الوقت- تحضيرات جديدة يقدم عليها المسلحون في سوريا وبالتحديد في ادلب وغرب حلب، لاستهداف المدنيين هناك بهجوم كيميائي يتم التحضير له انطلاقا من تركيا، ويعتبر استخدام الكيماوي اسلوباً قديماً تستخدمه الجماعات المسلحة عندما تشعر أنها اقتربت من الانهيار في هذه النقطة او تلك، لجلب تعاطف الغرب والعالم، بهدف ايقاف تقدم الجيش السوري، والغرب يهوى هذه الحيل لكي يمارس أجندته داخل سوريا ويدين الحكومة السورية في المحافل الدولية، إلا أن غباء المسلحين يكشف دائما أنهم هم من استخدم الكيماوي وليس الجيش السوري، ومع ذلك لا يعير الغرب اي اهمية لهذه الحقائق ويحاول الضغط على الحكومة بأي وسيلة كانت.
خبر التحضيرات لاستخدام الهجوم الكيماوي جاء عبر مصدر عسكري صرح لوكالة الأنباء السورية "سانا"، وقال إن "التنظيمات الإرهابية تتحضّر لتنفيذ هجوم كيميائي ضد المدنيين غرب حلب"، مشدداً على أن التنظيمات تهدف إلى استثمار الهجوم في "المنظمات الدولية لوقف انهياراتها أمام تقدم وحدات الجيش السوري". وتابع: "العمليات العسكرية ستستمر حتى تطهير كامل الاراضي السورية من الارهابيين وجرائمهم خاصة أن القاصي والداني بات يعلم أن الجيش العربي السوري لم يستخدم هذا السلاح يوماً وهو لم يعد يملكه أصلاً".
سوريا طبعا لم تعترض اطلاقا على دخول المراقبين الدوليين إلى أراضيها لمعرفة مصدر الهجوم الارهابي، لكنها اشترطت أن يكون هناك مراقبون من روسيا والصين لكي لا يتم تزوير التحقيق، لكن دائما كان هؤلاء يرفضون وهذا يعني أن هناك تحيز تام من قبل منظمة حظر الاسلحة الكيميائية لجهة الرواية الأمريكية.
اختيار المكان لتنفيذ الهجوم الكيماوي في غرب حلب وادلب مدروس جيداً. من حيث المكان، يبدو أن هناك تعمّد في أن يكون الهجوم على امتداد خطوط المواجهة مع الجيش العربي السوري، وفي أمكنة مكتظة بالمدنيين من أجل إحداث أكبر عدد من الخسائر البشرية.
لم يعد سراً امتلاك تلك التنظيمات والفصائل الإرهابية للأسلحة الكيماوية، لا سيما الكلور الموجود في محطات تحلية المياه التي سبق لبعض الفصائل المسلحة الحصول عليها منها أم حتى في كل بيت، إضافة إلى تلك التي حصلت عليها من الخارج، حيث تم نقلها من ليبيا فتركيا وصولاً إلى سوريا.
ورغم كل التقارير التي ينقلها الجانب السوري لمجلس الامن عن ما يقوم به المسلحون، إلا أن هذا المجلس لم يحرك ساكنا، وهو ما يفسر، وقد يؤكد، "علاقة الشراكة المتينة" ما بين بعض أعضائه والإرهابيين، حيث اصاب مندوب سوريا في مجلس الأمن، الدكتور بشار الجعفري، حين قال "نداءات الشعب السوري لا تصل لمندوبي واشنطن ولندن وباريس بينما تصلهم نداءات الإرهابيين".
لماذا لا يحرك الغرب ساكنا حيال ما يفعله الارهابيون ويسارع لاتهام سوريا؟
أولاً: لا تزال أمريكا، بالتحديد مع كل من فرنسا وبريطانيا، تجنح نحو إدانة سوريا في استخدام الأسلحة الكيماوية بأي طريقة من أجل إفشال أي حل سياسي مستقبلي بشروط لا توافق عليها واشنطن.
ونلاحظ بصورة مستدامة كيف تكرّس أمريكا قوى الضغط لديها لكي تفبرك "الكيماوي" المزعوم ليتحول إلى جريمة كيماوية تُلصق بالدولة السورية وجيشها حتى تُتّخذ قرارات جائرة في مجلس الأمن الدولي وعلى البند السابع لتكوّن أمريكا وفق غطرستها ذريعة العدوان على بلدنا بالصواريخ كما حصل غير مرة منذ العام 2018.
ثانياً: مساندة كيان العدوان الصهيوني في اعتداءاته على مناطق تمركز الجيش السوري ولا سيما كلما تقدم لطرد الإرهابيين من مساحة معتبرة من الأرض المتمركزين فيها، وعلى الجانب الثاني تسعى أمريكا لعدم توفير شبكة للتجارة الخارجية حتى لا تحصل جماهير الشعب على سدّ الحاجات الأساسية وما يتبع ذلك من تشجيع التعامل بغير الليرة السورية، والتلاعب بأسعار صرفها حتى تبدأ الأزمة المالية في بلدنا على غرار ما حدث في لبنان مع العلم أن كل ما يحدث في لبنان، والعراق يقع ضمن منظومة العدوان على سوريا ومحور المقاومة.
وها هي اليوم واشنطن قد عادت لتحرك الذين كانت قد شغّلتهم منذ بداية العدوان الإرهابي علينا عام 2011م مستغلّةً ما تسببت فيه من صعوبات اقتصادية لدى الدولة تلك التي كانت من وراء حصارها، وإصرارها على تجويع الشعب ظنّاً منها بأن الشعب عند مرحلة معينة من مرارة العيش سيرفع لها راية الرضوخ والقبول بإدارتها له من الخارج، وتقرير مصيره كذلك.
في الختام.. فبركة استخدام "الكيماوي" في سوريا واضحة الأهداف والابعاد، فهم يريدون ادامة الحرب على سوريا تحت اي ظرف، خاصة وانهم فشلوا فشلا ذريعا في الميدان، ولم يستطيعوا ان يطيلوا عمر الجماعات الارهابية المسلحة اكثر من ذلك، لاسيما وان الجيش السوري استطاع التماسك ككتلة واحدة منذ بداية الازمة وحتى اللحظة بالرغم من جميع الظروف القاسية التي مر بها خلال عمر الازمة.
هناك محاولات حالية مستميتة لتدمير الاقتصاد السوري عبر الدفع نحو انهيار الليرة السورية الا ان ما قامت به الحكومة السورية في الاونة الاخيرة يدل على وعي واضح من قبل هذه الحكومة لامتصاص هذا الانهيار ومعاقبة كل من يساهم فيه مهما علا شأنه.