الوقت - بات الاتفاق النووي مع إيران حديث الساعة في عصر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خصوصاً أنه لطالما تحدّث ملمّحاً عن نيته الانسحاب منه. ولأن الرئيس الحالي قام بخطوات عديدة لا تحمد عقباها بنظر الكثيرين، ترتفع الأصوات المؤكدة على ضرورة بقاء واشنطن.
فما الجديد في هذه القضية؟ ومن انضم إلى ركب المعارضين لاتخاذ ترامب قرار كهذا؟ وما سلبياته على الولايات المتحدة؟
بالإضافة إلى المعارضة السابقة في الداخل الأمريكي، ومخالفة فكرة ترامب من قبل الاتحاد الأوروبي أيضاً، سجلت شخصيات عديدة اسمها في سجل المخالفين لفكرته. فقد نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن 100 شخصية أمريكية سياسية وعسكرية بارزة وجهت رسالة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ طالبوا فيها بالبقاء ضمن الاتفاق النووي مع إيران مؤكدين أن الخروج منه يتعارض مع مصالح الولايات المتحدة.
ووفقاً للصحيفة، فقد ضمت المجموعة حوالي 50 ضابطاً متقاعداً وأكثر من 30 سفيراً سابقاً، كتبوا بياناً حمل عنوان " 10 أسباب وجيهة تدعو للإبقاء على الاتفاق" لأن البقاء برأيهم سيقوي موقف أمريكا في التعامل مع كوريا الشمالية، وكذلك مع إيران، كما يساعد في الحفاظ على مصداقية كلمة أمريكا وتأثيرها كزعيمة للعالم، وشددوا على أن التخلي عن الاتفاق لن يخدم الأمن القومي.
وفي تفاصيل الأسباب العشرة التي احتوتها الرسالة:
1- الاتفاق النووي يحد من البرنامج النووي الإيراني ويمنع من استغلاله في المجالات العسكرية، وأي إلغاء له سيحرم المجتمع الدولي من أن يكون له أي رقابة عليه.
2- يضمن الاتفاق وجود حوار دائم بين الولايات المتحدة وإيران، ويحول دون تفاقم الصراعات بين الجانبين.
3- الخروج من الاتفاق يعزز فكرة انعدام المصداقية الأمريكية لدى بيونغ يانغ، ويجعلها لا تثق بالولايات المتحدة في محادثات نزع السلاح.
4- مع وجود الاتفاق لن تسعى دول المنطقة (الشرق الأوسط)، أو تتشجع لتطوير برامجها النووية.
5- في حال خروج الولايات المتحدة، ستتعزز العلاقة بين الدول الأوروبية الرافضة لخروج إيران من الاتفاق مع إيران نفسها.
6- في حال بقاء الولايات المتحدة ستتعزز علاقتها مع حلفائها للوقوف أمام النشاطات الإيرانية الأخرى المحتملة في المنطقة.
7- في حال خروج الولايات المتحدة ستكمل إيران نشاطها النووي تحت حجة عدم التزام أمريكا، وستنصّب كل من الصين وروسيا نفسها مسؤولاً وحامياً للأمن العالمي.
8- أمريكا ببقائها في الاتفاق ستحافظ على نفوذها السياسي والدبلوماسي في المنطقة، وستحفظ دورها في إيجاد التوازن وحل الصراعات، فعلى أمريكا ألّا تترك حل الخلافات في المنطقة لروسيا وإيران.
9- إن بقاء أمريكا في الاتفاق لا يعزز فكرة المتشددين الإيرانيين الذي يرون أنها ليست محل ثقة، ولن يعزز موقفهم.
10- مع خروج الولايات المتحدة من الاتفاق ستتعزز العلاقة بين إيران وروسيا والصين، وسيدعمونها أكثر بالسلاح.
على صعيد متصل، نقلت قناة "سي إن إن" الأمريكية أيضاً عن المسؤولين الأمريكيين الذين يقودون المفاوضات مع الأوروبيين بشأن الاتفاق النووي قولهم إنهم يعدّون خطط طوارئ إذا ما قرر ترامب الانسحاب من الاتفاق وذلك في الموعد المحدد لإعلان قراره برفع العقوبات عن إيران أو الانسحاب من الاتفاق في 12 مايو المقبل، وأوضحت مصادر أن ترامب الذي يرفض الاتفاق النووي يعتقد أنه إذا توحدت مواقف الولايات المتحدة وأوروبا بشأن تعديل الاتفاق، فإن إيران والأطراف الأخرى الموقعة مثل روسيا والصين لن يكون أمامهم أي خيار سوى الامتثال.
وكانت انجيلا ميركل قد اعتبرت أن إلغاء الاتفاق من جانب ترامب سيؤدي إلى حرب في كل المنطقة. وقالت محذّرة: في حال قام الرئيس الأمريكي بالانسحاب من الاتفاق الموقّع بين طهران والدول الكبرى سيؤدي ذلك إلى فقدان العالم ثقته بالدول الغربية، وسيجعل دولاً، مثل كوريا الشمالية لا ترغب بالتوقيع على اتفاق كهذا في المستقبل، كما أن خطوة من هذا القبيل ستؤدي إلى تقسيم الدول الغربية إلى معسكرين، إسرائيل والولايات المتحدة من جهة وباقي الدول الغربية من جهة أخرى.
كذلك يخشى مسؤولون ومحللون أوروبيون من أن يؤدي انهيار الاتفاق الإيراني إلى سباق تسلّح في الشرق الأوسط وصراع بين إيران وإسرائيل بالإضافة إلى تصعيد الحروب بالوكالة في المنطقة بين إيران والسعودية، كما يخشون أن يقضي ذلك على أي فرصة مهما بلغت ضآلتها للتوصل إلى اتفاق مع كوريا الشمالية عن طريق التفاوض، بالإضافة إلى وجود خطر يتمثل في مزيد من تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة وأوروبا خاصة إذا استهدفت واشنطن المؤسسات الأوروبية التي لها أنشطة تجارية في إيران.
بالتالي لا يختلف اثنان على أن تداعيات سلبية كبرى ستنتظر الولايات المتحدة إن خرجت من الاتفاق النووي مع إيران، حيث أكد رئيس المجلس الاستراتيجي لعلاقات إيران الخارجية أمس من باكستان، التزام بلاده بمضمونه، ونقض واشنطن له، ونيتها الخروج عنه بشكل تام، لافتاً إلى دعم الدول الأوروبية للاتفاق النووي وإلى الفرص المتاحة أمام إيران في حال خروج واشنطن من هذا الاتفاق.