الوقت- تدور اليوم في أروقة العاصمة الكازاخية الجولة الخامسة لاجتماعات أستانا بحضور وفدي الحكومة والمعارضة السوريين بالإضافة إلى ممثلي الدول الضامنة الثلاث "روسيا، إيران وتركيا"، وتسعى الدول الراعية للاجتماع لتحقيق تقدم ملموس على الأراضي السورية.
ويهدف الاجتماع الحالي إلى وضع خرائط واضحة وبلورةُ آلية لمراقبة الاتفاقات المتعلقة بمذكرة مناطق خفض التوتر المتفق عليها في مايو الماضي، والتي تقضى بإنشاء ٤ مناطق لخفض التوتر في سوريا، ووقف النشاط العسكري في تلك المناطق بما فيها تحليقات الطيران على أن يتم إقامة مراكز للتفتيش على حدود هذه المناطق ونشر مراكز مخصصة لمراقبة الهدنة، ومنح فرصة حقيقية لتفعيل العملية السياسية.
إلى ذلك صرّح "أنور جايناكوف" مدير المكتب الصحفي لوزارة الخارجية الكازاخستانية، اليوم الثلاثاء، بأن جميع الوفود المشاركة في الاجتماع الذي سيعقد اليوم على أن يعقد اجتماع آخر في الغد، وصلت إلى أستانا بما في ذلك ممثلين عن المعارضة المسلحة.
وقال جايناكوف: "لحين هذه اللحظة، جميع الوفود المشاركة بإطار مفاوضات عملية أستانا، وصلت إلى أستانا بما في ذلك ممثلين عن المعارضة المسلحة".
الجيش السوري يقلب الموازين
وتشير جميع التقارير الميدانية على جميع الجبهات السورية، بأن الجيش السوري و حلفائه یتقدمون بشكل سريع جدا على جميع الجبهات ويحققون انتصارات كبيرة، وبالتالي فإن جميع الأمور تصب في صالحهم في هذه المرحلة، ومع ذلك قام الجيش السوري عبر قيادته يوم أمس الاثنين، بمبادرة حسن نية مع الجماعات المعارضة وأعلن وقف العمليات المسلحة في الجنوب السوري بمنطقة درعا دعماً للعملية السياسية والمصالحة، ورغم أن خرق الهدنة من قبل المسلحين جاء سريعا إلا أن الجيش السوري ما زال يستخدم أسلوب "ضبط النفس".
وللتذكير فإن الجماعات المسلحة في السابق وافقت على اتفاق "مناطق خفض التوتر" الذي نتج عن لقاءات أستانة الرابعة، ليس من باب الالتزام بتعهداتها وإنما نتيجة لحالة العجز التي وصلت إليها في جميع المحاور بعد أن كبدها الجيش السوري خسائر فادحة في مناطق خفض التوتر بالإضافة إلى كل من "محافظة إدلب وريف حلب الغربي والجنوبي، إضافةً إلى ريف اللاذقية وريف حماة الشمالي".
وفي السياق أوضح نائب وزير الخارجية فيصل المقداد، أن "التطورات الأخيرة هي الأفضل بالنسبة للدولة السورية"، موضحاً "أن الجيش وحلفاءه يتقدمون في كل أنحاء سوريا، والمصالحات الوطنية تحقق إنجازات كبيرة". وأشار إلى أن دمشق "لن تستغرب قيام الولايات المتحدة الأميركية بارتكاب اعتداءات جديدة... لكن يجب أن يحسبوا بشكل دقيق ردود الأفعال من سوريا أو حلفائها، والتي لن تكون كما كانت في العدوان الأول".
ومن هنا نجد أن اجتماعات "أستانة" الجديدة تنقذ المعارضة من حالة التخبط والفشل التي تعيشها، وفي حال فكرت المعارضة المسلحة بإعادة فتح جبهات جديدة فإن ذلك سيكلفها ثمنا باهظا لن تستطيع هي والدول الراعية لها تحمل نتائجه.
وبالعودة إلى اجتماع "أستانا" والتي ستعقد اليوم، نجد تحولا جديدا في صيغ التفاهم الحالية، حيث تسعى الأردن إلى حفظ ماء وجهها عن طريق تقديم بوادر حسن نية بمساعدة الروس، الأردن الذي يحضر الآن بالتنسيق مع روسيا تمهيداً لانضمامه إلى مسار "أستانا"، بحكم رعايته للفصائل الجنوبية ومصالحه الاستراتيجية في ضبط حدوده الشمالية، بدا في مواقفه الرسمية بعيداً عن دعم الفصائل في تلك المعركة، ومنخرطاً في جهود التعاون الروسي.
عجز الفصائل الجنوبية
أكد مصدر عسكري لصحيفة "الأخبار" اللبنانية أن "الفصائل الجنوبية لم تعد قادرة على شنّ هجمات كبيرة وواسعة، والهجمات الأخيرة الفاشلة أثّرت بشكل كبير على معنويات المقاتلين، فضلاً عن تأثيرها على القدرات العسكرية المنهَكة للفصائل".
وأشار المصدر إلى أنه "من الممكن اعتبار هذه التهدئة "التي أعلنها الجيش السوري" بادرة خير لإفساح المجال للتفاوض والوصول إلى تسوية سياسية تنهي معارك الجنوب تحديداً، فلم يعد من مصلحة أحد "الجيش أو الفصائل" استمرار الوضع الحالي في الجنوب".
الوفود المشاركة
أعلنت وزارة الخارجية الكازاخية أمس بدء وصول الوفود المشاركة في المحادثات إلى العاصمة أستانا، مشيرة إلى أن وفود روسيا وإيران ووفد الحكومة السورية وصلوا إلى مقر عقد المحادثات أمس، فيما وصل قسم من الوفد التركي، على أن يصل مساء أمس ــ وفق المخطط ــ المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا. وأما الجانب المعارض، فسيحضر وفد يمثل الفصائل المسلحة لحضور الاجتماع، على الرغم من إعلان مسبق لعدد من الفصائل "بينها فصائل الجنوب" مقاطعتها للمحادثات.
والجدير بالذكر أن الجدول الجديد لمفاوضات جولة أستانا الجارية يشمل سبل مكافحة الإرهاب، علاوة على ماسبق سيتم تشكيل اللجنة السورية للمصالحة الوطنية، ومسائل متعلقة بإيصال المساعدات الإنسانية وإعادة إعمار البنية التحتية في سوريا.