الوقت- تحولت العاصمة الايرانية طهران الى محط رحال الوفود السياسية والاقتصادية والتجارية للدول الاوروبية مباشرة بعد الاتفاق النووي بين ايران والدول الست، وتنوعت الوفود بين فرنسية وايطالية والمانية ومن الاتحاد الاوروبي كما ان هناك وفوداً اوروبية اخرى قادمة، وبموازاة تلك الزيارات التي تهدف الى استثمار الاجواء الايجابية الناجمة عن الاتفاق النووي اصبحت طهران مركزا للمساعي الدبلوماسية التي تبذل من اجل حل واحتواء الازمة السورية وقد زارها كل من مساعد وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف ووزير الخارجية السوري وليد المعلم.
وقد كشفت وسائل الاعلام عن خطة ايرانية مطورة للحل في سوريا البند الاول منها يقضي بالوقف الفوري لاطلاق النار والبند الثاني منها يتضمن تشكيل حكومة وحدة وطنية كما يتضمن البند الثالث تعديل الدستور بشكل يبعث بتطمينات للاقليات الدينية في سوريا بالاضافة الى البند الرابع الذي يتضمن الدعوة لاجراء انتخابات في سوريا تحت اشراف المراقبين الدوليين.
وفيما يمكن وصف هذه الخطة الايرانية بأحدث خطة تطرح على الصعيد الدولي لحل الازمة السورية هناك عدة اسئلة تطرح في هذا المجال ومنها: ما هي اهداف الخطة الايرانية وخلفيتها الفكرية وما هو افق النجاح الموجود امام هذه الخطة وماهي العراقيل والتحديات؟
اهداف الخطة الايرانية وخلفياتها
ان ايران دعمت منذ البداية الحل السلمي في سوريا وقد اعلنت طهران تأييدها لخطط كوفي عنان والاخضر الابراهيمي كما استضافت ايران اجتماعات لبعض المعارضين في سوريا لكي تلعب دور الوسيط بينهم وبين الحكومة السورية ومن ثم اقدمت ايران على طرح خطتها للحل، وهناك امل بنجاح هذا الحل على غرار حل القضية النووية الايرانية التي طالت 12 عاما وكانت قضية شائكة ومعقدة ولذلك تعتبر بعض الجهات الدولية الاتفاق النووي مع ايران مدخلا لحل باقي قضايا المنطقة.
العراقيل الموجودة امام تنفيذ المقترح الايراني
هناك بعض اسباب النجاح في الخطة الايرانية كما ان هناك بعض العراقيل امام تنفيذها وهنا يجب القول ان العالم قد ادرك ولو بشكل متأخر التحذيرات الايرانية حول استخدام التكفيريين والارهابيين مثل تنظيم القاعدة كأداة في سوريا والعراق كما ان روسيا التي تخشى بدورها من عودة التكفيريين المحاربين في سوريا والعراق الى دول آسيا الوسطى تريد اعادة تعريف التحالف الدولي المتشكل ضد تنظيم داعش الإرهابي وتسعى الى ضم سوريا الى هذا التحالف.
ان الاطراف الدولية الرئيسية التي تعتبر معنية بالملف السوري هي الاطراف ذاتها التي كانت معنية بالملف النووي الايراني ولذلك يمكن القول ان توفر الارادة اللازمة لدى هذه الاطراف يمكن ان يؤدي الى اتفاق دولي لانهاء الازمة السورية وقيام هذه الاطراف بالضغط على حلفائها الاقليميين لكي يوقفوا اذكاء نيران الحرب السورية.
وعلى الرغم مما ذكرناه آنفا فهناك عدة اسباب ومؤشرات أخرى تقلل من احتمال التوصل الى حل سياسي للازمة السورية ففي المفاوضات النووية كانت الجهة الرئيسية في تلك المفاوضات هي ايران الملتزمة بكل القوانين والمواثيق الدولية لكن الازمة السورية تشهد تدخلات من جهات تعتبر تدخلاتها في الاساس خرقا للقوانين والمعاهدات الدولية ومطالبها هي كذلك ايضا، ومن جهة اخرى نجد بأن البيان الاخير الذي صدر في الدوحة مؤخرا بعد اجتماع وزير الخارجية الامريكي مع نظرائه في دول مجلس التعاون تضمن مواقف غير ودية وتدخلات غير ايجابية في الازمة السورية ما يتعارض مع الاجواء الايجابية التي تمخضت عن المفاوضات النووية مع ايران والتاثير الايجابي المحتمل لتلك المفاوضات على حل الازمة السورية.
ان البيان الصادر في الدوحة تضمن الحديث مرة أخرى عن تنحي الرئيس السوري كما تحدث البيان عن عجز الحكومة السورية عن مواجهة الارهابيين وهذا ما يعتبره المراقبون تشكيكا هادفا يمكن ان يؤدي الى التمهيد للتدخل العسكري الاجنبي في سوريا.
ووسط اجواء التشاؤم والتفاؤل هذه ترى ايران التي كانت تدعو دوما للحل السلمي في سوريا منذ بداية أزمتها ان الحل في سوريا ممكن اذا رغبت في ذلك الاطراف الدولية التي اجتمعت على حل الملف النووي الايراني، كما يجب على هذه الاطراف ان تضغط على حلفائها الاقليميين مثل السعودية وقطر وتركيا والكيان الاسرائيلي وتجبر هذه الجهات الاقليمية على الرضوخ للحل السلمي في سوريا والقبول به ووقف التدخلات السلبية.