الوقت - قوبلت سفينة الشحن السعودية قبالة سواحل بعض الدول الأوروبية التي قيل إنها تحمل ذخيرةً ومعدات عسكرية لاستخدامها في الحرب اليمنية، باحتجاجات واسعة النطاق من جانب جماعات حقوق الإنسان ومنظمات مناهضة للحرب، والتي دعت الحكومات الأوروبية إلى عدم تصدير الأسلحة إلى السعودية وترحيل هذه السفينة من الموانئ الأوروبية.
وقدمت ثلاث منظمات غير حكومية شكاوى في بلجيكا لإصدار أمر قضائي ضد الحكومة التي تأذن بنقل الأسلحة إلى السعودية.
وفي فرنسا أيضاً، نظم متطوعو منظمة العفو الدولية احتجاجات في ميناء "شيربورج". وفي إيطاليا، قام موظفو الميناء بإضراب في "جنوة". کما عارضت النقابات مرارًا وتكرارًا نقل المعدات المستخدمة في حرب اليمن.
منظمة العفو الدولية أعلنت أن السفينة ستعبر خمس موانئ أوروبية قبل وصولها إلى السعودية، بعد الانتهاء من رحلتها عبر المحيط الأطلسي بعد توقفها في الولايات المتحدة وكندا.
وذکر التقرير أن سفينة "بحري ينبع" السعودية ستشحن ملايين الدولارات من الأسلحة المشتراة من مختلف الدول الأوروبية إلى السعودية. ويعتقد أنها تحتوي على أسلحة تهدف إلى مهاجمة اليمن.
وقالت منظمة العفو الدولية: منذ بدء الحرب اليمنية في عام 2015، نقلت هذه السفينة معدات عسكرية بقيمة 360 مليون دولار من الولايات المتحدة إلى السعودية في عشر مراحل.
وفي مايو 2019، عبرت هذه السفينة التي کانت تنقل معدات عسكرية أمريكية بقيمة 47 مليون دولار الموانئ الأوروبية، وحملت خلالها شحنةً من الأسلحة من بلجيكا وإسبانيا ومدافع من فرنسا.
في ذلك الوقت، طلبت المنظمة غير الحكومية لمكافحة التعذيب "کات"، بعد وصول السفينة إلى ميناء "آور" الفرنسية، من محكمة في باريس أن تأمر "فورا وعلى وجه السرعة" بتعليق شحن الأسلحة، لأنها قد تستخدم في حرب اليمن.
وفي أعقاب احتجاج منظمات حقوق الإنسان، على الرغم من أن محكمة باريس لم تستجب لشكوى قدمتها المنظمة، ولکن اضطرت السفينة السعودية إلى مغادرة السواحل الغربية دون شحن.
هذا في حين أنه في ذلك الوقت، احتجت نقابات العمال الإيطالية أيضًا على رسو السفينة السعودية قبالة ساحل إيطاليا، ولكن يبدو أن الأسلحة المشتراة من إيطاليا قد نُقلت إلى السفينة.
تملُّص الحكومات الأوروبية من قرارات حظر تصدير الأسلحة إلى السعودية
مع بداية الحرب اليمنية والهجوم الذي قادته السعودية علی هذا البلد في مارس 2015، تم إدانة الحكومة السعودية مرارًا وتكرارًا من قبل المؤسسات الدولية لقتلها المدنيين، وخاصةً الأطفال والنساء، وتدمير البنی التحتية ومنع وصول المساعدات الإنسانية إلى هذا البلد الفقير الذي يواجه المجاعة.
هذا الأمر، إلى جانب موجة من الغضب العالمي ضد السعوديين بعد اغتيال خاشقجي، دفع البرلمان الأوروبي إلى إصدار قرار في نوفمبر 2018 يدعو إلى وقف صادرات الأسلحة إلى السعودية.
بالطبع، لم يكن القرار ملزماً بل استُخدم من قبل الدول الأوروبية كوسيلة للتخلي عن صفقات الأسلحة الكبيرة مع السعودية، لكن الحكومات الأوروبية استمرت في بيع الأسلحة إلى السعودية على الرغم من الغضب والاستياء العام.
ويقدَّر أن السعودية قد أنفقت 67.6 مليار دولار على الشؤون العسكرية العام الماضي. وبعد الولايات المتحدة، فإن بريطانيا وفرنسا هما الموردان الرئيسيان للأسلحة إلی السعودية.
الباحث في حقوق الإنسان وتقليص الأسلحة في منظمة العفو الدولية "باتريك ويلكن"، قال إن الإرادة السياسية للحكومات للوفاء بالتزاماتها القانونية باتت علی المحك.
لكن الأدلة تشير إلى أن الأوروبيين يواصلون نفس النهج. ففرنسا، على سبيل المثال، ثالث أكبر مصدر للأسلحة في العالم، والسعودية والإمارات هما أهم عملاء الأسلحة الفرنسية، ووفقًا لتقارير وسائل الإعلام السعودية فقد سلمت الرياض الدفعة الأولى من سفن الاعتراض السريع في 4 فبراير.
ووفقًا للموقع الإلكتروني لصحيفة "مكة"، فإن السفن هي من نوع "اتش اس اي 32"، والتي تم تسليمها إلى الرياض في شرق السعودية.
وکانت السعودية قد وقعت صفقةً بقيمة 600 مليون دولار لشراء أربع سفن اعتراضية من "شركة الإنشاءات الميكانيكية النورمندية" في عام 2008.
ويقال إن سفن الاعتراض التي تم تسليمها إلى السعودية، يصل طولها إلى 32 متر وتستخدم لاعتراض أهداف مختلفة في البحر باستخدام السرعة العالية.
هذا في حين أن مواصلة بيع الأسلحة والذخيرة الفرنسية إلى السعودية من أجل قتل الشعب اليمني، قد قوبلت باحتجاجات المجتمع المدني الفرنسي.
كندا هي واحدة من الدول الأخرى التي رست فيها سفينة الأسلحة السعودية، ويواصل هذا البلد بيع الأسلحة إلى السعودية على الرغم من مزاعمها العديدة في حقوق الإنسان.
في 13 أغسطس 2019، دعت عدة مجموعات من المجتمع المدني الكندي حكومتهم إلى وقف مبيعات الأسلحة إلى السعودية بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان.
وفي أعقاب هذه الاحتجاجات، أعلنت الحكومة الكندية أنها تعتزم إلغاء مبيعات الأسلحة إلى السعودية. وتبلغ قيمة صفقات الأسلحة بين السعودية وكندا 11 مليار دولار.
ولكن من غير الواضح ما إذا كان هذا البيان الجديد سينطبق أيضًا. وكانت منظمة العفو الدولية قد انتقدت في وقت سابق "ترودو" لفشله في الوفاء بوعده بعدم بيع الأسلحة إلى السعودية. وردَّت المنظمة علی تصريحات ترودو على موقعها الرسمي بالقول: نأسف حقًا لعدم استجابة أي من المسؤولين الكنديين بشكل صحيح لطلب منظمات حقوق الإنسان.
في الواقع، يجب أن ننتظر ونری أنه، مع مواصلة بيع الأسلحة من قبل الحكومات الغربية إلی المملكة العربية السعودية، هل يمكن أن يؤدي انتشار الاحتجاجات علی وجود سفينة الموت السعودية، إلى تغيير سلوك رجال الدولة الأوروبيين أم لا؟