الوقت- ثمة بحر يوصل إلى غزة المحاصرة والمنسية منذ سنوات، وهناك حصار مطبق وشعب منسي حتى خلال ثلاث حروب شعواء ومدمرة راح ضحيتها الكثير من الاطفال والنساء والشيوخ.
بعد تسعة اعوام من تشديد هذا الحصار يسعى تسعة نشطاء على متن مركب متجه من السويد لكسر هذا الحصار الإسرائيلي العربي المتواصل واعلام تضامنهم مع الشعب الفلسطيني وسط صمت وتواطئ عربيين.
وقد كان آخر رسو لمركب ماريان الذي انطلق من السويد في 11 مايو/ أيار الماضي ضمن أسطول الحرية الثالث، على ميناء مدينة بويو للتحضير وتكميل مشواره الى غزة المحاصرة.
وحيثما يحط ماريان على موانىء المدن التي يمر منها، تلقى استقبالا حارا من الساسة والنشطاء، والطلاب دعما لرحلته الرمزية لكسر الحصار.
وقد اكد القائمون على هذه الحملة ان المركب مخصص للصيد بالاساس ولا يستطيع حمل الكثير من المساعدات الإنسانية ولكنه يستطيع على الاقل لفت الانظار مجددا الى معاناة شعب مقاوم يرزح تحت حصار عربي ـ غربي رغم كل ما جرى عليه من حروب وتدمير.
فبالرغم من قبول الكيان الإسرائيلي لشروط التهدئة خلال حرب الصيف الماضي فانه وبمساعدة دول عربية والسلطة الفلسطينية في الضفة تم تضييق الخناق على هذه المنطقة الاكثر كثافة سكانية في الكرة الارضية بشكل اكبر واوسع مما كان عليه عشية هذه الحرب.
وفي هذا السياق اكد حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة والذي تعتبر بلاده اللاعب الاكبر في محاصرة الشعب الفلسطيني عن طريق الاغلاق الدائم لمعبر رفح وتفجير جميع الانفاق، أن الحصار تتعين إدانته بكل الأشكال من جانب المجتمع المدني، لكنه لاحظ في ندوة بقناة الجزيرة أن المبادرات الأوروبية من هذا المجتمع لا تتسق مع المواقف الرسمية التي تتوافق "ضمنا أو بشكل سافر" مع الموقف الإسرائيلي، ولو كان الأمر غير ذلك لما سحب الأوروبيون المراقبين من معبر رفح البري.
بالمقابل اكد الكاتب والمحلل السياسي الاردني ياسر الزعاترة ان الحصار قضية سياسية بامتياز تشارك فيه السلطة الوطنية الفلسطينية مع النظام المصري وبالتناغم مع الكيان الإسرائيلي لتركيع مقاومة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
واضاف الزعاترة أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس مشارك في الحصار بهدف ضم غزة إلى صف التسويات الهزيلة وتجريد المقاومة من السلاح، أما بالنسبة للنظام المصري فإن الكيان الإسرائيلي لم يحصل في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي على نظام أكثر حميمية منه.
غير أن الخناق بات يشتد على غزة بما يتجاوز الصمت الرسمي العربي إلى مشاركة في إحكام الحصار، وتراجع حضور غزة كقضية ضمير في أجندات المنظمات الشعبية لكي لا يكون الكيان الإسرائيلي ومصر والسلطة الجهة الوحيدة في الضغط على الشعب الفسطيني.
ويأتي مركب ماريان امتداداً لأسطول الحرية في عام 2011 ومن ثم سفينة غزة ليخرج الى البحر بمبادرة من منظمة غير حكومية سويدية للتنديد بالحصار غير القانوني المفروض على غزة والسعي الى كسره في حين نرى بام اعيننا صرف اموال البترودولار كلها في خضم معارك ضد شعوب عربية اخرى ناهيك عن مؤامرات عربية تحاك ضد دول جارة وشقيقة وصديقة تكن العداء للكيان الإسرائيلي.
وحسب القائمين على هذه الرحلة فان ماريان ستلتحق بسفن اخرى لتشكل اسطول حرية جديد لاجراء عمل سلمي سعياً لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة.
وفي المقابل تعاملت تل أبيب مع محاولات كسر حصارها على غزة وخصوصا البحرية بحزم شديد مهددة ماريان ومتوعدة النشطاء فيها بعواقب غير حميدة اذا قرروا الاقتراب من شواطي فلسطين المحتلة.
واكد مسؤولون إسرائيليون ان ما يقوم به نشطاء في اطار كسر الحصار هو تحد لسياسات كيانهم في التعامل مع القطاع ومحاولته عزل الشعب الفلسطيني والمقاومة فيه.
وتستخدم تل أبيب حماية أمنها كذريعة لرفضها لهذه المحاولات، مستفيدة من مساعدة الدول العربية وعلى راسها مصر لهذه الخطة ولكن وبالرغم من ذلك فإن اسطول الحرية استطاع ايصال رسائله الى الشعب الفلسطيني من جهة والكيان الإسرائيلي والعالم من جهة اخرى بان الشعوب لازالت تعتبر القضية الفلسطينية عنوانها الاول ويوجد نشطاء يضحون بانفسهم لكسر حصار شعب لا حول له ولا قوة.
ويرى قبطان المركب ان الفلسطينيين في غزة يعيشون في اكبر سجن مفتوح في العالم ومحرومون من ابسط حقوقهم الاساسية ليؤكد للصحفيين: لقد ابحرنا عدة مرات في السنوات الماضية ولكن كل مرة يتعرض لنا الجيش الاسرائيلي ويسألوننا لماذا نواصل، نحن نواصل هذا الطريق لان المواصلة واجبة علينا ولكننا بحاجة الى دعم الجميع والمساعدة المعنوية والمادية لنحتفل معا ببلوغ رمال غزة.
فهل يستطيع القبطان ايصال مركبه الى غزة ام سنشهد مجزرة مرمرة اخرى؟ كل ذلك يتم والعرب مشغولون في قتل بعضهم البعض في حروب بالوكالة عن الكيان الإسرائيلي الذي يتفرج عليهم بابتسام.
وأخيرا اين التحالف العسكري العربي من معاناة الشعب الفلسطيني في غزة؟