الوقت- كانت بلاد اليمن مهداً للحضارات السبئية والحميرية ولقد تعاقب على حكم اليمن الكثير من الملوك العرب والفرس والأحباش وذلك لأنها كانت تمتاز بموقع جغرافي متميز ومهم وتروي كتب التاريخ أن بلاد اليمن كانت قبل ظهور الإسلام تحت حكم الأحباش أو الأفارقة الاثيوبيين وبعد انتهاء فترة حكم الأحباش على اليمن بقيت مجموعة صغيرة منهم اتخذت من اليمن سكناً لها وتُعرف تلك المجموعة في وقتنا الحالي بالاخدام او اليمنيين الافارقة الذين يعيشون في مناطق مختلفة داخل اليمن ويتعرضون للتهميش والتمييز العنصري نظراً لبشرتهم السوداء وملامحهم الافريقية التي تميزهم عن باقي المواطنين اليمنيين، فهم يعيشون في عزلة شبه تامة عن باقي المجتمع اليمني ويعملون في تنظيف الشوارع وغسل السيارات والتسول.
تذكر بعض المصادر التاريخية أن هؤلاء الاخدام او ما يسمون بالمهمشين قد عاشوا أوضاعا معيشية صعبة على مدار القرون الماضية ولفتت تلك المصادر إلى أن الحكومات التي تعاقبت على حكم اليمن و التحولات السياسية والاجتماعية التي شهدتها البلاد، فشلت في انتشال تلك الفئة المهمشة من واقعها المرير ودمجها في المجتمع ولقد تميزت مساكن تلك الفئة المهمشة بأنها تبنى في أغلب الأحيان في أطراف المدن وتكون مصنوعة من الكراتين وعلب الصفيح وبعض الأحجار المتناثرة وفي أغلب الأحيان تكون تلك المساكن الرثة قريبة من المستنقعات والأماكن التي تفتقر إلى الخدمات الصحية والمعيشية وتكون مكونة من غرفة واحدة يسكن فيها خمسة أشخاص وهذا الأمر كان سبباً في إصابتهم بالكثير من الأمراض والأوبئة.
لقد تعرض الاخدام في العصر الحديث إلى الكثير من التمييز العنصري ولم يعطهم المجتمع وكذلك الحكومة اليمنية حقوقهم الكاملة وإنما فرضوا عليهم عزلة تامة، فكانوا محرومين من التعليم والدراسة في الجامعات اليمنية والوظائف الحكومية ولهذا فلقد اتجه معظم اولئك المهمشين إلى التسول في الشوارع والعمل في تنظيف السيارات.
ومع بداية الألفية الثالثة أعلنت الكثير من المنظمات الحقوقية والإنسانية انتقادها للحكومة اليمنية متمثلة بالرئيس السابق "علي عبد الله صالح" وذلك لعدم الاهتمام بتلك الفئة وتهميشهم وعدم إعطائهم حقوقهم اللازمة التي تضمن لهم حياة كريمة ولهذا فإن الحكومة اليمنية اهتمت في تلك الفترة بشكل ملحوظ بتلك الفئة المهمشة، حيث قامت ببناء عدد قليل من المباني والوحدات السكنية المناسبة المزودة بالمياه النظيفة والكهرباء وتقديم الخدمات الصحية لهم وقامت ايضا بإزالة مساكن العشش والصفيح التي كانوا يقطنون فيها وذلك من أجل تحسين الصورة الجمالية لتلك المناطق.
وفي عام 2013 وأثناء فترة الرئيس المستقيل "عبد ربه منصور هادي" قامت الحكومة اليمنية باختيار "نعمان الحذيفي" كممثل للمهمشين "الاخدام" لتمثيلهم في مؤتمر الحوار الوطني الذي أقيم في اليمن بين كل القوى السياسية اليمنية من أجل صياغة مسودة الدستور الجديد للدولة الاتحادية ولقد تم الاقتراح في ذلك المؤتمر الوطني أن يُعطى للمهمشين عشرة بالمئة من المناصب الحكومية أسوة ببقية الأحزاب الاخرى التي شاركت في ذلك المؤتمر وأسوة بكتلة المرأة التي منحها الدستور 30 بالمئة من الوظائف الحكومية في اليمن ولكن للأسف لم تف حكومة هادي بوعودها لتلك الفئة المهمشة، حيث صرح ممثل المهمشين "نعمان" قائلا: "لقد قامت حكومة "هادي" باستبعاد الكتلة الخاصة بالمهمشين من مسودة الدستور الجديد للدولة الاتحادية اليمنية" واضاف: " نحن نعيش في مجتمع قبلي ينظر إلى السلالة كمعيار، كان من المفروض أن يتم تأصيل كتلة المهمشين في مسودة الدستور لكن للأسف لم يحدث ذلك"
وعقب ثورة 21 سبتمبر2014، التي قام بها الشعب اليمني ضد حكومة الفار "هادي" بدأ أعضاء تلك الفئة المهمشة بتشكيل "جمعيات مدنية" خاصة بهم وذلك من أجل تمكينهم من المطالبة بجميع حقوقهم وإشراكهم في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية مع جميع أبناء الشعب اليمني ومساعدتهم على التعلم والدراسة في الجامعات الحكومية وتوظيفهم في مناصب مهمة في الحكومة الحالية وإعطائهم درجات وظيفية رسمية في السلك الحكومي والإداري للدولة، وحول هذا السياق دعا الرئيس "صالح الصماد" الحكومة اليمنية متمثلة بالدكتور "بن حبتور" رئيس مجلس الوزراء في حكومة الإنقاذ الوطنية، إلى الاهتمام بشكلٍ جدي بقضية المهمشين واعطائهم جميع حقوقهم السياسية والاجتماعية التي كفلها لهم الدستور اليمني ولقد أعرب مسؤولون في الحكومة أنه في وقتنا الحالي "ما من تمييز" ضد هؤلاء المهمشين وأنهم متساوون مع جميع اليمنيين في الحقوق والحريات ومتساوون أيضا معهم أمام القانون، فالآن لا يوجد فرق بين أي مهمش أو أي مواطن يمني وحول هذا السياق أعرب رئيس اتحاد المهمشين "نعمان" قائلا:" لقد عملت حكومة الانقاذ الوطني على تحسين وضع المهمشين في المأكل والمشرب وفي بقية الحقوق السياسية والمدنية".
لقد حصد المهمشون الكثير من الثمار في ظل حكومة الإنقاذ الوطنية مقارنة بالوضع الذي كانوا يعيشون فيه خلال العقود الماضية أبرزها كسر حاجز الخوف الذي ظل ملازماً لهم لعقود عديدة، ففي وقتنا الحالي يستطيع أولئك المهمشون المطالبة بكل حقوقهم بدون أن يخافوا من أحد وذلك لأنهم أصبحوا جزءا لايتجزأ من المجتمع والشعب اليمني.