الوقت- لايزال العراق يعاني من الارهاب الذي ضرب أراضيه واحتل مناطق واسعة، مرتكباً أبشع المجازر والانتهاكات بحق الشعب العراقي والمساجد والمعالم الأثرية والتاريخية والبنى التحتية.
الارهاب المتمثل بتنظيم "داعش" الارهابي لم تتوقف أعماله عند العراق وحسب وانما امتدت الى دول أخرى، الأمر الذي أثار قلق ومخاوف الدول المجاورة.
ايران التي تشارك العراق بأكبر حدودٍ برية تحسست الخطر الذي يهدد أمنها القومي، فأرسلت مستشاريها العسكريين وقدمت الدعم اللازم إلى العراق إثر احتلال "داعش" للموصل شمال البلاد حفاظاً على وحدته وسلامة اراضيه.
علي أكبر ولايتي مستشار قائد الثورة الاسلامية في ايران للشؤون الدولية أكد أن القضاء على الارهاب واحلال الأمن والاستقرار والسيادة في العراق أولوية بالنسبة لايران، مشيراً الى أن بغداد وطهران تجمعهما علاقات قوية حيث يعتبر العراق دولة صديقة وحليفة لايران ومحور المقاومة.
ولايتي أكد على أن مساعدة طهران لدول الجوار في احلال أمنها و استقرارها مرتبط بالأمن القومي الايراني نظرا لما تملكه من علاقات صداقة وحسن جوار مع الدول المجاورة. فبعد الحرب الأمريكية على العراق واسقاط حزب البعث وتقسيم العراق لاحقا، جعل من العراق نقطة تحول في البُعد الأمني الايراني.
ومن ناحية أخرى فإن التغييرات السياسية في العراق واستلام الشيعة للسلطة باعتبارهم الأغلبية في النسيج العراقي دفع بغداد الى تعزيز تعاونها مع طهران لمواجه التهديدات والتحديات التي تواجههما، فإرسال ايران مستشاريها العسكريين الى العراق منذ بدء عمليات "داعش" الارهابية في الموصل يعتبر من أهم انجازات طهران في الحفاظ أمن ووحدة العراق، حيث أثبتت أنها تستطيع التصدي لاعداء العراق كونه جار صديق لايران.
بدوره، راجح الموسوي السفير العراقي لدى ايران أكد على الأهمية الاستراتيجية لكل من العراق وايران في المنطقة، وأنه لولا الدعم الذي قدمته طهران لسقطت المنطقة برمتها في يد الارهاب، مشيراً الى أن التعاون بين البلدين سوف يقدم خدمة كبيرة للبشرية، وسيكون للعلاقات المشتركة بين العراق وايران دور هام في المستقبل.
من ناحية أخرى أوضح ولايتي أن مساعي أمريكا وحلفائها العرب والغربيين لتقسيم العراق يهدف الى الضغط على الحكومة المركزية في بغداد، وذلك لضمان مصالحهم في العراق. وبناءً عليه فإن ايران تؤكد على وحدة الأراضي والسيادة العراقية.
تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في العراق تحت مسمى محاربة "داعش" لم يكن بهدف إنقاذ العراق من الارهاب فلم نلحظ مساندة فعالة من قبل واشنطن للقوات العراقية، وانما تدخلت لأهداف استراتيجية تنسجم مع تطلعات أمريكا في رسم الخارطة السياسية للمنطقة، واعادة توزيع النفوذ وتقاسم التواجد الدولي فيها، إضافة الى تقويض محور المقاومة في المنطقة.
وبحسب المعلومات فان واشنطن ساهمت بدعم "داعش" في العراق، فالقوات الأمريكية لم تشارك بأية معركة على الارض، وعندما سقطت الأنبار بيد "داعش" كان الأمريكيون متواجدين في قاعدة "عين الأسد"، ناهيك عن اسقاط الطائرات الأمريكية الأسلحة لـ "داعش" تحت ذريعة الخطأ.
وفي 4 من ديسمبر 2016 صرح آشتون كارتر وزير الدفاع الأمريكي السابق خلال اجتماع بولاية كاليفرونيا أن الجيش الأمريكي وشركائه الدوليين سوف يبقون في العراق حتى بعد الهزيمة المرتقبة لتنظيم "داعش" في الموصل، وأضاف أن هناك الكثير مما يجب عمله بعد طرد "داعش" من العراق للتأكد من تحقيق انتصار كامل.
هذه التصريحات الامريكية تظهر رغبة واشنطن بالبقاء في العراق أطول فترة ممكنة وعدم المغادرة منه، وبناءً على ذلك فإن القضاء السريع على تنظيم "داعش" لا يصب في المصلحة الأمريكية، وهذا ما يؤكد عدم جدية واشنطن في مكافحة الارهاب، وانما حمايته طالما يحقق مصالحها في المنطقة.
كل هذه المعطيات تشير الى وجود حرب باردة بين أمريكا وايران تستخدم فيها واشنطن الارهاب لمحاصرة طهران عن طريق ضرب أصدقائها في المنطقة اضافة الى القضاء على محور المقاومة لضمان أمن اسرائيل، ضاربة بذلك عرض الحائط حقوق الانسان والدعوات الى مكافحة الارهاب في المنطقة. إلا أن الحشد الشعبي الذي يستلم زمام المبادرة في العراق يتقدم على حساب "داعش" فهل هذا سيفشل المشروع الأمريكي في المنطقة ويجبر واشنطن على تغيير سياستها في العراق لتساهم في القضاء على "داعش" هرباً من الاحراج أمام المجتمع الدولي؟ أم أنها ستستمر في دعم "داعش" للحصول على امتيازات أكبر من الحكومة والشعب العراقي على حساب الانسانية؟.