الوقت- بعد فترة وجيزة من قيام القوات الجوية التابعة للحرس الثوري الإيراني باستهداف طائرة التجسس الأمريكية المسيّرة التي انتهكت المجال الجوي لإيران، قامت السلطات العسكرية والسياسية الأمريكية، بعقد اجتماع أمني استثنائي لاتخاذ قرار بشأن الرد العسكري ضد إيران، وحول هذا السياق، قال الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" في اجتماع مشترك له مع رئيس الوزراء الكندي ردّاً على سؤال طرحه الصحفيون الذين سألوه عن ردّ فعل أمريكا على سقوط الطائرة المسيّرة: "لقد ارتكبت إيران خطأً كبيراً وسترى ما سيحدث"، إلا أنه بعد مرور عدة ساعات على تلك التهديدات الأمريكية، صرّحت العديد من وسائل الإعلام الأمريكية بأن قادة البيت الأبيض تراجعوا عن شن ضربة عسكرية ضد إيران.
إن الأيام الماضية أثبتت أن تهديدات الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" باستخدام القوة العسكرية جوفاء وغير جدّية، وتعطي نتائج عكسية، أبرزها إظهاره بمظهر الزعيم المتهوّر الذي لا يرتقي إلى درجة تحمّل المسؤولية وقيادة دولة عظمى نووية مثل أمريكا.
وفي هذا السياق، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو، ما هي الأسباب الرئيسة لتراجع الرئيس "ترامب" عن توجيه ضربة عسكرية ضد إيران، وهل كانت القوات الأمريكية مستعدة لتوجيه هذه الضربة أم إن ادعاءات رئيس البيت الأبيض كانت ضرب من الخيال؟.
تصعيد "ترامب" الإعلامي
لقد أقدم الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" على تصعيد إعلامي كبير عقب إسقاط قوات الحرس الثوري الإيراني طائرة التجسس الأمريكية المسيّرة، حيث أوحى للكثيرين أنه على وشك توجيه صواريخه لضرب الجمهورية الإسلامية الإيرانية ثم تراجع عن التنفيذ بشكل مهين.
إن تراجع الرئيس "ترامب" في الأزمة الإيرانية عائد إلى صلابة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومواصلتها التحدي، وتهديدها بالرد على أي هجوم أمريكي بالمثل، مضافاً إلى ذلك أن هذا الموقف المتهوّر للرئيس "ترامب" لم يحظ بأي دعم من حلفاء أمريكا في أوروبا، كما أن الموقف الروسي والصيني كان داعماً للموقف الإيراني وهنا تؤكد الكثير من المصادر الإخبارية بأن بريطانيا حليفة أمريكا لم تكن وشعبها من المؤيدين لاندفاعات الرئيس "ترامب"، لأن هؤلاء يدركون جيداً أنهم سيكونون أكبر الضحايا، فالرد الإيراني سواء أكان بأسلحة تقليدية، أم أسلحة باليستية، سيستهدفهم وكذلك سيستهدف حوالي 30 ألف جندي يتمركزون في قواعد عسكرية أمريكية بينهم وما هو أخطر من كل هذا وذاك هو ما تبيّن لاحقاً أن حاملة الطائرات الأمريكية التي أمرها الرئيس "ترامب" بالتوجه إلى الخليج الفارسي فوراً لم تكن موجودة بالفعل، الأمر الذي أثار سخرية العالم بأسره.
يذكر أن الرئيس "ترامب" أعطى شرحاً غبيّاً لأسباب وقف الضربة العسكرية، حيث قال إن الرد لم يكن ليأتي متناسباً مع إسقاط طائرة استطلاع أمريكية مسيرة غير مأهولة وأشار إلى أنه أجّل عملية عسكرية ضد أهداف إيرانية، بعدما تم إبلاغه أن 150 شخصاً قد يلقون حتفهم، مؤكداً أنها كانت ستستهدف 3 مواقع إيرانية، وأوضح أنه ليس في عجلة في أمرة، كاشفاً عن فرض المزيد من العقوبات على إيران.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنه لا الشعب الأمريكي ولا الشعب الإيراني يريد أي حرب ضد إيران، لأنها تعني الدمار والخسائر البشرية والمادية الضخمة، ولا بدّ أن الرئيس "ترامب" يدرك هذه الحقيقة ولهذا قرر التراجع.
إن هذا الرئيس كشف عن الوجه الأكثر قبحا لأمريكا والذي يجب تغييره لأنه لا يؤتمن على مقدرات العالم.
قوة إيران بثّت الرعب في قلب حاكم البيت الأبيض المجنون
إن الخوف وليس الدافع الإنساني قد منع أمريكا من الرد على إسقاط الحرس الثوري للطائرة الأمريكية المسيرة وحول هذا السياق، قال العميد "غيب برور"، إنه حينما يقوم حرس الثورة بإسقاط أكبر وأكثر الطائرات المسيّرة في العالم تطوّراً فذلك أشبه بالمعجزة، في إنجاز يزعزع كل هيكلية معسكر العدو في مؤشر إلى اقتدار الجمهورية الاسلامية الإيرانية.
وأضاف: إن المعنيين بالعلوم العسكرية في العالم يدركون جيداً بأن إسقاط طائرة مسيرة إنجاز منقطع النظير وأن قول رئيس النظام الأمريكي بأنهم كانوا يعتزمون مهاجمة 3 نقاط في إيران هراء ومن المؤكد أنهم لم يتجرؤوا على القيام بذلك خوفاً من إيران.
وأكد العميد "غيب برور" بأن الدفاع بحاجة إلى قدرات في حين أن البعض كانوا يقولون بأننا لسنا بحاجة إلى الصواريخ إلا أن هذه الصواريخ هي التي منحتنا القوة والاقتدار.
ومن ناحية أخرى يمكن تفسير تراجع قادة البيت الأبيض عن توجيه ضربة عسكرية ضد إيران أنه يعود إلى تقديم السلطات الإيرانية خرائط مزوّدة بإحداثيات مفصّلة تظهر الطائرة الأمريكية المسيرة التي أسقطتها القوات الجوية الإيرانية يوم الخميس الماضي وهي تحلّق فوق المياه الإقليمية الإيرانية.
وهنا يمكن القول بأنه لا تأثير للأساطيل ولا القواعد ولا القاذفات والطائرات والرادارات الأمريكية، ولا لآلاف الجنود الأمريكيين، الذين تكتظ بهم المنطقة على الإرادة الإيرانية وذلك لأن إيران، قيادة وشعباً، لا تقع تحت تأثير التهويل الأمريكي فقرارها يُتخذ فقط انطلاقاً من عناصر القوة التي تمتلكها، وهي قوة من مصلحة أمريكا ألّا تختبرها، فإذا كان انتهاك طائرة التجسس الأمريكية للأجواء الإيرانية، جسّاً لنبض إيران، أو معرفة مدى استعدادها للمواجهة العسكرية، أو اختباراً لقوتها، فإن أمريكا حصلت على إجابات أكثر من وافية عن كل ذلك.