الوقت- إن الصراع الحاصل على الساحة السورية يُعتبر من الأمور التي تحتاج للعمل الدؤوب من أجل حل تعقيداته ونقل الوضع السوري الى مرحلةٍ أكثر استقراراً، بعد أزمةٍ حلَّت على البلاد نتيجة رهاناتٍ ومؤامرات سقطت جميعها بعد توحد محور المقاومة ووقوفه الى جانب النظام السوري لإعتباراتٍ تتعلق بالصراع الحاصل في مستواه الإستراتيجي وتتخطى الجغرافيا السورية. وإنطلاقاً من أهمية التعاون بين القوات السورية وكافة الأطراف الأخرى ضد الإرهاب، لا بد من تسليط الضوء على التعاون الذي حصل مؤخراً بين القوات السورية والأكراد والذي أدى الى طرد تنظيم داعش الإرهابي من مدينة الحسكة. فماذا في مجريات هذا التعاون؟ وما هي أهميته ودلالاته؟
مجريات التعاون السوري الكردي مؤخراً:
تمكنت القوات الحكومية السورية ووحدات حماية الشعب الكردية منذ يومين من طرد عناصر تنظيم داعش الإرهابي من مدينة الحسكة السورية بعد معارك استمرت حوالي الشهر. وكان التنظيم الإرهابي قد نفَّذ هجوماً على مواقع القوات السورية في المدينة في 25 حزيران تمكن خلاله من السيطرة على بعض الأحياء الجنوبية. ونتيجةً لذلك انضم الأكراد الى المعركة، وفتحوا جبهةً أخرى ضد التنظيم، وحققوا تقدماً كبيراً أدى خلال الأيام الأخيرة الى محاصرة عناصر داعش في أجزاء صغيرة في جنوب المدينة.
قراءة تحليلية:
لا شك أن مسألة التعاون التي حصلت تُعتبر نموذجاً يحتاج للعمل والتطوير من أجل تأمين إستمراريته وترسيخه كواقعٍ أساسيٍ في التعاطي مع ملف القضاء على الإرهاب. وهنا لا نقول إن التعاون الحاصل كافٍ لكنه يمكن أن يكون بدايةً ومثالاً لما يجب أن تصل اليه الأمور بين القوات السورية والأطراف المسلحة، لما يخدم مصلحة سوريا كدولةٍ وشعب. لذلك نشير للتالي:
- يعتبر التطرف والإرهاب التهديد الرئيسي للشعب السوري، والذي أدى على مر عمر الأزمة الى تشريد المواطنين السوريين وجعل مقدرات الدولة ومستقبلها ضحية الفوضى والخراب. لذلك دون القضاء على الإرهاب أو تأمين الأرضية لواقعٍ أمني، لا يمكن تحقيق أي حلٍ سياسي أو إجراء أي تعديلات لازمة في أيٍ من المجالات كافة. فسوريا اليوم تحتاج الى عملٍ دؤوب داخلي لبناء واقعٍ يجمع جميع الأطراف السياسية تحديداً من أجل لمِّ الشمل وإعادة إحياء لغة الحوار. وهنا تأتي أهمية التعاون العسكري بين القوات السورية والأطراف العسكرية الأخرى.
- وهنا لا بد من الإشارة الى أن هذا الإرهاب أو التطرف الموجود في سوريا، يتجلى في الجماعات المسلحة مثل جبهة النصرة والقاعدة وأحرار الشام وغيرهم من التنظيمات التي قد تكون تشتتت نتيجة الفشل التنظيمي أو تغيُّر المعادلات لدى الدول الداعمة لها لا سيما الدول الخليجية، وليس صحيحاً تسليط الضوء على داعش كتنظيمٍ إرهابيٍ فقط. وهذا الإرهاب هو ما يشكل التهديد الرئيسي للحكومة وكافة الجماعات العرقية والدينية. ومن هذا المنطلق فإن توحُّد الأطراف المسلحة الى جانب القوات السورية، سيُعيق مسار تمدد الإرهاب ويجعل المسلحين التابعين لهذه التنظيمات أمام واقعٍ يُشبه ما حصل في العراق حين إجتمعت اللجان الشعبية حول القوات الحكومية، فحقق العراق إنجازاتٍ أبهرت العالم وأغنته عن التدخل الأمريكي المشبوه.
- لذلك فإن أي أملٍ في التعافي من نتائج ومُخلفات الأزمة السورية ما يزال موجوداً. وهو ما لا يمكن أن يتحقق دون العمل على تطوير نمط التعاون المشترك بين القوات السورية والأطراف الأخرى المسلحة الساعية للدفاع عن حقوق الشعب وتحسين الأوضاع في البلاد. ولعل هذا ما يجب أن يكون محط إهتمام الجهات الرسمية في المستقبل القريب، بعد تراجع زخم الغرب في المناداة بإسقاط النظام، نتيجة إنجازات محور المقاومة من جهة، ونتيجةً للإتفاق النووي الذي وقعته إيران والذي سيعود بإيجابياته على أزمات المنطقة كافة ومنها الأزمة السورية.
إن التعاون الذي حصل شكَّل مثالاً يُثبت أنه لا يمكن تحرير البلاد من الإرهاب إلا بتوحيد الصفوف والجهود، لجعل العدو والهدف واحداً. ولذلك فإن النتيجة التي نصل إليها، تقتضي العمل على تأمين الواقع اللازم على الصعيدين العسكري والسياسي من أجل تحقيق الأهداف الوطنية العليا، لما يخدم مصلحة البلاد والشعب السوري.