة نفسية شديدة.
کما عملت جميع شبكات التلفزيون ووسائل الإعلام الرئيسية في جمهورية أذربيجان وبشكل غير مسبوق، في بداية مهمة "جورج ديك" السفير الجديد للکيان الإسرائيلي في باكو، على نشر هجماته الدبلوماسية ضد جمهورية إيران الإسلامية ومحور المقاومة، بذريعة تغطية المؤتمر الصحفي الأول للسفير الصهيوني الجديد في باكو، وهو الأمر الذي لا يتوفر لأي سفير آخر في باكو.
في نفس الفترة، تم تأسيس أول متحف يهودي في مدينة "قوبا" شمال أذربيجان، وفي واحدة من الحالات الأخيرة لجهود باكو لمعالجة المخاوف الصهيونية من إحياء الإسلام المحمدي الأصيل في المجتمع الأذربيجاني، كان إرسال وزير المالية "سامر شريفوف" إلى الاجتماع السنوي لـ "أيباك" في الولايات المتحدة، لقراءة رسالة "مهريبان علييفا" زوجة رئيس الجمهورية ونائبته تضامنًا مع قادة الحركة الصهيونية، وبحسب "إيلين سليمانوف" سفير أذربيجان لدى الولايات المتحدة، فإن ذلك يشير إلی أن "حضور عضو في مجلس الوزراء في إيباك والتحدث مع الجالية اليهودية له أهمية کبيرة، ويعكس المستوى العالي للعلاقات ولا يوجد سبب لإخفاء هذه العلاقات"!
وفي مثل هذا الجو من التعبير عن التضامن مع التيار الصهيوني والکيان الإسرائيلي، أعلن مكتب المدعي العام في باكو عن اعتقال نائب زعيم الحزب الإسلامي الأذربيجاني "الحاج إلهام علييف" بتهمة "خيانة الوطن".
لا يوجد سبب ملموس وحقيقي لهذه الاتهامات الخطيرة ضد الحاج إلهام علييف في البيان الرسمي لحكومة جمهورية أذربيجان. حيث أنه وعلى حد تعبير الحاج "إيلقار إبراهيم أوغلو" زعيم المجتمع الديني في باكو، إن "الحاج إلهام علييف زعيم الحزب الإسلامي، هو واحد من رجال الدين الأكثر ورعاً وضميراً وعلماً في جمهورية أذربيجان، وهو أستاذ الأخلاق والابن القيم للوطن بکل ما لهذه الکلمة من معنی".
إن اعتقال وفتح لائحة اتهام كبيرة، مثل خيانة الوطن، لشخص مثل الحاج إلهام علييف، يظهر أن جمهورية أذربيجان قد حوَّلت اعتقال جميع قادة الحزب الإسلامي إلی "تقليد محبوب لدی الصهاينة"، ولا تنوي إنهاء هذا التقليد الصهيوني المشؤوم.
وهذا التقليد والممارسة حيال قادة ونشطاء حزب أذربيجان الإسلامي، هما النتيجة المحتومة لسياسة "إزالة مخاف الصهاينة"، وليس لهما أي مبرر عقلاني.
ومن المفارقة، أن اعتقال زعيم الحزب الإسلامي الحاج الهام علييف هذه المرة، تزامن مع ذكرى رحيل الحاج "علي إكرام نارداراني" مؤسس الحزب الإسلامي في 17 مارس، ويرمز إلى أن طريق الحرية والجهاد والسجن والاستشهاد لإحياء الإسلام المحمدي الأصيل في جمهورية أذربيجان، والذي کان الحاج علي إكرام رائداً فيه وأمضی سنوات عديدة من حياته في السجن وتوفي في النهاية في هذا الطريق، لا يزال بحاجة إلى الکثير من التضحيات، والناس المضطهدون في جمهورية أذربيجان لديهم العديد من هؤلاء المضحين.
هذا الشعب المظلوم الذي قدم الکثير من التضحيات خلال سبعين عاماً من الاضطهاد وإلحاد النظام الشيوعي، وضحى بعشرات الآلاف من رجال الدين للحفاظ على الإسلام، وخلال ثلاث عقود منذ سقوط الشيوعية أيضاً ومن أجل إحياء الإسلام ومواجهة سياسات التيارات الغربية والصهيونية لتغيير الهوية الإسلامية وسيطرة الهويات المزيفة تحت عنوان "الشعب المتساهل والمتعدد الثقافات"، قدم التضحيات الجسام وتعرض من کل حدب وصوب للهجمات ومؤامرات أتباع الصهاينة والقومية التركية وأتباع الغرب وعبدة الشيطان والإنجيليين الأمريكيين.
نفس هؤلاء الذين على الرغم من مزاعم الديمقراطية والانتخابات الحرة، ضحوا حتى بالأحزاب الغربية الهوی مثل "رئال" و"الجبهة الشعبية" وغيرهما، على مسرح الإصلاحات ومهزلة انتخابات 9 فبراير 2020، مقابل آلة التزوير لحزب أذربيجان الجديدة الحاكم، والآن بعد أن أدى هذا العرض المشين إلى فترة جديدة من الالتهاب السياسي في جمهورية أذربيجان، يحاولون استعراض القوة من خلال اعتقال وتعذيب الإسلاميين الناشطين في جمهورية أذربيجان، للتغلب على هذا الالتهاب السياسي.
لكن رد فعل المجتمع على اعتقال الحاج إلهام علييف، يظهر أن الطريق الذي فتحه "أبوذر القوقاز" للجهاد من أجل إحياء الإسلام في جمهورية أذربيجان، يجذب قادةً جدد سيصمدون أمام أذناب الصهيونية بمزيد من الشجاعة والشهامة والصراحة.