الوقت- حاول كيان العدو الاسرائيلي خلال الجولة التصعيدية الأخيرة مع فصائل المقاومة الفلسطينية تغيير معادلة الردع لصالحه، هذه المعادلة التي فرضتها المقاومة وكبّلت وقيّدت قوة جيش الاحتلال ومنعته من فرض قواعده في الميدان، وبالفعل نجحت المقاومة مرة جديدة في تثبيت هذه المعادلة والحاق الهزيمة بالعدو الصهيوني الذي كان يحاول عزل غزة ونزع سلاح المقاومة وتحقيق انتصار قبيل بدء الانتخابات الاسرائيلية، ولكن جاءت النتائج مخيبة للصهاينة الذين اضطروا لإعادة فتح معابر قطاع غزة، وتوسيع مساحة الصيد إلى 15 ميلاً بحرياً بعد يومي الإغلاق نتيجة جولة التصعيد الأخيرة، وتقرر العودة إلى العمل عند معبري بيت حانون وكرم أبو سالم ابتداء من الساعة الرابعة من صباح يوم الخميس الماضي.
في المقابل انشغل الاعلام الاسرائيلي بالمواجهات في قطاع غزة ومعادلة الردع التي ارستها المقاومة الفلسطينية وتداعياتها على حكومة نتنياهو وما احدثته من ضجة في الاروقة السياسية الاسرائيلية على خلفية ربطها بمأزق الكيان وعجزه عن احتواء قدرات المقاومة.
حاليا "اسرائيل" محتارة ومرتبكة فهي لم تستطيع شيء في خيار التسوية ولا في خيار الحرب وارتكابها المجازر ولم تعد "اسرائيل" بالعقلية التي كنا نعرفها بها فهي لم تعد تخطط وتستطيع ان تحقق نجاها فهذه المسألة انتهت.
ومجدّداً تفشل الحكومة الصهيونية في تحقيق أهدافها، وتنجح المقاومة في تكريس معادلتها الردعية، من خلال الردّ القوي على العدوان بقصف المستعمرات الصهيونية في جنوب فلسطين المحتلة وتحويل حياة الصهاينة فيها إلى جحيم لا يُطاق.. وتهديد المقاومة بتوسيع دائرة القصف ليطول العمق الصهيوني في تل أبيب وغيرها من مناطق الاحتلال الحيوية والمركزية.. خصوصاً أنّ صواريخ المقاومة نجحت في شلّ الحياة في جميع المستعمرات الجنوبية من فلسطين المحتلة… ودفع المستوطنين إلى ملازمة الملاجئ.
خطاب السيد نخالة
خطاب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي القائد زياد النخالة حَمَلَ مضامين ورسائل سياسية وميدانية مهمة اراد أن يوصلها لجهاتٍ داخلية وخارجية في إطار مناهضة صفقة القرن، واصفيْنِ الخطاب بـ"العميق" كونه يأتي في ظل الظروف الحساسة التي تتعرض لها القضية الفلسطينية.
وقال القائد النخالة في خطابه: "في غزة اليوم حيث تقف حركة الجهاد بمقاتليها الأبطال في سرايا القدس بجانب كل قوى المقاومة على خطوط النار الأولى، قد سجلتْ وتسجل كل يوم مفخرة جديدة. وخاضتْ حروبا كبيرة، ومواجهات بطولية مميزة، فرضتْ على العدو معادلات جديدة".
وأضاف: "غزة التي كانتْ مستباحة دوما، أصبحت اليوم ركناً أساسياً وجبهة يحسب حسابها في معادلات الحرب، وتصاغ لها نظريات وخطط قتالية".
وتابع: "غزة اليوم تحاصر العدو رغم فقرها، وغزة اليوم تفرض حقائق جديدة، وتكسر نظريات قديمة، وستبقى صامدة بكمْ ومنتصرة بكمْ، فلا تلتفتوا إلى المهزومين، ولا تلتفتوا إلى مروجي السلام الكاذب. ويجب ألّا نترك مسوقي الأوهام ليعبثوا بنا".
وضعت الجولة العسكرية معركة "بأس الصادقين" أوزارها بين "سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي" و(كيان العدو الصهيوني) في تمام الساعة الـ11:30 من مساء أمس بتوقيع نهائي حتى الدقائق الأخيرة من قيادة "الجهاد الإسلامي" ورجال "سرايا القدس"، لإيصال رسالة لكافة الأطراف التي دخلت كوساطات لوقف إطلاق النار أن الاحتلال هو من يتحمل تبعات "حماقاته" والتي بدأت بالتنكيل بجثمان الشهيد محمد الناعم، ليتبعها اقتراف جريمة في دمشق أدت لارتقاء شهيدين.
معادلة توازن الردع التي حاولت "سرايا القدس" ايصالها للاحتلال خلال هذه الجولة والتي تأتي قبل أيام عديدة من الانتخابات "الإسرائيلية"، قادتها وببراعة كبيرة، واستمرت في تكبيد الاحتلال مزيداً من الخسائر من خلال شل العديد من المرافق الحيوية، وايقاف حركة القطارات، وتعليق المدارس في كل مغتصبات غلاف قطاع غزة، دون أن تتكبد سرايا القدس خلال هذه الجولة أي خسائر بشرية، لتؤكد أن المعركة قادتها السرايا بحنكة ومناورة عالية.
معادلة توازن الردع "الرد بالرد" الذي أصرت ان تثبته "سرايا القدس" خلال الجولة الحالية كان هو القائم كون ان الجريمة البشعة التي اقترفها العدو شرق خانيونس وفقا للمحلل في الشأن "الإسرائيلي" عبد الرحمن شهاب كانت قاسية ومنحت المقاومة شرعية الرد على تلك الجريمة التي هزت العالم .
نتائج التصعيد الأخير
أولاً: تنامي مأزق حكومة العدو، في ظلّ انسداد الآفاق أمام خياراتها العسكرية، فالاستمرار في حرب الاستنزاف يدفع المستوطنين إلى مزيد من النقمة ضدّ حكومة نتنياهو، في حين أنّ الذهاب إلى خيار توسيع العدوان باجتياح قطاع غزة، ليس مضمون النتائج، عدا عن أنه قد يؤدّي إلى غرق جيش الاحتلال في حرب استنزاف من العيار الثقيل لما تملكه فصائل المقاومة من قدرات قتالية وعسكرية، وبالتالي احتمال كبير ان تجد حكومة نتنياهو نفسها أمام تكرار مشاهد ما تعرّض له الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان عام 2006، وتكون النتيجة هزيمة جديدة مدوية.. طبعاً هذا إلى جانب أنّ صواريخ المقاومة سوف تضرب العمق الصهيوني وتشلّ الحركة في الكيان الاحتلالي.
ثانياً: يمكن القول إنّ جولة المواجهة الجديدة، بين المقاومة في غزة وجيش الاحتلال الصهيوني، دلّلت على تجذّر خيار المقاومة، وتنامي قدرات المقاومين الردعية، وانحياز الشعب الفلسطيني بقوة إلى جانب المقاومة وتعزّز ثقته بقدرتها على الدفاع عنه وعن حقوقه الوطنية المشروعة، وأنه مستعدّ لتحمّل الخسائر، على عكس المستوطنين الصهاينة، الأمر الذي يشكل هزيمة كبرى لكلّ المخططات الصهيونية والرجعية العربية التي أرادت من فرض الحصار على قطاع غزة زيادة المعاناة لدى أبنائه ودفعهم إلى الانتفاضة ضدّ فصائل المقاومة، والانحياز إلى جانب خيار السلطة الفلسطينية بالقبول بالتخلي عن المقاومة وسلاحها.. على أنّ فشل هذه المخططات في هذه التوقيت بالذات، يوجه صفعة قوية لمشروع صفقة القرن الهادف إلى تصفية قضية فلسطين، وللأنظمة العربية الرجعية المتخاذلة التي تعمل على محاولة تسويق هذه الصفقة الاستسلامية، وتكريس الاحتلال الصهيوني لفلسطين والاعتراف بشرعية اغتصابه لحقوق الشعب الفلسطيني والأمة في أرض فلسطين.. لكن محاولات هذه الأنظمة ومعها الإمبريالية الأمريكية اصطدمت بإرادة المقاومة التي تزداد تجذراً وصلابة وقوّة وقدرة في الدفاع عن عروبة فلسطين، وحماية الحقوق المسلوبة والنضال من أجل استعادتها من المحتلين الصهاينة مهما طال الزمن.