الوقت- يخوض الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال معركة جديدة من معارك الأمعاء الخاوية، يجوعون ويتألمون بل ويصيبهم الإعياء في سبيل الحفاظ على كرامتهم، ورفض الذل الذي يريد سجانو الاحتلال أن يفرضوه واقعاً عليهم. مؤكدين على المضي قدماً بالإضراب حتى تحقيق مطالبهم العادلة، اضراب يخشى الصهاينة من تبعاته داخل السجون وخارجها خصوصا بعد تخطيه الايام الثلاثين، في ظل تفاعل شعبي في الوطن العربي وعلى الصعيد الدولي.
الاضراب يدخل مرحلة حاسمة
في آخر التطورات، قال رئيس هيئة الأسرى والمحررين الفلسطينيين عيسى قراقع، في بيان صادر عن "إضراب الحرية والكرامة"، إن الأسير مروان البرغوثي "توقف عن شرب الماء، لعدم تجاوب الاحتلال مع مطالب الأسرى المضربين عن الطعام".
واكد أن الاسرى يخوضون معركة الحرية والكرامة، لتحقيق عدد من المطالب الأساسية، التي تحرمهم إدارة سجون الاحتلال منها، وأبرزها: إنهاء سياسة الاعتقال الإداري، وإنهاء سياسة العزل الانفرادي، وإنهاء سياسة منع زيارات العائلات وعدم انتظامها، وإنهاء سياسة الإهمال الطبي، وغيرها من المطالب والمشروعة.
واضاف ان الاضراب يدخل مرحلة حاسمة جراء التدهور الصحي لعدد كبير من الأسرى المضربين عن الطعام، إذ تزداد حالات تقيؤ الدم، ضعف النظر، الوهن الشديد والهزال، الدوران، الإغماءات وفقدان لقرابة (20 كغم) من الوزن الأصلي، ورغم ذلك فإن رسائل عديدة وصلت من الأسرى يؤكّدون فيها بأنهم مستمرّون في الإضراب حتى تحقيق كافّة مطالبهم.
وحمّل قراقع الاحتلال المسؤولية كاملة عن تداعيات الإضراب والنتائج التي قد تترتب عليه، مؤكدا ان تغول الاحتلال على الأسرى العزل وعلى مطالبهم الإنسانية المشروعة يعتبر انتهاكا صارخا لحقوق الانسان، مضيفا انه ما زالت إدارة مصلحة سجون الاحتلال تنتهج سياسة حجب الأسرى المضربين عن محيطهم الخارجي، فهي تماطل في السماح للمحامين بزيارة غالبية الأسرى، كما وتدرج عدداً منهم من ضمن قائمة الممنوعين من الزيارة، وتحرمهم من التواصل مع عائلاتهم، وتقوم بنقلهم في زنازين مختلفة داخل السّجون أو إلى سجون أخرى.
تداعيات خلف القضبان وخارجها
خلف القضبان، وفي كل اضراب يقوم به الاسرى يخشى الصهاينة بأن يؤدّي الإضراب إلى مشاحنات وتوتّرات عالية تؤدّي إلى صِدام بين الأسرى والسجّانين، مما يوقع خسائر تحشر إسرائيل في الزاوية من النواحي الإعلامية والأخلاقية والسياسية. ولهذا يستمرون باستخدام الكثير من الوسائل والأساليب التي من شأنها أن تكسر الإضراب وتُعيد الهدوء إلى السجن. ويستعملون كل ما بوسعهم الآن من أجل تمزيق صف المعتقلين وتهاوي معنوياتهم وإنهاء ما هم فيه.
اما خارج القضبان على كيان الاحتلال توقع اي تطور في شتى الصعد، فالشعوب تشارك المضربين جهادهم، محاولة فرض ضغط على الصهاينة، وبالاضافة الى المظاهرات السلمية التي أقيمت في بلدان عربية واجنبية تضامنا مع الاسرى، والتي لم يكن آخرها ما نظمه التجمع الإعلامي الفلسطيني في الاتحاد الإسلامي للنقابات، الذي قام يوم الثلاثاء بوقفة تضامنية مع الأسرى المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال، تحت شعار معركة "الحرية والكرامة"، في حين رفع المشاركون في الوقفة لافتات كُتب على بعضها: "أسرانا البواسل: أنتم طريق الفاتحين.. إذا ما ساعةٌ للنصر حانت"، و"أسرانا من جوعكم نصنع نصراً". اعلنت حركة فتح ايضا أن يوم الأحد القادم هو يوم اضراب شامل في جميع محافظات الضفة الغربية يشمل كافة مناحي الحياة من الساعه 11-2 ظهرا بإستثناء الطلاب و المؤسسات التعليمية والصحية، مساندة لإضراب الحرية و الكرامة و خطوة تصعيدية من مختلف اطياف شعبنا في كل مكان.
وعمّ إضراب تجاري شامل ايضا صباح اليوم الأربعاء، مدينة طولكرم وضواحيها ومخيماتها، وأغلقت المحال التجارية أبوابها، تضامنا مع الأسرى المضربين عن الطعام. وجاء الإضراب بدعوة من فصائل العمل الوطني، التي دعت الليلة الماضية في بيان لها وعبر شبكة الأذان الموحد، التجار والمواطنين إلى إضراب تجاري شامل منذ الصباح وحتى المساء، تضامنا مع الأسرى.
وفي تطور امني، أغلق شبان فلسطينيون فجر اليوم الشارع الاستيطاني رقم (60) ، والواقع بالقرب من قريتي 'سلواد' و 'عين يبرود' قضاء مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة، وذلك في سياق تصعيد الحراك المساند للأسرى المضربين في سجون العدو لليوم الحادي والثلاثين على التوالي. وبحسب شهود عيان، فإن الشبان وضعوا الحجارة وبعض العوائق الحديدية في الطريق الذي يسلكه المستوطنون، وأشعلوا الإطارات. وفيما بعد دارت مواجهات عنيفة بين قوات الاحتلال والشبان الفلسطينيين في منطقة "مشرية" في بلدة سلواد.
انتفاضة جديدة
حسب محللين، إن محاولات كيان الاحتلال الحثيثة لوقف اضراب الأسرى عن الطعام تؤكد أن هناك مخاوف "إسرائيلية" من أن تؤدي الى انتفاضة في السجون، واندلاع أي انتفاضة كهذه لا يمكن إلا أن يؤدى الى انتفاضة فلسطينية خارجها فالمتابع للتفاعلات الشعبية يرى حجم الغليان الذي يجتاح الشارع الفلسطيني من اضرابات عن الطعام تضامناً مع الأسرى إلى المسيرات والاعتصامات، وغيرها من مظاهر الغضب، بل وصل الامر الى تنظيم فعاليات احتجاجية خارج فلسطين حيث أطلقت "الشبكة الأوروبية للدفاع عن حقوق الأسرى الفلسطينيين حملة تضامنية في عموم القارة الأوروبية لدعم إضراب الأسرى.
هكذا يبدو ان استمرار اضراب الاسرى سيؤدي لا محالة إلى انتفاضة فلسطينية جديدة والاسرى مستمرون إلى أن تتحقق مطالبهم.