الوقت- ما يجري هذه الأيام في شمال شرق سوريا وشمال غرب سوريا، سيغير خريطة التحالفات السياسية في العالم لعقود طويلة، نظرا لاشتداد التوتر بين القوى الاقليمية والقوى الكبرى، وعلى الرغم من أن ما يحدث الآن في شمال شرق سوريا لا يقل أهمية عما يجري في شمال غربها إلا أن الأولوية الآن لسير المعارك في ادلب، حيث بلغ التوتر بين سوريا وحلفائها وتركيا وحلفائها أوجه، في ظل خروج تركيا عن مسار الأهداف التي أعلنتها بخصوص تدخلها في سوريا، وهذا الأمر الذي دفع سوريا وروسيا على حد سواء لوضع حد للتدخلات التركية الغير مبررة في سوريا وتطاولها على السيادة السورية ما يوحي بأن أزمة تركية_روسية تلوح في الافق.
الأزمة التي نتحدث عنها بدأت بوادرها على خلفية دخول أرتال عسكرية تركية إلى سوريا بأعداد كبيرة، تمهيدا لصد تقدم قوات الجيش السوري نحو ادلب، ومحاولة وضع العصي في الدولايب منعا لسيطرة الجيش السوري على آخر معاقل المعارضة، وبالتالي تصبح ورقة "المعارضة" خارج اي مفاوضات مقبلة وهذا ما يجعل تركيا تخسر ورقتها، وربما هذا ما دفعها لإدارة ظهرها لجميع الاتفاقيات التي حصلت بما فيها "اتفاقية سوتشي" تمهيدا لخلط الأوراق من جديد والحصول على المزيد من الوقت لكسب المزيد من النقاط.
الجيش السوري واضح فيما يخص مسار المعارك، وهو يتقدم بخطى واثقة ويطلب من المسلحين ألا ينصتوا لم تقوله لهم تركيا ويدعوهم لإلقاء السلاح وتسوية أوضاعهم، لأن السيطرة على "ادلب" ستحصل شاء أردوغان أم آبى، ولن تنفع مجموعة أرتال عسكرية تركية من منع تقدم الجيش السوري، لاسيما وان روسيا ايضا تريد دعم سوريا في سيطرتها على ادلب، بعد أن استهدف المسلحون القواعد العسكرية الروسية في عدة مرات، والأهم أن تركيا ووفقا لاتفاقية سوتشي لم تخرج الجماعات والفصائل المسلحة المصنفة على لوائح الارهاب من مدينة ادلب.
الشرخ الاول حصل بين تركيا وروسيا بعد ان سيطرة الحكومة السورية على مدينة معرة النعمان، إلى الحد الذي حدا بأنقرة إلى القول إنّ صبرها بدأ ينفد، متهمة موسكو بانتهاك الاتفاقات التي تهدف لقوف الصراع، علما ان تركيا هي من عجز عن اخراج المسلحين من مناطق خفض التصعيد وهي من أعطى الضوء الأخضر لاستهداف الجيش السوري، بما يخالف بنود الاتفاق.
وتنتاب تركيا المخاوف من أن يسفر تجدّد القصف على إدلب عن تدفّق موجة جديدة من اللاجئين. ومع اقترابه أكثر من تحقيق هدفه باستعادة طريق دولي استراتيجي، أعلن الجيش السوري، أمس، سيطرته على معرة النعمان ثاني أكبر مدن محافظة إدلب، مؤكّداً مضيه في ملاحقة ما تبقى من التنظيمات الإرهابية إلى أن يتم تطهير كامل التراب السوري من رجس الإرهاب.
من جهتها انتقدت روسيا، تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول إدلب، مشددة على أنها تفي بكامل التزاماتها بموجب اتفاق سوتشي. وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، إن "الهجمات الإرهابية المستمرة بإدلب تشكل مصدر قلق عميق لموسكو".
وردا على طلب التعليق على تصريحات أردوغان، التي أعلن فيها أن روسيا لا تفي بالتزاماتها بموجب اتفاق إدلب، أجاب بيسكوف خلال حديث مع الصحفيين اليوم الجمعة: "لا نوافق على ذلك، روسيا تنفذ التزاماتها بالكامل بموجب اتفاقات سوتشي فيما يتعلق بمنطقة إدلب".
الحكومة السورية كان لها رأيها فيما يخص التدخل العسكري التركي المباشر في سوريا، حيث أكد نائب وزير الخارجية السوري فيصل مقداد، أن ممارسات تركيا تتناقض بشكل صارخ مع مسار أستانا واتفاقات سوتشي، وما أجمعت عليه الدول الضامنة لإنهاء الأزمة السورية.
وعلّق المقداد، في حديث لصحيفة "الوطن" السورية، على دخول وحدات الجيش التركي إلى الأراضي السورية: "نحن ندين أي انتهاك لاتفاق أضنة والنظام التركي لم يلتزم بهذا الاتفاق، الذي لا يسمح له بالعبور بهذه الطريقة إلى الأراضي السورية".
وأضاف: "القانون الدولي لا يتيح لأي دولة الاعتداء على دولة أخرى، ولا احتلالها والقيام بممارسات استعمارية استيطانية عليها بما في ذلك نقل الأهالي، ورفع العلم التركي وفتح مدارس تركية"، لافتا إلى أن "هذا يتناقض مع الأهداف المعلنة للنظام التركي".
وأضاف: "هذا تناقض صارخ مع مسار أستانا ومع اتفاقات سوتشي ومع كل ما اتفقت عليه الدول لإنهاء الأزمة السورية".
وأكد أن ما تقوم به المجموعات المسلحة يجري بتنسيق مع النظام التركي، وطالب سلطات أنقرة بأن تتوقف عن تلك الممارسات لأنها ستنعكس سلبيا على تركيا.
وشدد على أن سوريا اليوم ليست سوريا الأمس، مشيرا إلى أن "الجيش السوري سيستمر في زحفه لتحرير تراب الوطن من الإرهاب والاحتلال الأجنبي".
كلام المقداد واضح فيما يخص اسلوب التعاطي مع المسلحين ومع تركيا بحد ذاتها، التي ورطت نفسها في حرب معقدة سيكون لها ارتدادات على الداخل التركي، وسيدرك اردوغان عاجلا ام آجلا ان المقامرة التي أقدم عليها في سوريا مصيرها الفشل، خاصة بعد تعاظم قوة الجيش السوري وحماية قراراته من قبل حلفائه الذين أغضبتهم تركيا بعد الوفاء بإلتزاماتها.
الجيش السوري عندما استهدف الارتال العسكرية التركية، فهو يدافع عن ارضع وسيادته الوطنية وفقا للقانون الدولي، اذ لايوجد قانون في العالم يسمح لأي دولة ان تعتدي على سيادة دولة أخرى، اذا ما تقوم به سوريا هو دفاع عن النفس ويبدو انها ستستمر فيه حتى اخراج آخر جندي تركي من الاراضي السورية.