الوقت – نجح الشعب الفلسطيني في انتزاع قرار أممي تم اقراره بأغلبية يطالب الكيان الاسرائيلي بوقف الاستيطان في الاراضي الفلسطينية المحتلة، ويؤكد عدم شرعية انشاء الكيان الإسرائيلي للمستوطنات في الاراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 بما فيها القدس الشرقية.
القرار الجديد الذي أثار حفيظة الكيان الاسرائيلي، وتزامن مع سحب مصر مشروع قرار مماثل في وقت سابق، تم بموافقة امريكية حيث أصرت الادارة الامريكية الحالية على عدم استخدام حق النقض (الفيتو) ضد القرار رغم مطالبة دونالد ترامب بذلك. حول هذا القرار كان لنا حوار مع النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني والقيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين "جميل المجدلاوي"، وفيما يلي نص هذا الحوار:
الوقت: ما هي أسباب ودلالات هذا القرار في مجلس الأمن؟
"جميل المجدلاوي": ان هذا القرار هو قرار مهم من زاويتين، الزاوية الاولى انه يكشف الى اي مدى اصبحت دولة الاحتلال والاغتصاب لفلسطين اي دولة الاحتلال الاسرائيلي دولة مكشوفة وعدوانية وعنصرية لكل البلدان في هذا الكون والقرار أخذ بإجماع كل الدول مع امتناع امريكا عن التصويت، هذا هو الوجه الأول لهذا القرار، اما الوجه الثاني لهذا القرار انه يأتي لكي يؤكد على عدم شرعية المستوطنات الصهيونية في فلسطين، فصحيح ان القرار يتعلق بدرجة رئيسية بالمناطق المحتلة في عام 76 بما في ذلك القدس الشرقية لكن في صراعنا مع العدو الصهيوني نعتبر ان كل دولة الكيان الصهيوني هي في الجوهر مستوطنة ومغتصبة صهيونية اغتصبت من اهلها الفلسطينيين، هذه هي المعاني السياسية والتاريخية لهذا القرار وبهذا المعنى فالقرار انتصار سياسي وهو عنوان يمكن ان يثنى عليه في ملاحقة الاستيطان الاسرائيلي لكنني اضيف ان هذا القرار تضمن نصوصا حملت بعض الأوجه فهناك نصوص اسلامية وهناك نصوص يمكن ان يستفاد منها للمقارنة او المقاربة بين كفاح الشعب الفلسطيني وبين ارهاب الدولة الاسرائيلية فالفقرات التي تحدثت في القرار عما سمي بالعنف جاءت ملتبسة بحيث يمكن ان تحدث التباسا في فهم المقاومة الفلسطينية لأنه ليس سرا ان بعض الاطراف التي صوتت مع القرار اعتبرت المقاومة الفلسطينية شكلا من اشكال العنف لذلك نرى ما جاء في القرار عن التحريض وما يسمى الخطاب التعبوي في القرار، لكن المعركة الرئيسية كانت معركة الاستيطان ولهذا اعتبر القرار انجازا سياسيا مع ضرورة التنبه الى الالتباسات التي احدثتها الصياغات الأخرى لهذا القرار.
ان هذا القرار وغيره من القرارات هي مراكمات ايجابية في نضال شعبنا وكفاحه وجهاده لنيل استقلال الوطن وعودة الانسان الفلسطيني الى الارض الفلسطينة، ان هذا كله يحتاج الى عامل فلسطيني قوي لكن العامل الذاتي الفلسطيني وللأسف الشديد كله الان وطأة هذا الانقسام الكارثي الذي يهدد كل هذه الانجازات ولهذا ينبغي علينا نحن الفلسطينيون بكل اطيافنا السياسية والتنظيمية والفكرية ان نصب الجهود من اجل استعادة الوحدة وانهاء هذا الانقسام.
الوقت: لماذا لم تستخدم الادارة الامريكية حق النقض (الفيتو) ضد هذا القرار؟
"جميل المجدلاوي": القرار لاينص على عقوبات محددة ضد الكيان الاسرائيلي ولا يضعه تحت البند السابع الذي يجيز استخدام القوة لفرض مضمون القرار، ان هذا القرار استحضر سلسلة من القرارات السابقة للهيئات والمؤسسات المختلفة ولهذا لايحمل جديدا بالنسبة للإدارة الامريكية، ان هذا التحليل وهذه القراءة للقرار واستحضار قرارات سابقة للمؤسسة الدولية لا تلغي حقيقة سياسية تلمسها دائما ان هناك تعارض ما بين ادارة أوباما الحالية وبين القيادة الاسرائيلية التي يقف على رأسها بنيامين نتنياهو، ان هذا التعارض احد تجلياته ان امريكا "تعبث" وآمل ان تكون هذه النقطة واضحة، ان أدخلت الصياغات التي أشرتُ اليها وهي الصياغات الملتبسة حول الارهاب والتحريض، ان امريكا اعتبرت ان هذا القرار فيه شيء من التوازن بحيث لا تستطيع ان ترفضه او تستخدم الفيتو ضده لأنها لاتستطيع اقناع حلفائها بمثل هذا الموقف، وهذا الذي يضاف الى العامل الأول.
الوقت: هل سينجح القرار الأممي في وقف الاستيطان الاسرائيلي وما هي قدرة مجلس الامن على ردع الكيان الاسرائيلي في حال نقضه القرار؟
"جميل المجدلاوي": انا قلت في معرض الاجابة على السؤال الاول ان القرار لاينص على عقوبات معينة وانا شخصيا اعتقد ان اسرائيل ستحرص ان تتابع استيطانها في الارضی الفلسطينية ولكن ليس بالسهولة التي كانت فيما مضى فانها ستجد معارضة وان هذا القرار يمكن ان يتحول بعد ذلك الى قوة ردع اذا ما حدث اجماع فلسطيني عربي اسلامي مع كل احرار العالم والدول التي تنحاز الى حقوق الانسان والقانون الانساني الدولي وفي هذه الحالة يمكن ان يتحول هذا القرار الى أساس ورافعة لأشكال متعددة من الضغط الذي يمكن ان يمارس على دولة الاحتلال الاسرائيلي من اجل ان تردع اجراءاتها في المستقبل لكنني الان لا اجد في هذا القرار ما يمكن ان يمنع العدو الاسرائيلي من مواصلة استيطانه في الاراضي الفلسطينية.
الوقت: ما هي الاسباب الكامنة خلف سحب مصر لمبادرتها فيما يخص هذا القرار بعد الاتصال الذي جرى بين الرئيس السيسي والرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترامب؟
"جميل المجدلاوي": انا حاولت منذ أمس ان أقف على حقيقة ما جرى وما نشر وانا لا املك معلومات خاصة ولكن نبهت وسائل الاعلام الفلسطينية والمصرية وغيرهما من ان تتحول هذه المسألة الى مياه عكرة تصطاد فيها اسرائيل في علاقات مصر وفلسطين والاطراف الاخرى، يجب ان نحاصر النيران التي يمكن ان تترتب على مثل هذه التباينات لأنه اصبح واضحا ان هناك خلاف بين مصر وفلسطين حول هذا الموضوع فأنا مع انحيازي الكامل لصالح الموقف الفلسطيني الذي أصر على ان يقدم مشروع القرار لكنني أرى من الأفضل ان لا ننفخ في نار هذا الخلاف لأنني لا اريد للعلاقات الفلسطينية المصرية مزيدا من السوء واريد توسيع دائرة التوافق لأن بعض الاوساط الاسرائيلية ذكرت ان هناك اتصالا قد جرى بين الاوساط القيادة المصرية والاوساط القيادية الاسرائيلية، لهذا لست مع تسعير هذا الخلاف بل مع محاصرته، ان مصر قد صوتت مع هذا القرار في نهاية الأمر، فلنسير قدما الى الأمام مع الطريق الذي يفتحه هذا القرار.