الوقت- كشفت العديد من التقارير العلمية أن المنطقة الجغرافية التي نشأت عليها الحضارات المصرية القديمة شهدت العديد من التحولات الطبيعية والمناخية إلى جانب إضطرابات بركانية وزالزل وغيرها.
وفي ورقة بحثية حديثة تم التوصل إلى نتائج تفيد بأن هذه العوامل الطبيعية تسببت بالجفاف والدمار والعديد من الكوارث على هذه الحاضارات، وهنا تم دراسة أثر هذه العوامل على نشأة هذه الحضارة وإستمرارها ووضعها الإقتصادي والأمني والعسكري.
فكما أن نسبة كبيرة من سكان العالم اليوم يعتمدون على الرياح الموسمية والأمطار والمناخ في معيشتهم وأعمالهم الزراعية وغيرها، كانت الحضارات المبكرة في مصر كذلك، وهذه الدراسة هدفت إلى فهم تأثير التغييرات الطبيعية على هذه الحركة الحضارية بطريقة جديدة.
واعتمدت الدراسة على تحليل عوامل عدة منها أثر تغيير المناخ والإنفجارات البركانية على تدفق نهر النيل وما يعنيه ذلك من إرتفاع أو إنخفاض في مستوى نهر النيل أثناء فيضانه السنوي الذي إعتمد عليه المصريون القدماء للزراعة. لأن عوامل كهذه يمكن أن تحدث تغييراً جذرياً في طبيعة المنطقة من خلال الجفاف والمجاعة التي أدت في تلك المرحلة الزمنية إلى العديد من التحولات السياسية والإقتصادية.
ولأن المصريون القدامى حرصوا على التأريخ وتوثيق الأحداث بشكل دقيق، إستطاع العلماء في هذه الدراسة تشريح الأحداث بشكل مفصّل إلا أن بعض الفجوات ظهرت أو غُيبت عمداً وذلك إبّان بدء الإضطرابات السياسية والإجتماعية.
وتذكر المستندات التاريخية أن نهر النيل لعب دوراً محورياً في حياة المجتمع في الحقبة الممتدة بين 30 و205 قبل الميلاد وهي المعروفة بإسم الحقبة البلطمية، إذ وجرّاء الأمطار الموسمية التي كانت تهطل في فصل الصيف كانت المحصولات على ضفاف النيل تروى بشكل مناسب وطبعاً مقصود من قبل المزارعين، لذا أي إختلال في هذه الحركة الطبيعية كان سيخلق مشاكل في ذلك المجتمع.
ولكن لم يظهر في الدراسة أنهم عرفوا أسباب حدوث الفيضانات الكبيرة والعجيبة في الوقت عينه إلاّ أنهم فسروا الأمر على أنه نتيجة التحركات البركانية، والأمر نفسه كان سبب التبدل المناخي.
وعن هذه الدراسة علّق مؤلفها الأساسي "جوزيف مانينغ" قائلاً: "كان المصريون القدماء يعتمدون على الفيضانات الصيفية في النيل، الناجمة عن الرياح الموسمية الصيفية في شرق إفريقيا، من أجل زراعة محاصيلهم".
وتابع: "تأثرت فيضانات النيل عموما خلال سنوات بالانفجارات البركانية، ما أدى إلى انخفاض مستواها الذي قد يؤدي إلى اضطرابات ذات عواقب سياسية واقتصادية".
هذا وشرحت الباحثة "جنيفر مارلون" المتخصصة في مدرسة ييل للغابات والدراسات البيئية، وأحد القيمين على هذه الدراسة: "أن النتائج تمثل طريقة هامة لفهم كيفية تفاعل الحضارات القديمة مع تغيرات الطقس الغريبة."
وأضافت موضحة: "من النادر جداً أن يكون لدى العلم والتاريخ دليل قوي ومفصّل يوثق كيفية استجابة المجتمعات للصدمات المناخية الماضية".
ويهدف القيّمون على هذا البحث مواصلة التدقيق والعمل على إيجاد روابط أكبر بين التحركات البركانية والمشاكل المجتمعية التي حصلت في المجتمع المصري القديم.