الوقت - ألقى الرئيس الأمريكي خطابه السنوي الثالث أمام أعضاء الكونغرس وسط أوضاع مشحونة بالأزمات والخلافات داخل المجتمع السياسي الأمريكي حيث كانت مساءلة دونالد ترامب في مركز الاهتمام أكثر من أي قضية أخرى. الخطاب كما كان واضحاً منذ البداية ، كان مؤشراً على الفجوة الواسعة بين النواب الديمقراطيين والجمهوريين في الكونغرس، وأظهر أن الحزبين الأمريكيين الرئيسيين في حالة صراع ، أو من الأفضل القول في حرب باردة أكثر من أي وقت آخر.
كان الخطاب السنوي الثالث لترامب في الكونغرس يحظى بأهمية من نواح عدة. فمن ناحية الجمهوريين ، أدى الفوز الحتمي في محكمة المساءلة والنتائج المؤسفة للديمقراطيين وخاصة لنائب الرئيس السابق جو بايدن ومنافس ترامب الرئيس في الانتخابات الرئاسية بشأن "فضيحة أوكرانيا" ، والفوز في ولاية "أيوا" في الانتخابات التمهيدية أدت الى ذهاب ترامب إلى الكونغرس بثقة عالية. ومع ذلك، شهدنا خلال خطاب الرئيس الأمريكي ، بعض الهوامش التي تعتبر غير مسبوقة وخارجة عن المألوف.
ترامب وبيلوسي حرب واضحة
يمكن تقييم أهم وأكبر هامش للخطاب السنوي الثالث لدونالد ترامب في سياق حرب دونالد ترامب الواضحة والعلنية مع رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي. استمرت هذه الحرب الواضحة منذ اللحظة التي دخل فيها ترامب مبنى الكونغرس حتى نهاية الخطاب. في البداية ، عندما مدت نانسي بيلوسي يدها نحو ترامب للحصول على نص هذا الخطاب ، فرفض الرئيس مصافحتها وتجاهلها. ولأول مرة لم تستخدم رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي التعريف النمطي المعتاد لتقديم ترامب رمزياً إلى أعضاء الكونغرس. فقالت بيلوسي عند تقديمه "السيدات والسادة ، رئيس أمريكا". بينما الطريقة الرئيسية هي ان يقوم رئيس مجلس النواب بتقديم الرئيس للحضور على النحو التالي: اعضاء الكونغرس، من دواعي فخري أن أقدم رئيس أمريكا.
كما لم تقف رئيسة البرلمان أثناء حديث ترامب عن إنجازاته ، حيث وقف اعضاء الكونغرس الجمهوريين وصفقوا له، كما سخرت من خطاب ترامب مستخدمة تعابير وجهها. وفي نهاية خطاب ترامب السنوي في الكونغرس ، قامت بيلوسي في حركة تدل على استيائها واحتجاجها على خطاب الرئيس، بتمزيق نسخة من خطاب ترامب أمام كاميرات وسائل الإعلام.
بالإضافة إلى ذلك الهامش الكبير، تواجدت السيدات الاعضاء في الكونغرس واللواتي يرتدين ملابساً بيضاء كل عام احتجاجاً على سياسات ترامب. وفي المقابل حضرت السيدة الأولى ميلانيا ترامب الخطاب مرتدية لباساً أسوداً. كما رفض العديد من الأعضاء الديمقراطيين في مجلس النواب الحضور في هذا الاجتماع. بالإضافة إلى ذلك، غادر عدد من الديمقراطيين صالة الكونغرس خلال خطاب الرئيس السنوي.
عدم الثقة الواسع النطاق بين مجلس النواب وترامب
أظهر مجموع هوامش خطاب دونالد ترامب السنوي مدى الاختلاف الواضح بين ترامب ومجلس النواب. حيث وصف موقع "هيل" في تقرير له أن تعامل ترامب مع رئيسة مجلس النواب وعدم مصافحتها وفي المقابل تمزيق نانسي بيلوسي خطاب ترامب بالإعلان عن عدم الثقة العميق بين البيت الأبيض ومجلس النواب.
من المؤشرات الأخرى لهذه القضية يمكن الاشارة الى هجوم الجمهوريين على سلوك نانسي بيلوسي والذي يوضح بشكل علني هذه الحرب الباردة الكبيرة بين ترامب والجمهوريين مع الديمقراطيين في مجلس النواب. وعلى سبيل المثال ، علق السيناتور الجمهوري الامريكي تد كروز على سلوك نانسي بيلوسي في تمزيق خطاب ترامب وقال ان هذا العمل من قبل رئيسة مجلس النواب سيؤدي الى اهانة أمريكا. سلوك بيلوسي أظهر أن الديمقراطيين يريدون إذلال أمريكا". كما علق وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبو على ذلك التصرف ونشر صورة لفيلم الرسوم المتحركة الأمريكي The Simpsons.
وفي رد فعل آخر، نشر "كوين مكارثي" وهو زعيم أقلية في مجلس النواب الأمريكي تغريدة على "تويتر" وقال: كم بيلوسي وضيعة. تمزيق ورقة لن يغير الحقائق المكتوبة عليها. على الرغم من أن الديمقراطيين لا يقومون بأي شىء إلا أن الأمريكيين على وشك الانتصار. كما دعا نائب جمهوري آخر في مجلس النواب ، وهو ستيف سكاليز ، بيلوسي إلى الاعتذار عن هذه الحركة.
وفي المقلب الآخر، قام كل من الديمقراطي وعضو الكونغرس "تيم رايان" والديمقراطي "بيل باسكرل" بانتقاد ترامب بشدة خلال تقديمها ايضاحات حول قرارهما بترك الخطاب السنوي للرئيس دونالد ترامب في الدقائق الأولى.
وكتب رايان على تويتر: "لقد غادرت للتو مكان خطاب الرئيس السنوي. سمعت ما يكفي. كان الخطاب كمن يشاهد مصارعة محترفة. كل التصريحات كاذبة". كما كتب "باسكرل" "لقد غادرت للتو مكان الخطاب السنوي للرئيس لا استطيع تحمل شخص كاذب. رئاسة ترامب مأساة وطنية".
صمت ترامب وعدم حديثه عن كوارث السياسة الخارجية
على مستوى آخر، يمكن اعتبار أحد النقاط البارزة في خطاب دونالد ترامب السنوي الثالث هو عدم تطرقه الى السياسة الخارجية. لم يتناول بشكل رسمي اي من مآسيه في العلاقات مع كوريا الشمالية وأفغانستان وسوريا، وهو غالباً ركّز على القضايا الاقتصادية الداخلية لأمريكا وإنجازات إدراته ، والتي يشكك الخبراء في مصداقيتها ايضاً.
لكن المحور الوحيد اللافت في البعد المتعلق بالسياسة الخارجية لتصريحات دونالد ترامب يمكن حصره في التخرصات ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية. فقد دافع ترامب في تخرصاته الجديدة ضد الحكومة الإيرانية، عن اغتيال الجنرال الشهيد قاسم سليماني القائد السابق لفيلق القدس التابع لحرس الثورة الإسلامية. كما دافع ترامب أثناء هذا الخطاب السنوي عن سياسته ضد إيران ، بما في ذلك تشديد العقوبات الاقتصادية.
في الواقع، دافع ترامب في خطابه السنوي في الكونغرس عن أداء إدارته في مجالات الاقتصاد والهجرة والأمن القومي. حيث قال إن عملية إحياء عظمة أمريكا بدأت منذ ثلاث سنوات بعد دخوله إلى البيت الأبيض وستستمر ايضاً.