الوقت- كشف الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب في أحدث تصريحاته عن نواياه بشأن الأزمة السوريّة، مشيرا الى أن الولايات المتحدة ستقيم منطقة آمنة للمدنيين في هذا البلد بأموال خليجية.
وتعدّ تصريحات ترامب هذه الأولى من نوعها بشأن حل الأزمة السورية منذ إعلانه رئيسا جديدا لأمريكا، لاسيما وأنها جاءت بعد إعلان الجيش السوري وحلفائه السيطرة على مدينة حلب الاستراتيجية بالكامل.
وقال ترامب: "عندما أنظر لما يحدث في سوريا أتأسف.. محزن جدا مايحصل في هذا البلد.. لدينا نوايا بمساعدة الشعب السوري". وتابع ترامب قائلا بأنه يريد من الدول الخليجية توفير مبالغ مالية لتنفيذ هذا المشروع بشكل جاد. وأكد ترامب: "سنقيم مناطق آمنة للمدنيين في سوريا وسنساعد في بناء هذه المناطق لخلق فرصة جيدة للناس.
وعلى الرغم من أن ترامب كان قد كشف عدّة مرات خلال حملته الانتخابية عن نواياه بإقامة منطقة آمنة للمدنيين في سوريا، إلا أن إعلانه الجديد هذا جاء بعد فوزه بكرسي البيت الأبيض، الأمر الذي يدعو الى أخذ تصريحاته على محمل الجد.
وينظر بعض المحللين الأمريكيين الى تصريحات دونالد ترامب بشأن سوريا بعين الرضا، ومن ضمنهم المحلل في موقع "هيل" الأمريكي الذي أشاد بموقف ترامب من الأزمة السورية قائلا: لقد أدرك ترامب أن أمريكا في الوقت الراهن عليها ديون بقيمة 20 تريليون دولار، ولاتستطيع أن تكون كسابق عهدها شرطي العالم.
استراتيجية إقامة منطقة آمنة للمدنيين واللاجئين على أجزاء من الأراضي السورية لابد أن يتم الإتفاق عليها بالتنسيق مع دمشق التي تعمل حاليا على تحرير كامل البلاد من الإرهابيين، لتقف هذه الاستراتيجية الجديدة مقابل استراتيجية الرئيس أوباما السابقة والتي اعتمدت على سياسة العزل بشأن الرئيس السوري بشار الاسد وحكومته الحالية كحل وحيد للقضاء على الإرهاب في سوريا.
ومن جهة أخرى يبدو أن استراتيجية ترامب الجديدة بشأن حل الأزمة السورية جاءت على أساس تعاون الرئيس الامريكي الجديد مع روسيا. الموضوع الذي كانت ترفضه واشنطن بشكل حتمي خلال فترة اوباما الرئاسية.
وفي هذا السياق أيضا، قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن أولوية الرئيس الأمريكي الجمهوري المنتخب في سياسته الخارجية هي العمل مع بوتين لإيجاد حل للأزمة السورية. ونسبة لما قالته الصحيفة الامريكية أن نصف السوريين أجبروا على ترك منازلهم واللجوء الى مناطق أخرى وحوالي 500 ألف سقطوا قتلى جرّاء الحرب الطاحنة في هذا البلد وتفشي الإرهاب فيه. وعلى هذا الأساس قرر ترامب التعاون مع بوتين لإنهاء الصراع السوري بدلا من التركيز على إزاحة الرئيس السوري بشار الأسد، لتأتي بعدها مبادرة ترامب الراهنة بإقامة منطقة آمنة للمدنيين في سوريا.
إلا أن اقتراح ترامب هذا لإنهاء الصراع السوري لن يتحقق ببساطة ولن يتم التوصل إليه من دون التعرض لتحديات كثيرة.
البيت الأبيض في عهد ترامب لن يحتاج فقط الى موافقة موسكو لإقامة منطقة آمنة في سوريا، بل عليه مراعاة الظروف الداخلية في ذلك البلد والعمل على إيجاد أراض تمكنه من تنفيذ مشروعه الفعال هذا.
ومن ضمن الصعوبات التي ستواجه إدارة ترامب في تنفيذ مشروع إقامة المنطقة الآمنة، هي الحصول على تأييد جميع الفصائل السورية من قبيل "الأكراد" و"المعارضون والموالون لدمشق" حيث يسيطر كل فريق من هذه المجموعات على أجزاء من شمال سوريا. الأمر الذي لايبشر بتحقيق مشروع ترامب لإحلال السلام في سوريا بكل سهولة.
من جهة أخرى، من المستبعد أن يتم التوصل الى اتفاق إقامة المنطقة الآمنة بسهولة وذلك لإصرار دمشق على أن تكون كامل الأراضي السورية تحت سيطرتها من دون منازع، لاسيما بعد أن رفضت الحكومة السورية بشكل قطعي في وقت سابق اقتراحا بشأن إقامة منطقة آمنة للمدنيين في بعض أجزاء مدينة حلب التي كانت خاضعة لسيطرة المسلحين.
علاوة على ماذكرناه آنفا، لابد من أخذ وجهات النظر المغايرة للأطراف الخارجية المشاركة في الملف السوري بعين الإعتبار. حيث تؤكد ايران على ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية بشكل كامل، فيما تدعو تركيا على الدوام الى إقامة منطقة عازلة شمالي سوريا دون مشاركة الأكراد، الأمر الذي ترفضه القوات الكردية التي تحارب تنظيم داعش الإرهابي في تلك المنطقة، هذا ولن توافق الدول العربية التي تدعم المجموعات الارهابية بشكل علني وترفض نهائيا بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في منصبه على مشروع إقامة المنطقة العازلة بسهولة.
