الوقت- أعلن الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" في مؤتمر صحفي عقده في مدينة "أنقرة" خلال زيارته الأخيرة لتركيا، بأن موسكو سوف تعمل على قدم وساق لتقديم موعد تسليم السلطات التركية أنظمة الدفاع الصاروخية "S-400" وتأتي زيارة الرئيس الروسي "بوتين" لتركيا تلبية لدعوة من الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" للمشاركة في القمة الثانية التي ستعقد في تركيا وسيشارك فيها الرئيس الإيراني والتركي والروسي، لبحث آخر التطورات بشأن الوضع في سوريا.
وتُعدّ زيارة الرئيس "بوتين" إلى تركيا أول زيارة خارجية له بعد فوزه بدورة رئاسية جديدة في روسيا وفي هذه الزيارة سوف يتطرق الجانبان الروسي والتركي إلى مناقشة تقديم موعد تسليم منظومة الصواريخ "S-400" الروسية إلى تركيا وسوف يبحث الطرفان أيضاً آخر التطورات في الشرق الأوسط والأزمة السورية ومواضيع متعلقة بمشروعات الطاقة المشتركة والتعاون الثنائي ويعتقد العديد من المحللين السياسيين بأن هذه المحادثات، تُعدّ مؤشراً واضحاً على نية كلا الجانبين تعزيز العلاقات الأمنية والاستراتيجية بينهما.
اتفاق للتسليم المبكّر لمنظومة الدفاع الصاروخية "S-400" لتركيا
أعلن الرئيس الروسي "بوتين" أثناء زيارته الأخيرة لتركيا، بأن سلطات بلاده سوف تقوم بتقديم موعد تسليم منظومة الصواريخ "0S-40" للحكومة التركية ولفت "بوتين" إلى أن هذه الصفقة العسكرية، ستعزز أوجه التعاون العسكري بين موسكو وأنقرة وأفاد "بوتين" بأنه تباحث مع الرئيس التركي " رجب طيب أردوغان" حول تنفيذ صفقة منظومة صواريخ "S-400" وأعرب قائلاً: "لقد قررنا العمل على قدم وساق لتسريع عملية تسليم هذه المنظومة الصاروخية إلى أصدقائنا وشركائنا الأتراك". إلا أن الرئيس "بوتين" والرئيس "أردوغان" لم يحددا موعداً لتسلم تركيا أنظمة الدفاع الصاروخية "S-400" من الجانب الروسي، التي تعتبر من أكثر أنظمة الدفاع الصاروخية تطوراً في العالم ولكن الإعلان عن تقديم موعد التسليم لـ"أنقرة"، كان مفاجئاً للكثير من الأطراف وذلك لأن روسيا غالباً ما تُعرف بتأخرها في تنفيذ وعودها لحلفائها.
لكن من ناحية أخرى، يُظهر هذا التقدم في موعد تسليم تلك المنظومة الصاروخية إلى الأتراك، مدى أهمية "أنقرة" بالنسبة لموسكو وبأن الروس يبذلون كل جهدهم للحفاظ على العلاقات الوثيقة والثنائية مع الجانب التركي وتجدر الإشارة هنا، إلى أن حلفاء تركيا في منظمة حلف شمال الأطلسي قاموا بالاحتجاج في شهر ديسمبر الماضي، على عقد شراء تركيا هذه الأنظمة الصاروخية من روسيا ولهذا شعرت "موسكو" بالقلق خوفاً تحول موقف "أنقرة" من هذه الصفقة ولكن التطورات الأخيرة التي شهدتها المنطقة، بما في ذلك تلك التوترات التي حصلت في شمال سوريا، أدت إلى زيادة الاحتقانات السياسية بين أنقرة والغرب، وربما هذا الأمر هو ما أجبر "موسكو" على تقديم موعد تسليم منظومة الدفاع الصاروخية "S-400" إلى تركيا.
وفي سياق متصل أعربت العديد من المصادر الإخبارية بأن الرئيس "اردوغان" ظهر الأسبوع الماضي بزيّ عسكريّ على الحدود التركية السورية وذلك عقب العمليات العسكرية التي قامت بها قوات بلاده خلال الأسابيع الماضية في شمال سوريا ودخولها إلى مدينة "عفرين" السورية ولفتت تلك المصادر بأن الرئيس التركي أكد على ضرورة تقدم القوات التركية إلى جبهة "منبج" وهذا التأكيد تم تقييمه بشكل واضح من قبل الأمريكيين والغرب، الذين أعربوا عن عدم قبولهم لتلك العمليات العسكرية التي تقوم بها القوات التركية في شمال سوريا ولكن "أردوغان" أراد بذلك التأكيد إرسال رسالة باردة من قصر الرئاسة التركي إلى الغرب.
التباحث في مجال الطاقة النووية بين الجانبين
بصرف النظر عن القضايا الأمنية والسياسية، فلقد تباحث الجانبان الروسي والتركي بشأن قضية الطاقة مرة أخرى وتطرقا هذه المرة إلى المجالات النووية. فبعد إعلان الرئيس الروسي "بوتين" عن تقديم موعد تسليم منظومة الدفاع الصاروخية "S-400" إلى تركيا، أضاف بأن الخبراء الروس سوف يبدؤون بالمرحلة الأولى من مراحل إنشاء محطة الطاقة النووية التركية خلال الأسابيع المقبلة بالتعاون جنباً إلى جنب مع الخبراء الأتراك.
وتجدر الإشارة هنا، إلى أن هذا المشروع النووي التركي سيكلف 20 مليار دولار وسيوفر 10٪ من احتياجات تركيا من الكهرباء وسيوفر وظائف لعشرة آلاف شخص وإلى جانب كل هذه الفوائد الاقتصادية، فإن بناء محطة طاقة نووية مشتركة، سوف يعزز العلاقات السياسية بين أنقرة وتركيا وسيزيد من مجالات التعاون في المجال النووي بينهما.
لقد حاولت تركيا خلال الأربعة العقود الماضية، امتلاك برنامج نووي ولكن ذلك الحلم لم يتحقق نظراً لأسباب متعددة ويرى الأتراك في وقتنا الحاضر بأن البرنامج النووي سيوفر الكثير من الطاقة وسيكون له الكثير من المزايا الاقتصادية وبهذا التعاون التركي الروسي، أصبح من الواضح أن روسيا سوف تعمل على تحقيق هذا الحلم التركي القديم وفي الوقت نفسه، ينبغي ألّا يغيب عن الأذهان أن التعاون النووي بين "موسكو" و"أنقرة"، سيشكّل خطراً على الكيان الصهيوني في المنطقة وذلك لأن إسرائيل كانت تكافح في الماضي لإظهار نفسها كلاعب نووي قوي في المنطقة ولكن هذا الدور المتوتر لم يتم الاعتراف به من قبل الدول الأخرى في المنطقة وإنما تم الاعتراف رسمياً بالبرنامج النووي الإيراني المتقدم وببعض طموحات السعودية النووية التي ظهرت إلى العلن في الأيام الأخيرة ولهذا فإن خطوات تركيا المبكرة في المسار النووي، قد خلقت ظروفاً صعبة للصهاينة أكثر من أي وقت مضى ومن الواضح أن التعاون التركي الروسي في مجال البرنامج النووي سوف يواجهه الكثير من القلق الإسرائيلي.