الوقت- نظّم موقع "الوقت" الإخباري - التحليلي ندوة تخصصية تحت عنوان "الآفاق العسكرية والأمنية والسياسة في سوريا بعد تحرير حلب" بمشاركة الخبير في مركز الدراسات الاستراتيجية للشرق الأوسط الدكتور محمد علي مهتدي، ومعاون رئيس مركز النور للبحوث والدراسات الاستراتيجية الدكتور أحمد زارعان.
وأكد الدكتور زارعان في بداية حديثه على أهمية الانتصار الذي حققته القوات السورية على الجماعات الإرهابية في "حلب" بدعم من إيران وروسيا ومحور المقاومة، واصفاً هذا الانتصار بأنه يمثل أهم تطور في الأزمة السورية والذي من شأنه أن يغير موازين القوى لصالح محور المقاومة في عموم المنطقة.
وقال زارعان: "إن أهم تأثير لتحرير مدينة حلب من الجماعات الإرهابية يكمن في أنه حوّل أحلام الأعداء الخارجيين والداخليين لسوريا ومحور المقاومة إلى سراب، بعد أن كانوا يصرون على إسقاط نظام حكم الرئيس السوري بشار الأسد عن طريق القوة، وهذه التصورات الواهمة كانت تطبل لها باستمرار كبريات وسائل الإعلام العربية والغربية منذ بداية اندلاع الأزمة السورية قبل نحو ست سنوات".
واعتبر زارعان تحرير حلب بأنه مقدمة لتحقيق انتصارات سياسية، مبيناً في الوقت نفسه بأن الانتصار الميداني في هذه المدينة قد ساهم برفع معنويات الجيش السوري ومحور المقاومة، وتسبب في المقابل بمزيد من الضعف والإحباط في صفوف الإرهابيين.
والمح الدكتور زارعان إلى أن خروج الإرهابيين من حلب مجموعة بعد أخرى يعني القبول بالهزيمة وأنه لم يعد بإمكانهم مواجهة القوات السورية وحلفائها ولهذا أبدوا استعدادهم للانتقال إلى أماكن أخرى.
وشدد زارعان على أن الانتصار في حلب قد زاد من القدرة السياسية للحكومة السورية وضاعف من فرص تفوقها في المفاوضات المقبلة، إذ من المعلوم أن الانتصار العسكري يمهد بطبيعته لانتصارات سياسية.
وحول تأثير تحرير حلب على المواقف المستقبلية للاّعبين الإقليميين والدوليين الأساسيين في الأزمة السورية أوضح الدكتور زارعان بأن هذا الأمر قد جعل التطورات السورية تحت تأثير ثلاث دول هي إيران وروسيا وتركيا وقلّص إلى حد كبير من تأثير اللاعبين الإقليميين والدوليين الآخرين لاسيّما أمريكا والسعودية.
ومن المعلوم أن إيران وروسيا ترفضان زوال نظام الرئيس بشار الأسد وتصران على ضرورة احترام إرادة الشعب السوري في هذا المجال وفي تقرير مصيره وتؤكدان في الوقت ذاته على ضرورة مواصلة دعم سوريا لمواجهة خطر الإرهاب.
وحول التغيير الذي طرأ على الموقف التركي حيال الأزمة السورية أعرب معاون رئيس مركز النور للبحوث والدراسات الاستراتيجية عن اعتقاده بأن هذا التغيير تكتيكي وليس استراتيجي، مشيراً إلى أن أنقرة كانت تعوّل على تدخلها في الأزمة السورية و رأت في ذلك فرصة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية في المنطقة إلاّ أنها فشلت، ومع تغير الوضع في سوريا وتفاقم الأزمة الأمنية في تركيا تحولت هذه الفرصة إلى تهديد لأنقرة.
وأشار زارعان إلى أن تركيا قد غيّرت في هذه الظروف من تكتيكها إزاء الأزمة السورية دون التخلي عن هدفها الاستراتيجي، أي بمعنى آخر أنها وضعت جانباً موضوع إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وأخذت تركز اهتمامها على كيفية التعامل مع الأزمة السورية لأنها أدركت بأن التحكم بكيفية إدارة هذه الأزمة قد خرج من يدها، خصوصاً بعد زيادة نشاط المعارضة الكردية على طول الحدود الجنوبية لتركيا وتفاقم الأزمة الأمنية بسبب تواصل العمليات الإرهابية في داخل البلاد.
وتابع الدكتور زارعان بأن تركيا عمدت إلى تغيير سياستها الخارجية تجاه الأزمة السورية من أجل التمكن من التعامل مع هذه الأزمة وليس من أجل وضع نهاية لها.
وفي جانب آخر من حديثه أكد معاون رئيس مركز النور للبحوث والدراسات الاستراتيجية إن تحرير مدينة حلب أثبت أن محور المقاومة الذي تدعمه إيران بقوة هو الوحيد القادر على إنهاء الأزمة السورية، مشدداً في الوقت ذاته على أن المحادثات السياسية الرامية لتسوية هذه الأزمة ما كانت لتكتسب أهمية وقدرة على التأثير لصالح حل هذه الأزمة إلاّ بعد أن تمكن محور المقاومة من تحقيق انتصارات على الأرض، أي بمعنى آخر أن محور المقاومة هو العامل الأساس في حسم هذه الأزمة والمباحثات السياسية تأتي في المرحلة اللاحقة وليست بديلاً استراتيجياً عن هذا العامل أو حتى ليست موازية له.
وأعرب زارعان عن اعتقاده بخطأ الرأي القائل بضرورة اعتماد المحادثات السياسية لحل الأزمة السورية بعيداً عن تأثير محور المقاومة، وكذلك الرأي القائل بأن العمليات العسكرية يجب أن تتناغم مع المحادثات السياسية، مشدداً على ضرورة النظر إلى المحادثات السياسية على أنها مكملة لاستراتيجية المقاومة وليس بديلاً عنها أو موازية لها.
كما لفت الدكتور زارعان الانتباه إلى أن الطرف المقابل الذي يدعو إلى أن تكون المحادثات بديلة عن المقاومة ويدعو كذلك إلى نزع سلاح المقاومة يعي تماماً أن المقاومة هي الأساس في تحقيق الانتصارات وليست المباحثات السياسية.