الوقت- ليس الحديث الذي يقود مخيلتنا اليه العنوان عن مجرد حزب سياسي على شاكلة الأحزاب الرائجة حول العالم التي تشكل تكتلات بشرية تحت مسميات او تصنيفات متعددة سياسية اجتماعية امنية او غيرها من التنظيمات التي تجد لها اطارا يجمع نشاطها ويصب في خدمة اهداف تحملها في فكرها وايديولوجيتها او سياستها.
حزب الله، الاسم الذي ذاع صيته حول العالم، الحزب الفتي الذي لم يبلغ من العمر ما يزيد عن ثلاثة وثلاثين عاما. أعوام كانت كافية لنهضة ساحرة باهرة للحزب الذي أصبح في هذه المسافة الزمنية القياسية قوة اقليمية معتد بها.
حزب الله، الذي قدم تجربة حزبية فريدة تحكي عنها اهدافه التي تبناها منذ قيامه، هذه الاهداف التي تشكل في حقيقتها قضية محورية تخص العالم الاسلامي ككل. انها مسألة الغدة السرطانية الاسرائيلية التي أقامها الغرب والمتخاذلون في قلب العالم الاسلامي والعربي عموما، في القدس قبلة المسلمين الاولى وجارة بيت لحم مهد الحضارة والديانة المسيحية.
اهداف الحزب لا تختلف في غرابتها عن مسيرته وانطلاقته، فهو الذي اتخذ على عاتقه مسألة عجزت عنها جيوش جرارة عربية ودول ذات امكانات ووجود وقدرات تفوق الحزب بمئات الأضعاف. اهداف الحزب تظهر في خطابات قادته وتوجيهاتهم، وتشخص واضحة في مسيرة الجهاد الطويلة الدامية للمقاومة الاسلامية اللبنانية التي تعبر عن التوجه الجهادي العسكري للحزب وتتبنى نشاطاته العسكرية والامنية التي تخدم الاهداف.
لا يتسع الحديث في مقال واحد عن حزب بات تجربة وقدوة ومدرسة فاقت الحدود والدول، لكن التعرض لاهداف الحزب التي ينشدها واجب لانها تنم عن عمق وسمو كبير في الفكر والتوجه الذي يتبناه حزب الله ويتفرد فيه عن الاحزاب التقليدية الاخرى. ففلسطين والغدة السرطانية الاسرائيلية، مشروع كبير جدا زرع في قلب العالم العربي والشرق الاوسط لا بل في قلب العالم، مشروع يحمل اهدافا خطيرة جدا لا تمر وتتحقق الا على حساب شعوب المنطقة ووحدتها وامنها واستقرارها وحقوقها.
فالكيان الإسرائيلي مشروع استعمار استيطاني يقوم على انقاض شعوب تسحق امام اعين المحافل الدولية طوعا لقيام هذا الكيان الذي يطمح الغرب ليكون يدا تحقق له اطماعه وتضمن مصالحه في هذه المنطقة الحيوية من العالم.
حزب الله الذي باشر انتماءه الى بوصلة نادرة في العالم تمثلت بالقائد الاستثنائي الامام الراحل روح الله الموسوي الخميني، الذي اطلق شعار "الكيان الإسرائيلي غدة سرطانية يجب ان يزول من الوجود" وما يعكسه هذا الشعار من حكمة ووعي سياسي وبعد نظر كبير حمله الامام الراحل في حياته وأسس مدارس جهاد متنور استمرت ثمار انتصاراتها في البلوغ والنضوج حتى يومنا هذا وحتى الى المستقبل.
أصالة الانتماء الولائي للحزب جعلت من قضاياه قضايا تضمن حقوق الوطن وتحترم مبدأ المواطنة وتفوقها لترعى حقوق الامة الاسلامية جمعاء وحتى غير الاسلامية التي تؤمن بشرق اوسط سليم لا يكون الا بزوال السرطان الصهيوني من عمقه.
ومن الاهداف المسار الباهر السريع التصاعدي للحزب الذي خاض مع الكيان الإسرائيلي مدرسة قتالية رائدة في التضحيات والوعي والمسؤولية، عبر سنين تعمد فيها الحزب التركيز على الكيان الإسرائيلي الذي وضعه نصب عينيه وتعالى فيها عن كل المزالق والمكائد التي حيكت له في لبنان ومن خارجه لحرفه عن وجهته الاصيلة التي ظهر لاعداء الحزب انه جاد وفعال في تحقيقها.
وبموازاة النجاح الباهر في المواجهة العسكرية والامنية الصاخبة والدامية مع الجيش الذي سخر له العالم كل الامكانات وأمن له تفوقا في الامكانات لضمان سيادته على المنطقة وتفوقه على كل الجيوش العربية المجاورة للكيان، خاض الحزب مواجهات اقصاء سياسي واسع من الداخل اللبناني الخاضع للاملاءات الخارجية التي كانت تصر على اقصاء الحزب واعاقة تقدمه في عمله المقاوم عبر غمسه في وحول السياسة اللبنانية لحرفه عن مساره الجهادي المتميز.
ومع وضوح ووحدة الرؤية وصوابية وصدق الولاية التي ينتمي اليها الحزب، وعلى امتداد ثمانية عشر عاما ولد نصر لبنان الذي وجّه الحزب عام 2000 بدحر الاحتلال الاسرائيلي عن لبنان وبدء العصر الذهبي للمقاومة التي انتقلت من طابع لبناني يمثل فئة من الشعب اللبناني الى رمز عربي مقاوم يستقطب الجمهور العربي من كل العالم العربي ويعيد احياء القضية الفلسطينية في نفوس العرب من جديد متجاوزا كل العوائق في سبيل اعادة احياء العقل والضمير العربي واستنهاض الامة العربية التي اضاعت فلسطين نتاج سياسة حكامها عبر تقديم نموذج عسكري نجح في اخراج الكيان الإسرائيلي البعبع بالقوة مدحورا من لبنان.
ومع تألق الحزب وبروزه كرمز عربي، وقفزه الى الامام نحو مشروع استنهاض الامة العربية واكتساب الثقة الشعبية العربية الواسعة كنموذج مقاوم جدي وفعال، خصوصا مع حرب 2006 التي ازداد فيها الحزب تألقا، بدأ المشروع البديل الاسراامريكي مدعوما من الحكام العرب الذين تأذوا واحرجوا من الحزب ونجاحه في اعادة احياء القضية الفلسطينية ومساهمته في استنهاض المقاومة الفلسطينية التي نجحت هي ايضا في حذو مسار الانتصارات عبر ملاحم بطولية اوصلت الى تحرير قطاع غزة من الرجس الاسرائيلي.
مشروع بديل يسعى الى تحويل الصراع الذي يقوده الحزب ومن يقف معه من المقاومة الفلسطينية نحو بقعة مظلمة تخرجه من لباسه العربي وتضيق عليه اطار الحركة وتنهي تمدده داخل المجتمع العربي المتفاعل وكذلك يؤمن للكيان الإسرائيلي وكيلا يتبنى مواجهة الحزب عبر إغراقه في فتنة سنية شيعية وزج الحزب في اتون مشروع تكفيري اسود مظلم يستهدف المنطقة منذ سنين.
ومع الوعي والبصيرة، وزمن الانتصارات التي وعد الحزب بها كل من تولى منهجه الجهادي الاستشهادي الصادق البعيد عن الاهداف الدنيوية الدنيئة، اتخذ الحزب الذي ادرك المشروع من اولى ايامه قراره بمواجهة هذه المؤامرة الخطيرة كجزء من مراحل متتالية للقضاء على الوجود السرطاني الاسرائيلي في المنطقة ليدخل الى قاموس مواجهة التكفير برؤوسه المتعددة وتبدأ مرحلة جديدة من التحديات التي يبدع الحزب في مواجهتها اليوم بكل تفاصيلها وتشعباتها التي نشهدها، معركة اريد فيها للوكيل ان يتبنى مشروع الاصيل، ومع هذه المرحلة خرج الحزب من لبنان الى العالم حزبا منيعا متينا صادقا قادرا على تحمل المسوؤلية ليبهر اعداؤه ومحبيه ويزداد تألقا رغم كيد من يكيد، ويؤكد الحزب الصادق بوعده ان زمن الهزائم قد ولى وأتى زمن الانتصارات وليس فقط الانتصار !!!