الوقت- إن أبناء الشعب البحريني يستعدون لإحياء ذكرى انتفاضتهم الشعبية ضد فساد وديكتاتورية النظام الحاكم في الـ 14 فبراير الحالي ومع اقتراب هذه المناسبة، نشرت العديد من المصادر الإخبارية تقارير تشير إلى أن نظام آل خليفة قام برفع حالة التأهب الأمنية في مدن البحرين وقام بالعديد من الاعتقالات السياسية والاعتداء على العديد من المراسم والاحتفالات الدينية الشيعية.
وحول هذا السياق، أفادت بعض التقارير الإخبارية التي نشرها موقع "اللؤلؤة" الإخباري، بأن السلطات الأمنية البحرينية قامت عصر يوم الجمعة الماضي "8 فبراير 2019"، بالاعتداء على المظاهر الدينية، حيث قام منتسبو الأجهزة الأمنية بمصادرة الأعلام والسواد المخصص لذكرى شهادة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام من منطقة "عالي".
يذكر أن مسلسل الاعتداء على المظاهر الدينية متواصل في البحرين، حيث يقوم النظام بشكل متكرر في التضييق على الحريات الدينية واستهداف المظاهر العاشورائية التي يحييها المواطنون كل عام، وبدأ هذا المسلسل الطائفي مع هدم المساجد من قبل النظام حيث هدم 38 مسجداً للطائفة الشيعية في مختلف مناطق البلاد ومداهمة وتخريب العديد من الحسينيات إبان فترة الطوارئ في العام 2011.
وفي سياق متصل وبالتزامن مع سلسلة القمع البحرينية، قضت محكمة الاستئناف العليا الجنائية في البحرين قبل عدة أسابيع بالسجن المؤبد على الأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ "علي سلمان" والقياديين البارزين في جمعية "الوفاق" إحدى أكبر الأحزاب السياسية المعارضة في البحرين الشيخ "حسن سلطان" والشيخ "علي الأسود" بتهمة التخابر لحساب دولة قطر، واللافت في الأمر هنا بأن القضاء البحريني برّأ الشيوخ الثلاثة من تهمة التخابر مع قطر قبل عدة أشهر على خلفية اشتراكهم في محادثات لإنهاء الأزمة التي شهدتها البلاد مطلع العام 2011 ضمن مبادرة أمريكية قطرية، ولكن النظام البحريني عاد مرة أخرى وقام بفرض الكثير من الضغوط على الجهاز القضائي في البلاد لإصدار حكم بالمؤبد على هؤلاء الشيوخ، رغم افتقاد القضية بحسب الدفاع لأبسط معايير المحاكمات العادلة حيث استندت على مكالمات مسجلة دارت بين الشيخ "علي سلمان" ووزير خارجية قطر السابق.
الوهابية وسياسة نشر الطائفية في البحرين
على الرغم من أن الشيعة في البحرين يشكّلون أكثر من 70٪ من سكان البلاد، إلا أنهم لا يملكون أدنى حصة من السلطة السياسية بسبب احتكار النظام الحاكم للمراكز القيادية في الدولة، الأمر الذي تسبب في حدوث أزمة سياسية لشرعية النظام الحاكم ولقد كان نهج النظام البحريني تجاه تلك الأزمة على مدى العقود الماضية، قيامه بسلسلة من الإجراءات المتزامنة، كالقيام بإصلاحات مقطعية ورمزية، والقيام في الوقت نفسه بتنفيذ سياسات ديموغرافية لتغيير الديموغرافيا السكانية في البحرين من خلال تقليل عدد الشيعة عن طريق سحب الجنسية من الشيعة البحرينيين وتجنيس المهاجرين الباكستانيين والأفارقة.
لكن الجهود التي بذلها النظام البحريني لتغيير البنية العرقية والدينية للبحرين صحبتها ضغوط واسعة ضد الأنشطة الدينية الشيعية لمنع أبناء الشيعة من امتلاك هوية سياسية، وتعتقد حكومة آل خليفة أن العامل الرئيسي وراء استمرار الاحتجاجات المناهضة لحكومتهم في البحرين، يرجع إلى الدور القيادي الذي يقوم به رجال الدين والعلماء الشيعة، وبالتالي، فإن القمع المستمر لرجال وعلماء الدين الشيعة البحرينيين يحظى بأولوية عليا في السياسات الداخلية لنظام آل خليفة.
وفي هذا الصدد، فإن دور السعودية يظهر جلياً وذلك لأن السعوديين أنفسهم قلقون من انتفاضة الأقلية الشيعية الموجودة في عدة مدن داخل السعودية ضد الظلم والاستبداد الداخلي تجاههم، وبالتالي فإن أي حركة سياسية للشيعة ووجود ديمقراطية في البحرين تعتبر عاملاً محتملاً لتشجيع المجتمع الشيعي للخروج في مظاهرات، لذلك، يسعى السعوديون وآل خليفة لتعزيز الأيديولوجية الوهابية في المنطقة من أجل خلق سلسلة من التوترات الطائفية لتثبيط الناس عن المشاركة في الاحتجاجات والمطالبة بالديمقراطية.
وحول هذا السياق، دافع وزير الخارجية البحريني "خالد بن أحمد آل خليفة" في الـ 15 يوليو 2016 عن الوهابية في رسالة على تويتر وكتب: "دعونا نعطي الصورة الصحيحة، "داعش" ليست وهابية، و"أسامة بن لادن"، و"أيمن الظواهري" [زعيم تنظيم القاعدة في سوريا والعراق] و"عبد الله عزام" [الأب الروحي لتنظيم القاعدة] لم يكونوا وهابيين"، وهنا يظهر الأمر جليّاً بأن سياسة الدعاية الوهابية التي اتخذها نظام آل خليفة وبدعم من السعوديين مستمرة خارج الحدود البحرينية.
إن النظام البحريني يشجّع على نشر الأيديولوجية الوهابية في البنية التحتية التعليمية والأمنية في البحرين، وبهذا الأمر تمكّن ذلك النظام من ترسيخ ثقافة العنف ضد أبناء المذهب الشيعي ورموزهم الثقافية والدينية وقد تضاعفت أعمال العنف هذه بالتزامن مع اقتراب موعد إحياء ذكرى ثورة انتفاضة فبراير المجيدة، حيث هاجمت قوات الأمن البحرينية عدة مناطق، بما في ذلك المنامة والشاخورة وابو صبيع والحمد وعيسى وكرزكان وسار والدراز والمالكية والعكر والبوري وبعض المناطق والأحياء السكنية التي رفعت الرايات السوداء لإحياء المراسم الدينية وقامت قوات الأمن أيضاً بقمع مسيرة شعبية خرجت لإحياء المراسم الفاطمية في حي النويرات جنوب المنامة.
لقد أدّت عمليات القمع تلك إلى حدوث ردّة فعل قوية لدى الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان التي أكدت على أن حرية إقامة الشعائر الدينية تعدّ واحدة من الحقوق التي لا نزاع فيها لكل الأشخاص والتي كفلتها المادة 18 من المرسوم العالمي لحقوق الإنسان والمادتين 22 و311 من الدستور البحريني، وأضافت تلك الجمعية بأن نظام آل خليفة لا يزال ينتهك هذه الحقوق على الرغم من التحذيرات المستمرة من قبل المنظمات القانونية المحلية والدولية.