الوقت- قالت مجلة فورين بوليسي الأمريكية في مقال لها إن أمريكا تسعى إلى السيطرة على منطقة جديدة كل يوم في الشرق الأوسط، فقبلاً في أوروبا الشرقية، والآن جنوب شرق آسيا، وكل هذا تحت عذر شائع وهو - حفظ الأمن- وهي ذريعة تناسب الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة.
وقالت المجلة: ففي شهر مارس 2019 أعلنت أمريكا سحب قواتها بعد هزيمة تنظيم "داعش" الإرهابي في سوريا بعد أربع سنوات على الأقل من الحرب الشاملة، ولقد مضى الآن أكثر من ستة أشهر على ذلك التاريخ، حيث تم في وقت سابق توسيع أراضي داعش واحدة تلو الأخرى في دول إفريقيا وشرق آسيا مع الخلافة التكفيرية وكان هذا أهم مقصد للمقاتلين المهزومين في العراق والشام لاستعادة الأمل المفقود، وقد حذر مجلس الأمن جميع البلدان من عدم التقليل من شأن نساء داعش، اللاتي كان لهنّ في بعض الأحيان تأثير أكثر تدميراً، "زكري أبوزا" أستاذ في الكلية الأمريكية للحرب وكولن كلارك، وهو محلل بمعهد راند للشبكات الإرهابية ، كتب في مجلة "فورين افيرز" حول تغيير وجهة داعش إلى جنوب شرق آسيا.
وتابعت المجلة: للحصول على فكرة جيدة عن عدد هؤلاء المقاتلين، من الجيد أن نعرف أن محتجزاً واحداً من غير السوريين محتجز في مرفق اعتقال تابع لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) يسمى الأهل، وتمتلكه القوات الديمقراطية السورية، ومن بينهم ثلاثة إندونيسيين، يقال إن حوالي ثمانية إندونيسيين لقوا مصرعهم خلال الحروب المستمرة منذ سنتين إلى سوريا.
كما أعلنت صحيفة تايمز أوف آسيا في يونيو من هذا العام أن الوكالة الوطنية الإندونيسية لمكافحة الإرهاب قد أسرت مقاتلي داعش ويمكن لعائلاتهم العودة إلى إندونيسيا بشرط أن يقوموا بإدانة أيديولوجية لداعش، إن لديهم برامج تدريبية لهم، ولكن ليس من الواضح مدى فعاليتها، الشخصان اللذان قاما بتفجير كنيسة جولو في الفلبين في يناير من هذا العام قد أعيدا من الحدود السورية.
وبينت المجلة: في مارس 2019 أعلنت قناة الجزيرة أنه قد طُلب من اثنين من اللاجئين الماليزيين العودة إلى البلاد، ولكن تم الإعلان الآن عن رغبة ستة من مقاتلي داعش في العودة إلى ماليزيا، ما يجعل من الصعب تحديد العدد الدقيق للناجين الأجانب من داعش حيث إن الكثير منهم أحرقوا وثائقهم السابقة التي تشبه جوازات السفر بمجرد وصولهم إلى العراق وسوريا، وبالطبع يتم التعرف على بعض المقاتلين الهاربين واعتقالهم بشكل تدريجي.
لماذا جنوب شرق آسيا؟
حيث قالت المجلة: يلعب شرق وجنوب شرق آسيا دوراً مهماً في استراتيجية التكفيري العالمية، ويزداد يوماً بعد يوم عدد مقاتلي داعش والمفجرين الانتحاريين ومعسكرات التدريب العسكرية وأشرطة الفيديو الخاصة بالإنتاج بهم، وذلك لأسباب عدة:
أولاً: من غير المرجّح أن تحصل داعش على الأراضي، ولكنها تسعى حالياً إلى توسيع شبكتها العنكبوتية الخاصة بها في جميع أنحاء المنطقة، إن شرق آسيا هو منصة جيدة لمتابعة هذه الاستراتيجية الجديدة، حيث إن عدد السكان المسلمين كبير كما يوجد الآلاف من الجزر الصغيرة والكبيرة يمكن للتكفيريين من خلالها اللجوء إلى حرب غير تقليدية وغير متماثلة، فشبكة العنكبوت من العصابات التي تترابط بطريقة غير منتظمة وفي الوقت نفسه منتشرة وأكثر مرونة من الخلافة الجغرافية التي تتطلب عناء.
ثانياً: لا يمكن أن يرتبط وجود الإرهابيين في شرق آسيا بالمنافسة الاستراتيجية المتصاعدة بين الصين وأمريكا، لقد كان لأمريكا قاعدة عسكرية في المنطقة على مدى العقود القليلة الماضية.
ثالثاً: شرق وجنوب شرق آسيا من المجالات التي شهدت مجموعات تكفيرية في العقود الماضية، وبالتالي توفر منصة أفضل لتجنيد الإرهابيين وتبرير الرأي العام العالمي لضرورة التدخل الأجنبي.
أعلن داعش رسمياً وجوده الأول في جنوب شرق آسيا في العام 2014، وتعهدت مجموعات تكفيرية إندونيسية بالولاء لزعيم داعش أبو بكر البغدادي،المجموعات النشطة تشمل:
مجموعة أبو سياف: إحدى رواد التكفير في المنطقة، كانت على قائمة الإرهابيين لسنوات.
مجموعة كتم جماعة أنصار الدولة: التي تعتقلها الحكومة الإندونيسية، وأعضاؤها في محكمة محلية منذ عام 2008.
ووضحت المجلة: تنتمي مجموعة أخرى، تسمى الجماعة الإسلامية في إندونيسيا، إلى جيل ما قبل داعش التكفيري، ولقد نفذّت المجموعة تفجيرات انتحارية 3 أو 5 مرات طالما كان التكفيريون على دراية بهذه العمليات، بالطبع ، في العقد الماضي، تم اعتقال القادة في عدد من العمليات، وكانت آخر مرة في السنة عندما هاجموا الممتلكات السياحية الأجنبية، وانضم العديد من أعضاء المجموعات التكفيرية إلى داعش مع مهاجرين من الفلبين وماليزيا إلى العراق وسوريا، وتم تنظيمهم في وحدات تعرف باسم "نقوش نوسينتارا"، اشتهرت الوحدة بأعمالها المهنية والفعالة ضد الأكراد السوريين، بل شنّت هجمات إرهابية في جاكرتا في العام 2012، مع التركيز بشكل رئيس على مقر الشرطة، ما أسفر عن مقتل أربعة (بينهم ثلاثة مهاجمين) وإصابة العديد من الآخرين، ولكن تدريجياً، أدرك داعش أهمية المجموعة وبدأ بنشر الصحف الأسبوعية وإطلاق عدة قنوات في إندونيسيا، وبعد ذلك، عين أبو بكر البغدادي رجلاً يدعى هابيلون، وكان قائد جماعة أبو سياف في الفلبين، أميراً لداعش في شرق آسيا، لتعزيز وجود داعش في المنطقة.