الوقت- دون سابق إنذار، شهدت الهيئة العليا للمفاوضات (معارضة الرياض)، عاصفة غير مسبوقة على بعد يومين من مؤتمر "الرياض2" تمثّلت في سلسلة من الاستقالات الجماعيّة الأمر الذي تسبّب بتأجيل المؤتمر إلى الأسبوع القادم.
لا تزال أسباب الاستقالة مجهولة حتّى الساعة في ظل تضارب الأنباء حولها، الأمر الذي يرسم حالة من الغموض قبيل مؤتمر "الرياض 2.
ويواجه المؤتمر تحديات كبيرة للمشاركين فيه، فمن جهة هنالك توجُّه لدمج المعارضة في وفد واحد بغية السير بالمفاوضات، في حين يتحدّث البعض عن محاولات غير مباشرة لعرقلة مفاوضات جنيف والتأثير عليها نظراً للوضع الميداني الذي لا يخدم الرياض.
أبرز المستقيلين
الاستقالات طالت وجوه بارزة في المعارضة السوريّة، فقد أعلن منسق الهيئة العليا للمفاوضات السورية "رياض حجاب" وعشرة من أعضاء الهيئة استقالتهم. ومن بين المستقيلين الناطق الإعلامي باسم الهيئة "رياض نعسان آغا"، كما ضمت قائمة المستقيلين كلا من "سامر الحبوش" و"أبو صلاح الشامي" و"أبو أسامة الجولاني" و"عبدالعزيز الشلال" و"سهير الأتاسي" و"أبوبكر جيش" و"سالم المسلط" و"عبدالحكيم بشار".
حجاب كشف حيثيات الاستقالة، مرجعا قراره إلى "محاولات خفض سقف الثورة وإطالة أمد نظام بشار الأسد".
وقال إن بعض الأطراف الخارجية تحاول عقد صفقات بمنأى عن الشعب السوري، تؤدي إلى تقسيم البلاد التي دمرتها الحرب منذ سبع سنوات.
وتابع: "أجد نفسي اليوم مضطرا لإعلان استقالتي من الهيئة العليا للمفاوضات متمنياً لها المزيد من الإنجاز، ولبلدي الحبيب سوريا السلم والأمان والاستقرار"، في حين تحدّثت مصادر عن أسماء عدة يجري تداولها لخلافة حجاب، مشيرة إلى أن رئيس "تيار الغد المعارض" أحمد الجربا هو الأقرب لخلافة حجاب.
أسباب الاستقالة
وتزمناً مع استقالة حجاب نقلت مواقع تابعة للمعارضة السورية عن عضو "الهيئة العليا للمفاوضات" جورج صبرا قوله أن الصراعات بدأت تظهر الآن أكثر من أي وقت مضى حول القبول ببقاء الرئيس السوري بشار الأسد في المرحلة الانتقالية، لافتا إلى أن المرحلة الحالية تعتبر منعطفا في مسار المعارضة السورية ولا بد من مكاشفة الشعب السوري.
وأشار إلى أنه: لم يعد خافيا أن البعض بات يصر على بقاء الأسد في المرحلة الانتقالية، وحتى من داخل “هيئة المفاوضات” هناك من يعتقد بإمكانية أن يبقى الأسد في المرحلة الانتقالية، أما المنصات الأخرى فهي تقبل بوجود الأسد في المرحلة الانتقالية.
في المقابل، صرّح قائد ما يسمّى بـ"جيش المجاهدين" سابقا وعضو الهيئة العليا للمفاوضات المقدم "أبو بكر"، لمواقع معارضة، بأنه استقال من هيئة المفاوضات "بسبب تجاهلها في الإعداد لاجتماع الرياض2".
من جانبها، أوضحت عضو الهيئة "سهير الأتاسي"، سبب استقالتها من الهيئة العليا للمفاوضات قائلة في تغريدة لها عبر "تويتر": "أنضم للأحرار في الهيئة لعليا للمفاوضات بإعلان استقالتي بعد أن تم تجاوز إرادة السوريين والهيئة العليا كمؤسسة وطنية في تنظيم وهندسة مؤتمرالرياض2".
من جهته، اعتبر عضو الائتلاف الوطني السوري هشام مروة في تصريح لـ"العربية"، مساء الاثنين، أن الأمر طبيعي، موضحاً أن مؤتمر الرياض المرتقب عقدُه غداً يلغي المهام المكلفة بها الهيئة، ومن المنتظر أن تُنتخب فيه هيئة جديدة تمثل المعارضة في جنيف.
في السياق، قال الرئيس السابق للائتلاف السوري المعارض "خالد خوجة" لـ"الجزيرة" إن "الاستقالات لم تكن مفاجئة بعد المحاولات المستمرة لخفض السقف التفاوضي للهيئة العليا للمفاوضات، خصوصا أن توجيهات قد جاءت للهيئة بالتعامل مع الوضع الدولي الذي يركز على الانتخابات والإصلاح الدستوري ويتجاوز مسألة الانتقال السياسي".
مصادر في الهيئة، فضّلت عدم الكشف عن هويتها، أشارت إلى أن السبب الرئيس الذي دفع هؤلاء إلى الاستقالة "هي محاولات لتجاوز مطلب المعارضة برحيل الأسد، وإيجاد مقاربة لإطالة بقائه في السلطة، وتجاوز الثورة".
وأضاف المصدر أنه جرى "تجاوز الهيئة العليا للمفاوضات في الإعداد لمؤتمر الرياض2، وتجاوزها في نقاط خلاف مهمة"، لم يوضحها.
ولفت إلى أن التوسعة المرتقبة في صفوف الهيئة العليا أدت إلى خلافات كبيرة داخل صفوفها، إذ يعترض عدد كبير من أعضائها على السماح بدخول شخصيات من منصتي القاهرة وموسكو إلى صفوفها، بالتزامن مع استبعاد شخصيات قيادية من فريق الهيئة العليا للمفاوضات من مؤتمر "الرياض-2".
في سياق منفصل، ذكرت مصادر في الائتلاف الوطني السوري أن "اجتماعات اللجنة التحضيرية في الرياض ( تضمّ "اللجنة التحضيرية" للمؤتمر ممثلين عن الائتلاف الوطني السوري، وهيئة التنسيق الوطنية ومنصة القاهرة و منصة موسكو والفصائل العسكرية، و "المستقلين")، شهدت خلافات كثيرة حول أجندة الاجتماع والبيان الختامي".
لافروف: الاستقالة في المعارضة السورية مفيدة للسلام
من جانبه، قال وزير الخارجية الروسى سيرغي لافروف، اليوم الثلاثاء، إن موسكو تعتقد أن استقالة شخصيات من المعارضة السورية مثل رياض حجاب ستساعد على توحيد المعارضة في الداخل والخارج حول "برنامج بناء" بشكل أكبر.
ونقلت قناة (روسيا 24) التلفزيونية الرسمية عن لافروف قوله فى إفادة صحفية مقتضبة "إن تراجع شخصيات المعارضة ذات الفكر المتشدد عن لعب الدور الرئيسي سيجعل من الممكن توحيد هذه المعارضة غير المتجانسة، فى الداخل والخارج، حول برنامج معقول وواقعى وبناء بشكل أكبر.