الوقت- استعرض سماحة آية الله السيد علي خامنئي قائد الثورة الإسلامية المعظّم في لقاء مع الآلاف من قطاعات الشعب المختلفة صباح الأربعاء الماضي، بعض القضايا المحلية والخارجية. وكانت الخطة الأمريكية التي تدعی "صفقة القرن"، إحدى القضايا المهمّة التي أشار إليها سماحة القائد في هذا اللقاء.
وصف سماحته فحوی هذه الخطة بأنها نوع من اللعب بالكلمات، وأضاف في هذا الصدد: "يظن الأمريكيون أن خطتهم ستحقق النجاح ضد الشعب الفلسطيني من خلال إطلاق اسم كبير عليها، في حين أن إجراءهم هذا غبي وخبيث، وهذه القضية في غير مصلحتهم منذ بدايتها".
وبعبارة أفضل، بدلاً من أن يعتبر سماحته مضمون صفقة القرن سياسةً جديدةً، اعتبره كنوع من النرجسية الأمريكية، حيث يعتقد معظم المحللين الدوليين أن سبب مثل هذه السياسات السطحية يعود إلی شخصية ترامب النرجسية.
ولأن السياسة أمر عقلاني ويجب أن تتمتع بنوع من التوازن على الأقل، لذا فإن خطة "كل شيء لي ولا شيء لك" هي رغبة صبيانية في الأساس أكثر من كونها سياسةً.
من ناحية أخرى، فإن هذه الخطة هي على حساب الأمريكيين، لأنه لا توجد أي إمكانية لبناء إجماع دولي على تنفيذها، وقد عارض معظم القادة من مختلف البلدان الخطة منذ البداية، حتى أن حلفاء أمريكا الأوروبيين أعلنوا معارضتهم جهاراً لما يتعلق بضم المستوطنات غير الشرعية إلى الأراضي الإسرائيلية.
ومن هنا فإن سماحة القائد لا يقيم أي وزن لمسايرة عدد من الحكام العرب التابعين للخطة، ويری أن مثل هذه الضغوط الأحادية ليس فقط لن تؤدي إلى سحق حقوق الشعب الفلسطيني، بل إن هذه الخطة ستموت حتی قبل موت ترامب نفسه، وستکون سبباً في إحياء القضية الفلسطينية في جميع أنحاء العالم.
ولذلك، من وجهة نظر سماحته، لا يمكن إيجاد حل معقول للقضية الفلسطينية من خلال الضحك والتصفيق لعدوٍ اعتماده الوحيد هو على السلاح والمال.
ولهذا السبب يعتبر سماحة القائد أن الحل المنطقي الوحيد هو "الصمود ومقاومة العدو"، ويؤکد صراحةً أنه "يجب على الشعب الفلسطيني وفئاته وفصائله تضييق الساحة على أمريكا والعدو الصهيوني من خلال "الجهاد المضحّي"، وعلی العالم الإسلامي بأکمله دعم هذه المقاومة الشجاعة".
وهذا يدل علی أن العقوبات الاستکبارية الأکثر قسوةً لم تفشل في تقويض إرادة واستراتيجية جمهورية إيران الإسلامية لتوسيع محور المقاومة أمام الأطماع الأمريكية فحسب، بل إن الجمهورية الإسلامية مصممة بشكل أكبر من أي وقت مضی على دعم حرکات المقاومة في المنطقة.
وتصريح سماحة قائد الثورة المعظم بأن "الجمهورية الإسلامية تعتبر دعم فصائل المقاومة الفلسطينية واجباً عليها، ولذا ستدعمها قدر استطاعتها"، يوضح عمق الإيمان وأولوية سياسة دعم حرکات المقاومة في السياسة الخارجية لجمهورية إيران الإسلامية. ذلك أن المقاومة لم تعد اليوم مجرد استراتيجية أمنية يتم التعامل معها في غرفة الحرب، بل هي استراتيجية إنسانية تسعى جاهدةً للحفاظ على حياة الملايين في جميع أنحاء المنطقة والعالم.
وكما أن دعم الشعب المظلوم في العراق وسوريا ضد الهجمات الوحشية لداعش في إطار محور المقاومة، کان أمراً إنسانياً، فإن دعم الشعب الفلسطيني المضطهد لتقرير مصيره يأتي في نفس الإطار بالضبط.
ولهذا السبب، يعتبر قائد الثورة المعظم أن نتيجة المقاومة هي توفُّر الظروف لإجراء انتخابات حرة في فلسطين فحسب، وليس فرض إرادة جمهورية إيران الإسلامية عليهم. ظروف عادلة تمکِّن جميع سکان فلسطين الأصليين، مسلمين کانوا أم يهوداً أم مسيحيين، من المشاركة فيها، وتحديد نظامهم السياسي وتقرير مصيرهم بحرية.