الوقت- مع الإعلان عن انسحاب وخروج القوات الأمريكية المتمركزة في شمال سوريا، وما تلاه من هجوم تركي على المناطق الكردية في سوريا، على الرغم من أن العملية سميت بـ "نبع السلام"، ولكن هنالك شعوراً أيضاً باحتمالية تصاعد الاضطرابات وعدم الاستقرار، ليس للشعب السوري فحسب وإنما لأجزاء أخرى من المنطقة أيضاً.
أحد أهم البلدان التي تتابع التطورات بقلق منذ اندلاع المعارك في شمال سوريا هو العراق، بحيث اتخذ المسؤولون السياسيون والعسكريون العراقيون في الأيام الأخيرة، مواقف مختلفة ردّاً على التطورات في شمال سوريا.
يوم الاثنين، أعلن مكتب الرئيس العراقي في بيان أن الرئيس العراقي "برهم صالح" وهو عراقي كردي أيضاً، أجرى محادثةً هاتفيةً مع وزير الخارجية الأميركي "مايك بومبيو"، أكد فيها على ضرورة إدارة الوضع الإنساني ووقف العمليات العسكرية وعدم إعطاء الإرهابيين فرصةً لإعادة تنظيم صفوفهم، وتهديد الاستقرار والأمن الإقليميين مرةً أخرى.
الرئيس العراقي، شأنه شأن غيره من المسؤولين والمواطنين العراقيين، قلق على إمكانية فرار عناصر داعش من السجون التي يسيطر عليها الأكراد أكثر من أي شيء آخر، وربما محاولة التسلل إلى الحدود العراقية وإعادة تنظيم العناصر المتبقية في داعش على الأراضي العراقية.
كما حذر وزير الداخلية العراقي السابق في مذكرة من احتمال قيام الآلاف من عناصر داعش بعبور الحدود إلى العراق في أعقاب الهجوم التركي.
وفي هذا الصدد، ونقلاً عن موقع "السومرية نيوز" الإخباري، أصدر "أبو مهدي المهندس" نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي يوم الثلاثاء، بياناً أكد فيه أن ما يحدث في سوريا يمثّل مشكلةً خطيرةً، وأعلن أن الحشد ينسّق مع الجيش وشرطة الحدود العراقية لمنع تغلغل عناصر تنظيم داعش الإرهابي عبر حدود البلدين.
وإحدى الطرق لهذا التسلل هي اختفاء العناصر الإرهابية التابعة لتنظيم داعش بين السوريين اللاجئين من شمال سوريا، الذين أجبرهم الهجوم التركي على التوجّه نحو إقليم كردستان العراق.
وتبعاً لذلك، نقلت شبكة السومرية نيوز التلفزيونية عن مصدر أمني عراقي حول التدابير الوقائية والاستعدادات التي اتخذت لمواجهة احتمال عودة عناصر داعش إلى العراق: يتمركز حوالي 10 آلاف من قوات الأمن وقوات الحشد الشعبي في المنطقة الحدودية على طول منطقة "ربيعة" غرب الموصل حتى بداية مثلث "فيش خابور" العراقي التركي السوري، وهذه المنطقة الحدودية العراقية مجاورة لمنطقة "اليعربية" الحدودية حتى مدينة "المالكية" السورية.
يمرّ العراق حالياً بمرحلة مسيرة الأربعين الحسّاسة، ومن المحتمل دخول إرهابيي داعش إلى الأراضي العراقية، ومحاولة تنفيذ عمليات إرهابية في هذه المراسم.
لذلك، في هذا الصدد، قال المهندس في بيانه إن قوات الحشد الشعبي تشارك بالكامل في توفير الأمن لمسيرة الأربعين الحسيني، مؤكداً أن ما يجري في سوريا، مع احتمال إطلاق سراح الآلاف من عناصر داعش من السجن، يمثل قضيةً خطيرةً.
بالطبع، لم يكن هذا التهديد على الورق فقط، بل ظهر خلال الأيام القليلة الماضية على أرض الواقع، حيث أعلنت قيادة عمليات سامراء يوم الاثنين عن مقتل انتحاريين اثنين وإحباط خطة مشؤومة لداعش لاستهداف زوار الإمام الحسين (عليه السلام(.
ووفقاً للتقرير، كان إرهابيو داعش يخططون لاستهداف المشاركين في مسيرة الأربعين في منطقة "السيفونة" شرق سامراء.
على هذا الأساس، يعتقد الكثيرون أن أمريكا ومن خلال إعطاء الضوء الأخضر لأنقرة لشنّ هجوم على شمال سوريا في الوقت الحالي، على عكس تظاهرها بالشعور بالقلق حيال إطلاق سراح عناصر داعش، ولكنها وراء الكواليس تعتزم تنفيذ سيناريو إحياء داعش بشكل واعٍ.
في المنطقة الشرقية من سوريا، وبسبب موارد النفط والمياه في المنطقة، إلى جانب عدم وجود حكومة مركزية منظمة، فإن جشع داعش لاستعادة هيمنته عليها أكثر من أي مكان آخر بالتأكيد.
ولا شك أن داعش سيحاول الاستفادة من الصراع الكردي التركي المستمر لاستعادة موقعه في المنطقة، ومن المحتمل جداً أن تكون عودة خطر داعش أحد أهداف خطة سحب القوات الأمريكية من الأراضي السورية، للحفاظ على انعدام الأمن في المنطقة بهذه الذريعة.
من ناحية أخرى، يعود قلق المسؤولين العراقيين من عودة عناصر داعش إلى العراق، لنهج الدول الأوروبية في المراوغة بشأن قبول مواطنيها المنضمين لداعش.
وفي هذا الصدد، أعربت منظمة "هيومن رايتس ووتش" بالأمس عن قلقها من أن "بعض الدول الأوروبية التي لا ترغب في عودة عناصر داعش الأجانب إلى هذه الدول، تحاول نقلهم إلى العراق، خاصةً بعد أن شنت تركيا عمليات عسكرية ضد الأكراد السوريين في الشمال، ويخشى الأوروبيون من أن تنتهز عناصر داعش هذه الفرصة وتهرب".
يشار إلى أن قوات سوريا الديمقراطية وأثناء تحرير البلدات والقرى التي احتلها داعش في سوريا، اعتقلت 12 ألف إرهابي كانوا أعضاءً في هذا التنظيم، من بينهم 2500 إلى 3000 عنصر أجنبي من 54 دولة.