الوقت – في خضم ما يشهده العالم اليوم من حروب وتدخلات خارجية في شؤون الكثير من الدول، بات القاصي والداني يتساءل "اسلحة غربية بيد ميليشيات؟؟، من اين وكيف" فاصبحت بعض المجموعات الارهابية في بعض دول المنطقة – سوريا على سبيل المثل وليس الحصر- تمثل جيوش اوروبية برمتها ليس بدعم لوجستي فقط بل بدعم عسكري منظم، الامر الذي دعا الكثير من النشطاء الى دعوة الدول الاوروبية الى التوقف عن شحن الاسلحة الى تلك المجموعات.
وفي هذا الصدد قالت صحيفة الاندبندنت البريطانية نقلا عن الكاتب البارز" روبرت فيسك" استغرابه الشديد من كيفية وصول الاسلحة الاوروبية والامريكية الى أيدي "المعارضة السورية" مبينا في تقريره انه يوجد اليوم تنسيق عسكري كبير بين امريكا والغرب من جهة والمجموعات الارهابية من جهة اخرى في سوريا.
حيث قال الكاتب البريطاني إنه ومنذ فترة وفي أمريكا التقيت مسؤولاً تنفيذياً كبيراً من شركة "هيوز للطائرات" الذي ضحك عندما قلت له قصتي حول إيجاد صواريخه شرق حلب، وقلت له لاحظ هذا الرقم: MFG BGM-71E-1B. وهذا الرقم: STOCK NO 1410-01-300-0254. وهذا الرمز: DAA A01 C-0292، لقد وجدت كل هذه الأرقام المطبوعة على جانب غلاف صاروخ في الطابق السفلي من قاعدة للإرهابيين دمّرها القصف شرق حلب العام الماضي، وفي الجزء العلوي كانت هناك عبارة "شركة هيوز للطائرات"، التي تأسست في كاليفورنيا عام 1930 من قبل هوارد هيوز وتم بيعها عام 1997 إلى رايثيون بيل المقاول في وزارة الدفاع الأمريكية الذي حصل على أرباح هائلة العام الماضي وصلت لـ (23) بليون دولار، وتشمل شركته اليوم المساهمين من بنك "أوف أمريكا" و"دويتشه بنك"، ويمكن العثور على مكاتب ريثيون في الشرق الأوسط بالسعودية والإمارات و"إسرائيل" ومصر وتركيا والكويت.
وتابع فيسك قائلاً: كانت هناك العشرات من أغلفة القذائف المستخدمة في غرفة تحت الأرض في أنقاض شرق حلب، مع ترميز متسلسل، وبعبارة أخرى فإن هذه الصواريخ المضادة للدروع يمكن تعقبها بصرياً، كما أن هناك صواريخ موجّهة سلكياً، ولا يمكن للعناصر الفردية تهريبها إلى سوريا، إلا إذا كان المهرّبون من وكالة المخابرات المركزية حيث كانت هذه الشحنات تأتي من ليبيا، وبشكل دفعات كاملة حيث تركت لصاقة المنشأ على منصات الطائرات العسكرية.
وأضاف الكاتب البريطاني: قال المسؤول التنفيذي في شركة "هيوز" إنه عندما تم بيع الشركة تم تقسيم هيوز إلى ثماني مكونات لكن بالتأكيد هذه المجموعة من الصواريخ تركت في قاعدة الحكومة الأمريكية، فهناك أشرطة فيديو عن المقاتلين الإسلاميين الذين يقومون باستخدام مجموعة متنوعة من صواريخ BGM-71E-1B في محافظة إدلب وقبل عامين وجدت أغلفة من الصواريخ المضادة للدبابات في حلب.
وأضاف فيسك: إنه يتم تصنيع هذا الصاروخ وبيعه من قبل شركة هيوز / رايثيون بشكل قانوني إلى حلف شمال الأطلنطي، أو حلف شمال الأطلسي، وهناك شهادة المستخدم النهائي (EUC)، الذين قاموا بشراء صواريخ Tow بأعداد كبيرة جداً تأكيداً على أنهم هم المستلمون النهائيون للأسلحة.
وتابع: إن شركات تصنيع الأسلحة التي تحدثت معها في البلقان خلال الأسابيع الماضية - أكدت لي أنه لا يوجد التزام ولا آلية تحقيق من جانب مصنعي الأسلحة لضمان عدم تسليم منتجاتهم باهظة الثمن من قبل "المشترين" إلى تنظيم "داعش" الإرهابي وجبهة النصرة وتنظيم القاعدة - أو بعض الجماعات الأخرى في سوريا التي سمّتها وزارة الخارجية الأمريكية بنفسها "منظمة إرهابية". بالطبع ربما كانت الأسلحة قد أرسلت (بشكل غير قانوني تحت شروط EUC غير القابلة للتنفيذ) إلى ميليشيات "معتدلة" مثل "الجيش السوري الحر" الذي لم يكن موجوداً إلى حد كبير، والذي تم التبرع بالعديد من أسلحته بسخاء من قبل الغرب.
وأردف فيسك: هكذا يمكن أن تكون جبهة النصرة هي المستفيدة من الصواريخ من "أصدقائنا" في المنطقة، وهنا يرجى نسيان EUC – أو "المعتدلين" الأسطوريين الذين يقومون بدورهم بتسليم الأسلحة إلى جبهة النصرة وتنظيم "داعش" مقابل الحصول على الأموال.
وقال فيسك: إنها الحقيقة، أنا آسف لذكرها، إنّ جميع الأسلحة التي رأيتها كانت مستخدمة في الحرب الأهلية اللبنانية التي دامت 15 سنة (1975-1990)، حيث تم بيع تلك الأسلحة لهم، كما تم استخدام بنادق الكلاشنيكوف الروسية والبلغارية التي تم بيعها لسوريا من قبل المقاتلين الفلسطينيين، والدبابات الأمريكية القديمة التي استخدمها حزب الكتائب اللبناني والتي كانت هدايا من الإسرائيليين، وتم تسجيل هذه الشحنات الفاحشة للأسلحة في ذلك الوقت - ولكن بطريقة تجعلنا نظنّ أن عمليات النقل كانت مكفولة بالقانون (الأمريكية الصنع، الناقل هي إسرائيل).
واختتم الكاتب بالقول: أما شرق حلب، من يدري ما هي "الهدايا" للمواطنين الناجين من المدينة في الأشهر الأخيرة من الحرب التي اكتسبت هدفاً جديداً؟ كانت شاحنات البيك أب من طراز ميتسوبيشي، بعضها في طلاء التمويه، والبعض الآخر بألوان محايدة ترقد في الشوارع التي مررت بها، وإلى جانب هذه السيارات المريبة وجدت تفريغ قنبلة غازية على الخط الأمامي لحلب في بني زيد عام 2016.