الوقت- ردّت إيران على الشروط الأمريكية التي طرحها وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو، مؤكدة أنها لا تتفاوض مجدداً مع بلد انتهك الاتفاق النووي المصادق عليه من قبل مجلس الأمن الدولي .
وفي مقال لعميد الدبلوماسية الإيرانية محمد جواد ظريف نُشر في وسائل الإعلام المحلية، أكدت طهران أن الاتفاق النووي الإيراني مع (5+1) (برنامج العمل المشترك الشامل حول المشروع النووي الإيراني) يعَدّ ثالث اتفاقية دولية انسحبت الحكومة الأمريكية منها بعد انسحابها من اتفاقية شراكة المحيط الهادئ واتفاقية باريس للمناخ، كما أنها من خلال سلوكها عرّضت للخطر عدداً آخر من الاتفاقيات، كاتفاقية نافتا ونظام التجارة الحرة وأجزاء من نظام الأمم المتحدة، وألحقت خسارة كبيرة بنظام التعددية وآفاق حلّ الخلافات بالطرق الدبلوماسية.
وجاء القرار الأمريكي بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني وإعادة فرض العقوبات النووية على إيران في 8 مايو 2018م بشكل أحادي الجانب وبطريقة غير قانونية، بل على خلاف رأي الشعب الأمريكي، ليشكّل ذروة حالات نكث العهد والانتهاك المتكرر لهذا الاتفاق من قبل الحكومة الأمريكية، بينما الوكالة الدولية للطاقة، بصفتها المؤسسة الوحيدة الدولية التخصصية المؤهلة، قد أكدت مراراً وتكراراً التزام الجمهورية الإسلامية الإيرانية بتعهداتها وفق الاتفاق النووي، وقد واجه هذا القرار الأمريكي احتجاج المجتمع الدولي وحتى شركاء أمريكا القريبين منها كالاتحاد الأوروبي وبريطانيا وفرنسا وألمانيا.
وأكد ظريف أن تصريحات بومبيو واهية مسيئة ذات طابع تدخلي وتشكل تعارضاً سافراً مع الأعراف الدولية المعترف بها، وتمثل رد فعل مرتبك من قبل الحكومة الأمريكية تجاه الموقف الدولي الموحد والمعارض للجهود الأمريكية الرامية للقضاء على الاتفاق النووي.
وشدد ظريف على أن أكبر سند للنظام السياسي الإيراني هو الشعب الإيراني المتحرر المسالم، الذي يقبل التعامل البنّاء مع العالم على أساس الاحترام المتبادل، وفي نفس الوقت مستعد في صف واحد وبصوت واحد للمقاومة والتصدي للبلطجة والابتزاز، والدفاع عن استقلاله وعزّته.
وسرد ظريف جملة من مطالبات الشعب الإيراني والحكومة الإيرانية لواشنطن وهي كالتالي:
-على الحكومة الأمريكية أن تحترم استقلال إيران وسيادتها الوطنية، وتعطي ضماناً بأنها ستنهي تدخلاتها في إيران بموجب ما تعهدت به عبر معاهدة الجزائر لعام 1980م.
-على الحكومة الأمريكية أن تتخلى رسمياً عن أسلوب التهديد واستخدام القوة كأداة للسياسة الخارجية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية وغيرها من الدول، ما يتناقض مع المبادئ الآمرة في القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وقد ألحق خسائر جمّة بشعوب العالم وشعوب منطقتنا والشعب الأمريكي.
-على الحكومة الأمريكية أن تحترم حصانة حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية الأمر الذي يعتبر من المبادئ الأساسية للقانون الدولي، وأن تلغي ما أصدرته من أحكام تعسفية غير قانونية وتكفّ عن تطبيقها سواء داخل أمريكا أم في سائر الدول.
-على الحكومة الأمريكية أن تعترف بالأعمال غير القانونية التالية التي قامت بها طوال العقود المنصرمة ضد الشعب الإيراني، كما عليها أن تقوم بالتعويض عن الخسائر التي لحقت بالشعب الإيراني.
-على الحكومة الأمريكية أن تتخلى عن سياساتها العدوانية وعدوانها الاقتصادي المستمر طوال أربعة عقود ماضية ضد الشعب الإيراني، وأن تلغي العقوبات الظالمة الواسعة النطاق والمباشرة والتي تتعدى حدود أمريكا، وتوقف فوراً مئات من اللوائح والأوامر التنفيذية الصادرة بهدف عرقلة المسار الطبيعي للتنمية في إيران، ما يشكل انتهاكاً سافراً للقانون الدولي والمعاهدات النافذة، وتم إدانته من قبل الجميع، وتقوم بالتعويض عن الخسائر الجسيمة التي لحقت بشعب إيران واقتصادها من جراء ذلك.
-على الحكومة الأمريكية أن توقف فوراً أسلوبها في الغدر ونقض للعهد ونقضها السافر للاتفاق النووي ما ألحق بإيران خسائر مباشرة وغير مباشرة تبلغ مئات المليارات من الدولارات بسبب فرض الحظر على التجارة مع إيران والاستثمار فيها، وأن تعوّض عن الخسائر التي ألحقت بالشعب الإيراني، وتتعهد بطريقة يمكن اختبار مصداقيتها بأنها تنفذ دون قيد أو شرط كل ما تعهدت به في الاتفاق النووي، وأنها بموجب ما نص عليه الاتفاق النووي ستمتنع عن أي عمل يعرقل طريق تطبيع العلاقات الاقتصادية الإيرانية.
-على الحكومة الأمريكية أن تبادر فوراً إلى إطلاق سراح جميع المواطنين الإيرانيين وغير الإيرانيين ممن وُجّهت إليهم تهم مفتعلة بخرق العقوبات المفروضة على إيران فأودعوا السجون الأمريكية أو تم اعتقالهم في سائر الدول بفعل الضغوط اللا قانونية من قبل الحكومة الأمريكية لغرض تسليمهم إلى أمريكا وهم يعانون أقسى الظروف تحت الاعتقال اللا قانوني، كما يجب أن تقوم بالتعويض عن الخسائر التي لحقت بهؤلاء وذويهم، حيث يوجد بينهم نساء حوامل وشيوخ طاعنون في السن ومرضى، وقد لقي البعض منهم حتفه في السجن.
على الحكومة الأمريكية أن تعترف بتداعيات غزوها العدواني التدخلي لهذه المنطقة، بما فيها العراق وأفغانستان وكذلك الخليج الفارسي، وتسحب قواتها من المنطقة وتضع نهاية لتدخلها في شؤون المنطقة.
-على الحكومة الأمريكية أن تضع نهاية للسياسات والإجراءات التي أدت إلي إيجاد جماعة "داعش" الإرهابية اللا إنسانية وغيرها من الجماعات المتطرفة، وترغم حلفاءها في المنطقة على إيقاف الدعم المالي والتسليحي والسياسي للجماعات المتطرفة في هذه المنطقة وفي العالم وذلك بطريقة يمكن اختبار مدى مصداقيتها.
-على الحكومة الأمريكية أن تتخلي عن توفير السلاح للطرف المعتدي في اليمن والمشاركة في الهجمات المتكررة على الشعب اليمني المظلوم وقتل الآلاف من أبنائه وتدمير بلده، وأن ترغم حلفاءها على إنهاء العدوان على الشعب اليمني والتعويض عن الخسائر الناجمة عنه.
على الحكومة الأمريكية أن تحترم القوانين والأنظمة الدولية وتبادر إلى وقف دعمها اللا محدود للكيان الصهيوني وتدين سياسة الأبارتهايد والانتهاك المستمر لحقوق الإنسان من قبل هذا الكيان، وتدعم بشكل فعلي حقوق الشعب الفلسطيني وبوجه خاص حقه في تقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشريف.
-على الحكومة الأمريكية أن تبادر إلى وقف بيع الأسلحة الفتاكة ـ وليس الجميلة ـ بقيمة مئات المليارات من الدولارات إلى المناطق المتأزمة في العالم وبخاصة منطقة غرب آسيا، فبدلاً من أن تحوّل المناطق المتأزمة إلى مخزن بارود، يجب أن تدع هذه المبالغ الباهظة توظّف لتنمية الدول ومكافحة الفقر في العالم، حيث إن جزءاً من نفقات شراء الأسلحة من قبل زبائن أمريكا من شأنه أن يكون عاملاً لإزالة الجوع والفقر المدقع، وتوفير المياه الصالحة للشرب، ومكافحة الأمراض في كل أرجاء العالم.
-على الحكومة الأمريكية أن تتخلى عن معارضتها لموقف المجتمع الدولي المطالب منذ خمسة عقود بإيجاد منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، وأن ترغم الكيان الصهيوني المحتل المعتدي على نزع سلاحه النووي، وتعمل على إزالة أكبر خطر يهدد فعلاً السلام والأمن الإقليميين والعالميين أي وجود أفتك أنواع الأسلحة بيد كيان هو أكبر معتد ومؤجج للحروب على مرّ التاريخ المعاصر.
-على الحكومة الأمريكية التخلي عن اعتمادها المتزايد على الأسلحة النووية ومنهج التهديد باستخدام هذه الأسلحة اللا إنسانية أمام الأخطار غير النووية، ما يعتبر انتهاكاً سافراً لما تعهدت به تلك الحكومة بموجب المادة 6 من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، والقرار الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية، والبيان الصادر عن اجتماع مراجعة وتجديد معاهدة حظر الأسلحة النووية عام 1995م، وقرار مجلس الأمن رقم 984؛ وأن تعمل بواجبها الأخلاقي والقانوني والأمني في نزع السلاح النووي بشكل كامل، الأمر الذي يشكّل مطلب الأغلبية الساحقة من أعضاء الأمم المتحدة وحتى وزراء خارجية أمريكا السابقين، كما أنه مطلب كل أبناء البشر الموجودين على وجه الأرض بالتأكيد، فإن الحكومة الأمريكية ـ باعتبارها الدولة الوحيدة التي سجلت في التاريخ باسمها عار استخدام السلاح النووي، عليها أن تخلّص البشرية من كابوس المحرقة النووية العالمية المشؤوم والأمن الوهمي الذي أرسي بنيانه على أساس الزوال الحتمي للطرفين.
-على الحكومة الأمريكية أن تتعهد لجميع الأطراف المتعاقدة معها وللمجتمع الدولي بأنها تحترم مبدأ الوفاء بالعهد الذي يعدّ أهم قاعدة في القانون الدولي ويمثل أساساً للعلاقات الإنسانية المتحضرة، وأن تتخلى رسمياً، بل أهم من ذلك عملياً، عن المنهج الخطر المتمثل في استغلال القانون الدولي والمنظمات الدولية كإحدى الأدوات الموجودة في جعبة أدوات واشنطن.