الوقت- تعرضت واشنطن لانتقادات وإدانات دولية وعربية على خلفية استخدامها حق النقض "فيتو" ضد مشروع قرار تقدمت به مصر بشأن القدس في مجلس الأمن، وندّدت العديد من الدول الاسلامية والعالمية بالفيتو الأمريكي معتبرة أنه يكشف انحياز واشنطن للاحتلال الإسرائيلي، ويعدّ انتهاكاً للشرعية الدولية وجميع قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وجاء استخدام "الفيتو الامريكي" على مشروع القرار المصري، الذي اعتبر أن أي قرارات وتدابير تهدف إلى تغيير هوية أو وضع مدينة القدس أو التكوين السكاني للمدينة المقدسة ليس لها أثر قانوني، ولاغية وباطلة التزامًا بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. داعيا كل الدول إلى الامتناع عن إقامة بعثات دبلوماسية في مدينة القدس المقدسة، تطبيقا لقرار مجلس الأمن 478 لسنة 1980 والالتزام بقرارات مجلس الأمن وعدم الاعتراف بأي تدابير أو إجراءات تتناقض مع هذه القرارات.
التنديد الفلسطيني
وجاء أول رفض للفيتو الامريكي من قبل الرئاسة الفلسطينية، حيث اعتبرت استخدام واشنطن الفيتو ضد قرار بشأن القدس بأنه استهتار بالمجتمع الدولي، في حين أعلن الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" أنه سيرفض دور امريكا كوسيط في عملية السلام.
وردّ عباس على انحياز إدارة ترامب الفاضح للاحتلال الاسرائيلي، قائلا: إن الولايات المتحدة شريك حقيقي وأساسي في وعد بلفور الاول، وكنا مغشوشين ومخدوعين لأننا من اليوم الاول طالبنا في العام 1920 بأن تكون أمريكا منتدبة عن بريطانيا، لكن تبين لنا انها تتبنى العمل الصهيوني حتى يومنا هذا.
من جانبه أدان الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية "نبيل أبو ردينة" الفيتو الامريكي قائلا: إن استخدام الفيتو مدان وغير مقبول ويهدد استقرار المجتمع الدولي لأنه استهتار به. وأضاف أبو ردينة: هذه الخطوة الأمريكية سلبية وفيها تحدٍ للمجتمع الدولي، ستسهم في تعزيز الفوضى والتطرف بدل الامن.
بينما جاء ردّ حركة المقاومة الإسلامية "حماس" ردا على الفيتو الأمريكي، بالتأكيد أن الولايات المتحدة الأمريكية أثبتت أن أي رهان عليها خاسر. وفي بيان لها أفادت حماس: إن انعقاد مجلس الأمن كان فرصة لتأكيد حقنا الثابت كفلسطينيين في القدس، ولإعادة الاعتبار للقرارات الدولية بالخصوص.
واعتبرت حماس أن الإدارة الأمريكية بهذا الموقف تقدم نموذجا لممارسة سياسة التسلط والعربدة على المؤسسات الدولية وقراراتها، داعية السلطة الفلسطينية إلى وقف علاقاتها مع واشنطن.
وأما مراقب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة السفير "رياض منصور"، فقد ندّد باستخدام المندوبة الأمريكية، نيكي هيلي، حق النقض لعرقلة مشروع قرار بشأن القدس في مجلس الأمن واصفا إياه بـ "بالمهزلة".
اعتبرت الردود الفلسطينية بمجملها استعمال الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن اليوم الثلاثاء، أن الرهان على واشنطن كوسيط نزيه في إيجاد حل للقضية الفلسطينية كان رهانا خاسرا ومضيعة للوقت، والإدارة الأمريكية بهذا الموقف تقدم نموذجا لممارسة سياسة التسلط والعربدة على المؤسسات الدولية وقراراتها.
ردود فعل دولية
وعقب الفيتو الامريكي، اعتبر مندوب ايران الدائم لدي الامم المتحدة "غلام علي خوشرو"، الفيتو الامريكي ضد مشروع القرار حول القدس بأنه مثال بارز لدعم امريكا للاحتلال والعدوان من قبل الكيان الصهيوني.
وتابع مندوب ايران لدى الأمم المتحدة، انه ومنذ سبعة عقود يعتبر المجتمع الدولي قضية فلسطين بأنها القضية الرئيسية في الشرق الاوسط في حين تحاول الادارة الامريكية عبر خداع الرأي العام قلب الحقائق وشطب قضية فلسطين من جدول أعمال الامم المتحدة. معتبرا، أن الخطوة الامريكية غير العادلة والمخربة في الإعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني أثارت غضب العالم الاسلامي بل والمجتمع الدولي ايضا، مؤكدا أن الفيتو الامريكي في مجلس الامن اليوم ضد مشروع القرار مثال آخر لمواجهة امريكا للمسلمين بل ولأحرار العالم ايضا.
في حين جاء التعليق التركي على الفيتو الأمريكي، من خلال الناطق باسم الحكومة التركية "بكر بوزداغ"، حيث دعا واشنطن لعدم الإصرار على موقفها المعارض للقوانين الدولية، والعدول عنه فورا. واعتبر بوزداغ أن أمريكا تصرّ على الخطأ من خلال معارضة مشروع قرار القدس، الداعي إلى الامتثال للقرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي سابقاً، وعلى واشنطن العدول عن خطئها في أقرب وقت ممكن.
من جانبه أكد المندوب البريطاني لدى مجلس الأمن خلال جلسة أمس، إن القدس الشرقية ستبقى جزءا من الأراضي الفلسطينية. وقال أن بلاده لن تقوم بنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس.
وأما مصر فقد أعربت عن أسفها لعدم اعتماد مشروع القرار الذي تقدمت به بشأن القدس والذي دعمته 14 دولة عضوة بالمجلس، فيما استخدمت الولايات المتحدة حق النقض ضده. وأفادت الخارجية المصرية في بيان، أنه من المقلق للغاية أن يعجز مجلس الأمن عن اعتماد قرار يؤكد على قراراته ومواقفه السابقة بشأن الوضعية القانونية لمدينة القدس، باعتبارها مدينة محتلة تخضع لمفاوضات الحل النهائي للقضية الفلسطينية، وفقاً لكافة مرجعيات عملية السلام المتوافق عليها دوليا.
من جهتها أفادت الخارجية اللبنانية في بيان لها، أن لبنان يأمل ببروز وسطاء جدد فاعلين ويتمتعون بالنزاهة، يمكنهم قيادة السلام العادل والشامل، حتى لا تسقط المنطقة في الحروب.
وفي ردّ سريع على الفيتو الامريكي أوضح رئيس البرلمان الكويتي "مرزوق الغانم" أن العالم كله مجمع على رفض قرار ترامب بشأن القدس. وأضاف الغانم، في بيان أن هذا الإجماع الرافض لأي خطوة أحادية باعتبار القدس عاصمة مزعومة للكيان الصهيوني، يؤكد أننا لسنا وحدنا وأن هذا العالم الحر هو الساحة التي يجب أن نتوجه إليها بالاهتمام.
كما سارعت الخارجية القطرية لرفض الفيتو الامريكي في بيان لها، معلنةً تأييدها للأصوات الداعية لتوجه الفلسطينيين للحصول على دعم من الجمعية العامة للأمم المتحدة، بعد أن فشل مجلس الأمن في إبطال القرار الأمريكي. واعتبرت أن موافقة 14 من 15 عضوا بمجلس الأمن على مشروع القرار، تأكيدا على رفض المجتمع الدولي التام لأية إجراءات تهدف للنيل من مدينة القدس، والمساس بمكانتها التاريخية والدينية.
ومن ضمن المواقف الدولية الرافضة للفيتو الامريكي كانت روسيا، حيث أعلنت دعمها لمبدأ إنشاء دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية. وأكد فلاديمير سافرونكوف، مندوب روسيا في مجلس الأمن، استعداد بلاده للعب دور وسيط نزيه في تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ونقل سافرونكوف تحذيرات روسيا تجاه ما وصف بالـ"الخطوات الأحادية"، التي تتسبب في زيادة حدة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وكانت قد أعلنت 14 دولة من أعضاء مجلس الامن معارضتها لقرار ترامب بشأن القدس، وبناء عليه قدمت مصر التي تعد الآن عضوا غير دائم في مجلس الامن الدولي مشروع قرار الى هذا المجلس يدعو دون ذكر اسم اي دولة او إدانة اي دولة، لإلغاء أي خطوة تؤدي الى تغيير وضع القدس وتطلب من جميع الدول الامتناع عن نقل سفارتها من تل ابيب الى القدس. ولم تتم المصادقة على مشروع القرار هذا رغم تأييده من قبل 14 دولة وذلك بسبب معارضة امريكا له باستخدامها الفيتو.