نبذة موجرة عن حياته:
ولد الشيخ علي سلمان عام 1965م بقرية البلاد القديم بالبحرين، والتحق بقسم الرياضيات في جامعة الملك فيصل في الدمام عام 1984 ودرس هناك أربع سنوات. ثم هاجر إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية عام 1987م لدراسة العلوم الإسلامية في الحوزة العلمية بمدينة قم المقدسة. ثم عاد إلى وطنه عام 1993م والتزم إمامة المصلين في احد مساجد مدينة الدراز وبعدها انتقل الى منطقة القفول بالعاصمة المنامة لإمامة المصلين بمسجد الإمام الصادق( عليه السلام ).
نشاطه السياسي والاجتماعي:
شارك الشيخ علي سلمان في العريضة النخبوية عام 1992م، وكان من الذين تبنوا العريضة الشعبية في منتصف عام 1994م. وتم اعتقاله أكثر من مرة بين عامي 1993م و1994م ومن ثم إبعاده الى دولة الإمارات العربية المتحدة في 1995م، ومنها انتقل إلى لندن في 1995م. ثم عاد إلى وطنه عام 2001م بعد طرح مشروع الميثاق الوطني، واختيرَ عام 2006 م نائباً في مجلس النواب البحريني مرشحاً عن جمعية الوفاق الوطني الإسلامية. وفي عام 2011 انسحبت كتلة الوفاق من المجلس النيابي بعد تعثر جهودها لإيقاف قتل المواطنين على ايدي الأجهزة الأمنية والعسكرية البحرينية. وفي الثامن عشر من آب/أغسطس 2014 قاطعت قوى المعارضة الإنتخابات بعد اتهامها النظام بالإستفراد بالسلطة وتغييب الإرادة الشعبية. واعتقل الشيخ علي سلمان صباح يوم 28 ديسمبر/كانون الأول 2014م عند توجهه للنيابة العامة أثر إحضارية مرسلة إليه.
تميز الشيخ سلمان بمواقفه السياسية المعتدلة والجريئة من خلال دعوته نظام آل خليفة وشخص الملك حمد بن عيسى وعائلته الى العودة إلى الشعب لتخليص البلاد من أزمتها. وبرزت هذه المواقف بشكل واضح خلال جلسة المرافعة التي جرت مؤخراً أمام القضاء البحريني وسط إجراءات أمنية مشددة بتهمة الترويج لقلب وتغيير النظام بالقوة. قال الشيخ سلمان خلال المرافعة: "أنا مع تطوير النظام لملكية دستورية، ولم أطالب بإسقاط النظام أو أسع لذلك. وقدمت النصيحة الصادقة حول المشاكل التي تعاني منها البلاد إلى كبار المسؤولين وفي مقدمتهم الملك منذ سنة 2001، وعلى الرغم مما سمعته من تفهم لهذه المشاكل ووعود لحلها إلا أن الواقع أخذ اتجاها آخر".
ورأى الشيخ سلمان بأن المسؤوليات التي منحها دستور 2002 للملك كشفت غياب الدولة الحديثة كما أن احتكار السلطة ولّد مشاكل لا حصر لها. وأوضح ان البحرين هي الدولة الوحيدة التي تقوم بتجنيس غير المواطنين كنوع من المغالبة السياسية لمواطنيها. وشدد على أنه لابد من توافق على إصلاح سياسي يمكِّن الشعب من تحقيق التداول السلمي والآمن للسلطة. وأضاف: "نحن نؤمن بأن هذا التحول لا يتم بالقوة .. لكن نؤمن أيضاً بأنه لا يمكن وقفه بالقوة".
واعتبر الشيخ سلمان في مرافعته التي كانت تتألف من مائتين وخمسين صفحة قبل أن يجري تقليصها إلى صفحات قليلة للتمكن من تلاوتها في جلسة المرافعة، بأن محاكمته تمثل انتقاماً لرفضه الموافقة على وثيقة الأعيان ودعوته مع بقية القوى الوطنية لـمقاطعة الانتخابات الصورية التي جرت في 2014، وألقى باللائمة على المتشددين في الحكم الذين قادوا الآلاف إلى المعتقلات.
ووصف الشيخ سلمان محاكمته بأنها كيدية، وفاقدة لعناصر المحاكمة العادلة، وقال: "أرفع صوتي عالياً لأقرر حرماني من الحصول على ضمانات المحاكمة العادلة من قبل المحكمة، ورغم أن الاتهامات تدور حول خطب ألقيتها فقد منعت المحكمة عرض البينات والأدلة من الخطب لنفي التهم". وأضاف: "إن سماع خطبة واحدة فقط سيكشف الحلقات الضعيفة التي نسجت عليها القضية الكيدية ضدي، وان الوصول إلى الحقيقة يقتضي تمكين هيئة الدفاع من عرض بياناتها لا حرمانها من هذا الحق".
وتطرق سلمان في المرافعة إلى القطع المتعمد لعبارات قيلت في خطبه بقصد حرفها عن معانيها. وقال إنه قدم مرافعة مكتوبة للمحكمة تبين بأكثر من 30 دليلاً الاجتزاء والقطع المتعمد والمقصود للعبارات من خطبه. وجدد دعوته إلى المجتمع الدولي لمساعدة البحرين في التحول نحو الحكم الرشيد، كما طالب بـالاستمرار في الحراك الشعبي السلمي للمطالبة بالحقوق العادلة والمشروعة.
واكد الأمين العام لجبهة الوفاق الوطني "أن مطالب شعب البحرين ستتحقق اليوم أو غداً وما أتمنى وأسعى له هو أن تتحقق عبر التوافق". وختم مرافعته بالقول "إنني ماضٍ مع شعبي في إكمال مسيرة النضال السلمي للوصول إلى الحرية والمساواة".
وأرجئت المحاكمة إلى 16 حزيران/يونيو المقبل، فيما وصفتها هيئة الدفاع بأنها صادمة لأن المحامين لم يتمكنوا من تقديم دفاعهم وأدلتهم. واعتبرت الهيئة استهداف سلمان بأنه أمر ثابت، مشيرة إلى أن طلبات الدفاع قوبلت بغضب شديد لم يعهده القضاء.
وبعد جلسة المحاكمة خرجت تظاهرات واحتجاجات سلمية غاضبة في عدد من مناطق البلاد، واكد المشاركون في التظاهرات أن اعتقال الشيخ سلمان يمثل استفزازاً للشعب باعتباره قائداً وطنياً ومكانه الطبيعي ليس السجن، مشددين على ان المطالب التي يرفعها سلمان ويعتقل لأجلها هي التي ترفعها غالبية شعب البحرين.
وردد المحتجون هتافات تؤكد أن شعب البحرين ليس استثناءً عن بقية الشعوب في أن ينال حريته والديمقراطية الحقيقية الكاملة وأن تحكم إرادته في اختيار السلطات وان يكون هو بشكل فعلي مصدر السلطات جميعا. وأكدوا أن البطش والاعتقالات ليست طريقا للحل السياسي ولا يمكن أن تمثل حلاً، وهي وسيلة ليس لإخماد الشعوب وإنما لزيادة قناعتها بضرورة وعدالة مطالبها.
وبعد الانفجار الذي استهدف مؤخراً مسجد امير المؤمنين عليه السلام في مدينة "القديح" بالقطيف شرق السعودية والذي ادى الى استشهاد وجرح العشرات من المصلين، وجّه الشيخ علي سلمان بياناً من معتقله دان فيه هذا التفجير الارهابي مؤكداً انه جاء نتيجة للشحن الطائفي والفكر المتطرف لآل سعود. وعزّى أهالي الشهداء الذين راحوا ضحية هذا التفجير، داعياً الله أن ينعم على المنطقة بالأمن والأمان وأن يلهم عائلات الضحايا الصبر والسلوان.
ويؤكد المراقبون أن نظام آل خليفة يريد مضاعفة الضغط على المعارضة من خلال محاكمة الشيخ سلمان، لا سيّما في ظل وجود كل زعماء التيارات السياسية داخل المعتقلات، مشددين على أن المحاكمة بُنيت على أساس سياسي يراد منه تغيير منهج المعارضة وإجبار القوى الوطنية في البحرين على التخلي عن المطالب المشروعة.