الوقت- على الرغم من أن إيران تعيش في هذه المرحلة مجموعة من التحديات والتهديدات التي يطلقها بعض الزعماء العرب برئاسة السعودية تحت عنوان "مواجهة الخطر الإيراني" واتباع بعض هذه الدول نهج معادي للجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولكن ولأسباب متعددة ناتجة عن عدم وجود توافق وتنسيق واضح بين الدول العربية لتصميم وتنفيذ نهج أو رؤية واضحة ضد إيران يضاف إلى ذلك وجود عدد كبير من الدول العربية التي ترفض معاداة إيران حيث تربطها بها علاقات استراتيجية على مدار عشرات السنين، لهذه الأسباب وغيرها لم تتمكن هذه الدول من الوصول إلى نتائج ملموسة وواضحة في هذا الموضوع.
وفي الفترة الأخيرة ومع تشكيل تحالف إسلامي لمحاربة الإرهاب، جدد المشاركون في هذا التحالف الذي تقوده السعودية تركيزهم في الضغط على إيران ودورها الإقليمي في المنطقة. لتتناغم هذه المواقف مع زيارة الرئيس الأمريكي الأخيرة إلى السعودية التي جاءت في إطار زيادة الضغط على إيران والتنسيق بين دول التحالف الجديد لنفس الغاية، كما تم خلال اللقاءات تكرار موضوع تشكيل ناتو عربي.
هذا التحالف الجديد الذي تقوده السعودية والمكون من دول عربية-إسلامية-إفريقية غير منسجمة وغير متناغمة مع بعضها البعض، يسعى حاليا وعلى نحو فعال ضمن استراتيجية أمريكا في الشرق الأوسط لـ"مكافحة الإرهاب ومنع نفوذ طهران الإقليمي". وفي هذا الصدد تلعب السعودية دورا فعالا في توجيه الدول العربية والإسلامية وحثها على مواجهة إيران وزيادة الضغط عليها بكل الوسائل المتاحة. إلا أن هذا الموضوع لم يكن من أولويات الدول الأساسية المكونة للتحالف الجديد والمتمثلة بـ "باكستان، مصر وتركيا" حيث لم تعر الأمر اهتماما كبيرا وكذلك الأمر بالنسبة لـ "عمان، الكويت وقطر".
وفي الوقت الحالي نشهد اختلافاً واضحاً في وجهات النظر بين قطر والمملكة العربية السعودية حول هذه القضية. وهناك ثلاثة أمور توضح الأسباب التي تمنع السعودية وبعض الدول التي تساندها من تحقيق ما تصبو إليه في تأجيج الصراع مع إيران:
الانقسامات الداخلية
من خلال إلقاء نظرة بسيطة على التاريخ نجد أن هذا الإختلاف والانقسام الواضح بين الدول العربية ليس وليد اللحظة بل ناشئ عن خلافات تاريخية متراكمة متعلقة بالصراعات الإقليمية والنزاعات الحدودية وغيرها من القضايا الحساسة، بالإضافة إلى الأزمات الداخلية "الإجتماعية والإقتصادية" التي تعاني منها هذه الدول، ومن جهة أخرى لايخفى على أحد النزاعات والأزمات التي تخترق دهاليز واجتماعات دول مجلس التعاون الخليجي والتي يمكن أن تنفجر بأي لحظة كما حدث في الأيام القليلة الماضية بين السعودية وقطر. مجموع هذه العوامل وغيرها قدم لنا رسائل واضحة وحقائق عن مدى عمق خطوط الأزمة داخل هذا التحالف على مختلف المستويات وبالتالي اختلاف واضح حول دور إيران الإقليمي.
النهج المتبع مع إيران
تراكم الخلافات التي تعاني منها دول التحالف على الصعيدين الداخلي والخارجي، سبب خلاف من نوع جديد تمثل بنظرة هذه الدول اتجاه إيران ودورها في المنطقة. فعلى الرغم من كل الضغوط التي تمارسها الرياض على دول المنطقة لتعميق الخلاف مع طهران وزيادة الضغط عليها، إلا أننا نشاهد دول كثيرة من المنطقة تخالف السعودية في هذا الأمر ونذكر من هذه الدول " مصر، عمان، الكويت، قطر وتونس " وبالرغم من أن هذه الدول تتعاون مع السعودية في كثير من المجالات وتقف إلى جانبها في كثير من المواقف إلا أنها في الوقت نفسه تملك علاقات جيدة مع إيران وتختلف مع السعودية كثيرا في وجهة نظرها تجاه إيران. من ناحية أخرى فإن كل من "سورية، العراق، لبنان والجزائر" تعد من الدول التي تملك علاقات استراتيجية مع إيران وتتعاون معها في شتى المجالات، ومن هنا نستنتج أن دول المنطقة التي تربطها علاقات صداقة مع إيران أكثر بكثير من الدول التي تعادي إيران أو تسعى لتعميق الخلاف معها.
الخوف من الهيمنة السعودية
وأثارت هذه القضية جوانب أخرى كان أهمها الخوف من هيمنة السعودية وفرض سلطتها على دول عربية وغير عربية في حال قبلت هذه الدول الوقوف إلى جانب الرياض في صراعها مع طهران. من ناحية أخرى لايمكننا تجاهل الدور الكبير الذي تمتلكه كل من مصر وباكستان وتركيا في المنطقة، هذه الدول ليست على استعداد بأي شكل من الأشكال للصراع مع إيران تحت قيادة السعودية.