الوقت- إن قطار الإصلاحات في المجالين الاجتماعي والثقافي التي وعد بها ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" قبل عامين، يخطو بشكل بطيء جداً ولقد نشرت العديد من وسائل الإعلام السعودية والعربية تقارير إخبارية تفيد بأن "ابن سلمان"، قام باتخاذ بعض التدابير والإجراءات لكي يستمر هذا القطار بالمضي قدماً بشكل أسرع في المستقبل لتغيير الهيكل الاجتماعي والثقافي المحافظ للشعب السعودي، وفي تحرّك غير مسبوق، أعلنت لجنة الترفيه والتسلية السعودية يوم الثلاثاء الماضي بأن جميع المطاعم والمقاهي في البلاد مسموح لها المشاركة في الأنشطة الفنية، بما في ذلك الموسيقى والغناء ومن ناحية أخرى، أعلن حساب "مجتهد" الشهير الذي يكشف دائماً الكثير من أسرار آل سعود قبل عدة أيام بأن ولي عهد السعودية "محمد بن سلمان" يسعى جاهداً لإقناع المسؤولين في البلاد بالسماح للتجار ببيع الخمور في السعودية.
التستر على الفضائح بقناع الإصلاحات
إن إصلاحات ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان"، ومن ضمنها رفع الحظر عن قيادة النساء للسيارات، ما هي إلا مجرد واجهات تخفي القمع وراءها، وتشير بعض المصادر الإخبارية إلى أن "ابن سلمان" الذي يقود الإصلاحات يرفع الحرج الذي سببه حظر قيادة المرأة لبلاده لكونها الدولة الوحيدة في العالم التي تحظر على النساء القيادة، وإن السلطات السعودية تعامل نصف سكانها كمواطنين من الدرجة الثانية في إشارة إلى السعوديات اللاتي يتعيّن عليهن الحصول على موافقة ولي الأمر الذكر عند سفرهن أو عملهن أو حتى تلقيهن للعلاج في المستشفى، وأضافت تلك التقارير إن السعودية تدّعي أنها جادة في برنامج الإصلاح، ولكن فيما يبدو أن الإصلاحات مجرد واجهات لإخفاء القمع، مشيرة إلى أن محمد بن سلمان يسعى دائماً إلى الحصول على دعم الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" الذي يقضي على أبسط قواعد الديمقراطية الأمريكية ويوطّد سلطته عن طريق تشويه صورة المجموعات المهمشة والنساء، خاصة بعد جريمة القتل الذي قام بها "ابن سلمان" بحق الصحفي السعودي المعارض "جمال خاشقجي" داخل القنصلية السعودية في تركيا.
الركود النفطي والتكاليف المتزايدة
إن الركود النفطي وانخفاض أسعاره في الأسواق العالمية يعدّ من أحد أهم الأسباب الكامنة وراء سعي "ابن سلمان" لتحويل الأنشطة الثقافية الغريبة عن المجتمع السعودي المحافظ إلى خطة حكومية لزيادة الإيرادات غير النفطية وتقليل اعتماد الاقتصاد السعودي على الموارد النفطية والتي تم التطرق إليها والتخطيط لها في خطة رؤية 2030.
إن انخفاض عائدات النفط السعودية في أعقاب الركود النفطي في الأسواق العالمية الذي حصل خلال الأشهر الأخيرة إلى جانب التكلفة الباهظة التي تتحملها الرياض في حربها على اليمن والأموال الطائلة التي تقدّمها الرياض لإبقاء تحالفها مع القوى الغربية التي تقدّم لها الكثير من الدعم اللوجستي والعسكري، قد تسببت في فشل المسؤولين السعوديين في تأمين الميزانية اللازمة لتنفيذ كل الخطط الاقتصادية التي كان يطمح ولي العهد السعودي لتحقيقها، وفي ظل هذه الظروف، يعتقد القادة السعوديون بأن الاستعانة بسياسات الأبواب المفتوحة وجذب السياح والمستثمرين سيساعدهم على سدّ جميع هذه الثغرات الاقتصادية ولكن هذه السياسة لم تنجح حتى الآن، وهذا ما تؤكده التصريحات الأخيرة للأمير "خالد الفيصل"، أمير إمارة مكة، التي أطلقها مؤخراً والتي أعرب فيها عن الوضع الاقتصادي السيئ الذي تمرّ به البلاد وعن خروج الكثير من المستثمرين ورؤوس المال من السعودية، وهذه التصريحات كشفت الحقيقة المُرة التي يعاني منها الاقتصاد السعودي وكشفت أيضاً عن فشل سياسات ولي العهد السعودي في جذب الاستثمارات الأجنبية.
ولهذا فلقد قامت السعودية خلال الفترة السابقة باتخاذ بعض التدابير القانونية للحيلولة من هروب رؤوس الأموال منها، وقامت بفرض العديد من العقبات أمام مواطنيها الذين يسافرون كل عام لدول أخرى لقضاء إجازاتهم السنوية وقامت الحكومة السعودية بتشجيع المجتمع السعودي بالتركيز على السياحة الداخلية وفي هذا الصدد، قال رئيس اتحاد رياضة الدرجات بالسعودية الأمير "خالد بن سلطان الفيصل آل سعود": "لم نفتح أبواب بلدنا للرياضيين الدوليين فحسب، بل قمنا بتقديم رياضة جديدة ومثيرة لشعبنا".
بشكل عام ووفقاً للمجتمع المتديّن والتقليدي في السعودية، فإن جميع التدابير والأعمال الراديكالية والمناهضة للإسلام التي يسعى "محمد بن سلمان" لتنفيذها على الساحة السعودية، تعتبر نوعاً من المغامرة، وذلك بسبب معارضة الهيئات الدينية السعودية الواسعة لهذه التدابير الغريبة على المجتمع السعودي ما قد يتسبب في انهيارها وفشلها.