الوقت- تقع قرية القريتين في الضواحي الجنوبية الشرقية لمحافظة حمص، آخر معقل لتنظيم داعش الإرهابي الذي يسعى للبقاء على قيد الحياة في مركز سوريا، حيث حرر الجيش السوري مؤخرا المدينة، ولم تبق مباني المدينة بمأمن من الدمار الذي لحق بها، ولم ينج سكانها من الجرائم الوحشية، الجرائم والمذابح التي تسببت بقتل العشرات من المواطنين.
وقد هرب عناصر الخليفة أبو بكر البغدادي من هذه المدينة، وبطبيعة الحال، أخذوا معهم أحلام الخلافة، واختفت برحيلهم شعارات دولتهم المزعومة "دولة الاسلام باقية"، بعد هزيمتهم من قبل الرجال الصامدين في هذه المدينة وإصرار الجيش السوري على الدفاع عن المدينة وإعادتها للناس.
وقال أحد الضباط الميدانيين المشاركين في تحرير بلدة القريتين في حوار مع مراسل وكالة تسنيم الإيرانية أن "بعد محاصرة مدينة القريتين من ثلاثة محاور، فرضنا سيطرتنا عليها؛ وأجريت العملية العسكرية بطريقة دقيقة ومُعقدة بسبب وجود مدنيين داخل المدينة يبلغ عددهم 13000 شخص. إن تسمية "الوحشي" قليلة لهذه القطعان التي احتلت هذه المدينة وارتكبوا أكثر الجرائم وحشية وأشدها فظاعة ضد الابرياء العُزّل، ولم يمنعهم الأخلاق أو الدين أو الضمير بالتراجع عن سلوكياتهم الوحشية، ولكننا نشكر الله على تحرير هذه المدينة، حيث نواصل حاليا عملياتنا لتطهير ما تبقى من خلايا وعناصر ارهابية داخل المدينة، وسوف نلاحقهم اينما فرّوا ونقاتلهم حتى آخر قطرة من الدم."
وتعرضت مدينة القريتين التي يزيد عدد سكانها على 13 ألف نسمة، لمذبحة وحشية قُتل على اثرها أكثر من 100 مدني بريء خلال الأسابيع الثلاثة التي سيطر عليها تنظيم داعش الإرهابي، حيث تم ذبح البعض منهم بسكين، والبعض الأخر قُتل بإطلاق النار عليه، وبالطبع كانت التهمة ضدهم جاهزة كالعادة وهي: العمالة للحكومة السورية.
وقال محافظ المدينة، محمد عبد الكريم الرويشدي: "لقد دخل مسلحوا داعش الارهابي الى المدينة، في الوقت الذي كُنّا نحن كمدنيين ننعم بالأمن والاستقرار، حيث كان أول شيء قاموا به، هو سرقة السيارات الصغيرة والكبيرة من أمام منازل الناس واستخدامها لصالحهم. وقالوا منذ مساء اليوم الذي هاجمونا فيه، "ان مدينة القريتين اصبحت ضمن حدود الدولة الاسلامية" لذلك منعوا الجميع من مغادرة منازلهم، ومن كان يخرج من بيته يتعرض للقتل. وارتكبوا هنا جرائم فاجعة، حيث وجدتُ خمس جثث في منزلي، وكان تنظيم داعش يلقي الناس في السجون وينقلوهم معصوبي العينين إلى المكان الذي كانوا يطلقون النار عليهم لقتلهم. ووجدنا حوالي 20 جثة بينما كانت عيونهم معصوبة، حيث تعرضوا جميعا للقتل من خلال إطلاق الرصاص على رؤوسهم، إذ كانوا يطلقون رصاصتين او ثلاث رصاصات على كل شخص، وجميع القتلى كانوا من بين أفضل الشباب مدينة القريتين الذين ضحوا بأنفسهم واموالهم وابناءهم فداءا لهذه المدينة ولوطنهم."
ويقول أحد شباب القريتين حول ما تعرضت له المدينة وما حدث فيها: "لقد كنت نائما في المنزل، واستيقظت صباحا في حين لم يخطر على بالي ما يجري خارج البيت، وفجأة رأيت عناصر تنظيم داعش يجوبون في الشوارع ويقتحمون المنازل ويسرقون الطعام والأثاث، كما سرقوا المتاجر والمحال التجارية، ثم بدأوا في اختطاف الشباب، وحاولوا اختطافي ايضا، ولكن بحمد الله تمكنت من الهروب منهم وذهبت الى منزلنا واختبأت فيه. كانوا يقتلون أي شاب عسكري يقع في يدهم من خلال قطع رأسه او إحراقه بالنار، كانوا يطلقون النار على الشباب أمام أسرهم وعوائلهم، هل هنالك ممارسات أكثر وحشية وقساوة مما قام به تنظيم داعش في المدينة؟ ".
وقد روى طفلٌ، في حين كانت الدموع تنهمر على وجهه، مجريات الجرائم بهذا الشكل: "نشكر الله على وصول الجيش الى هذه المدينة، لأن عناصر داعش قد تركونا جائعين بلا طعام وكان الجوع سيقضي علينا، لم يعطونا طعاما نهائيا، كانوا يدخلون منازلنا صباحا ومساءا ولم يسلم منهم أي أحد وأي شيء، كانوا يطلقون النار على الناس امام أنظارنا. وكانوا يحملون معهم أعلاما كُتبت عليها: لا إله إلا الله محمد رسول الله، هل يعرف هؤلاء الناس الدين؟ لتكن لعنة الله وغضبه عليهم."
كما حيا الجيش السوري وقال: "الحمد لله، أحيي الجيش السوري البطل، رأينا الخير فقط بعد دخول الجيش، وجيشنا منقطع النظير، وأنا أحيي جميع قوات الجيش السوري، واريد من الله عز وجل ان ينزل جام غضبه على الدواعش ويعذبهم ويدخلهم النار".
وعلى الرغم من الصعوبات والمعاناة التي عانى منها أهالي المدينة، لا يزال أبناء المدينة يبتسمون وسط الدمار الذي خلفه الدواعش، ولا يزال العلم السوري يرتفع شامخا على هذه الارض، الأرض التي دافع عنها جنود الوطن بدمائهم وروحهم.
وكانت جميع المدن التي قد سيطر عليها تنظيم داعش الارهابي ودنسها، قد تعرضت الى دمار وجرائم ومذابح فضيعة وعانى سكانها من القتل والرعب بالشكل الذي لا يوصف، وكان التنظيم قد ارتكب جميع هذه المجازر كمحاولة اخيرة منهم للبقاء في مركز سوريا قبل ان يُطردوا منها بذلة وإهانة.