الوقت- أعلنت وكالة أنباء كوبا الرسمية، صباح السبت، وفاة الرئيس السابق فيديل كاسترو، الذي يُعرف بين أفراد شعبه باسم "فيدل" أو "القائد"، عن عمر يناهز 90 عاماً.
ولطالما أحب الكوبيون ومعهم الكثير حول العالم "القائد فيدل" الزعيم الثوري الذي عشقه الملايين حتى أصبح كاسترو هو كوكبا وكوبا هي كاسترو، فمن هو الزعيم فيدل؟
ولد فيدل كاسترو لاب من الطبقة الوسطى وهو انجل كاسترو الذي كان يعمل مزارع ، وكان من احد الطلاب الموهوبين، وقرر داخله ممارسة مهنة المحاماة، والدخول الي كلية الحقوق، وبالفعل استطاع ان يلتحق بجامعة هافانا في عام 1945، واثناء تواجده هناك ، اصبح مختلط بالسياسة بشكل متزايد ، وانضم إلى حزب الارثوذكسية، الذي كان يهدف الى الإصلاح الحكومي الجذري للحد من الفساد .
وفي عام 1953 حمل كاسترو السلاح ضد الرئيس فالغنسيو باتيستا، الذي تولى الرئاسة في اوائل الاربيعنيات، وعلى رأس مجموعة مكوَّنة من حوالي 100 قاد كاسترو أتباعه. إلا أن محاولته أُحبطت، وسجن مع شقيقه راؤول، وبعد عامين صدر عفو عن كاسترو الذي شكل قوة مقاتلة عرفت بحركة 26 يوليو/تموز وواصل حملته لإنهاء حكم باتيستا من المنفى في المكسيك.
الثورة في كوبا والإطاحة بباتيستا
بدأ فيدل كاسترو صاحب الكاريزما في جذب الكثير من الناس إلى قضيته، واجتذبت مبادئ كاسترو الثورية تأييدا واسعا في كوبا، وفي شهر مايو من عام 1958، اطلق باتيستا حملة واسعة تهدف الى انهاء حركة التمرد نهائيا ،ولكن ذلك اتى بنتائج عكسية عليه ، فسجل فيدل كاسترو وقواته عددا من الانتصارات على قوات باتيستا، مما ادى إلى فرار الكثيرين من الجيش، وبحلول نهاية عام 1958، كان الثوار قادرين على الانتقال إلى الهجوم، وقام كلا من فيدل كاسترو وجيفارا بقيادة الصفوف بالسيطرة على عدد من المدن، في 1 يناير 1959، فر باتيستا هاربا من البلاد ، واستطاعت الثورة الكوبية ان تفوز، واصبح نظام باتيستا يرمز إلى "الفساد والتعفن وعدم المساواة"، وبعد إطاحته بنظام باتيستا وتسلمه سدة الحكم في البلاد، سرعان ما حوَّل كاسترو كوبا إلى النظام الشيوعي لتصبح أول بلد تعتنق الشيوعية في العالم الغربي.
كوبا تطبق النظام الشيوعي
بعد انتصار الثورة التي قادها كاسترو سارع الى تطبيق النظام الشيوعي على نفس النمط السوفيتي في كوبا، مما اثار الفزع في أمريكا، التي لم تعترف بالحكومة الكوبية الجديدة حتى بدأت العلاقات بين واشنطن وهافانا بالتدهور، لاسيما عندما قام كاسترو بتأميم الشركات الأمريكية العاملة في كوبا، وازداد التوتر مع حوادث مثل ازمة الصواريخ الكوبية ، وغزو خليج الخنازير، ووقتها نجا فيدل كاسترو من محاولات اغتيال لا تعد ولا تحصى، ولكنه كان ذكي وخطير جدا،ووضُعت كوبا في ظل الحصار الاقتصادي الذي كان له آثار خطيرة على الاقتصاد الكوبي.
وفي أبريل/ نيسان عام 1961 حاولت امريكا إسقاط الحكومة الكوبية من خلال تجنيد جيش خاص من الكوبيين المنفيين لاجتياح جزيرة كوبا، إلا أن القوات الكوبية المتمركزة في خليج الخنازير تمكنت من صد المهاجمين وقتلت العديد منهم واعتقلت حوالي ألف شخص آخر.
وهكذا أصبح كاسترو العدو رقم واحد بالنسبة لواشنطن، مما حدا بحليفه الاتحاد السوفياتي حينذاك بأن يقرر نشر صواريخ بالستية في الجزيرة الكوبية لردع أي محاولة أمريكية لغزوها، وذلك وفقا لمذكرات الزعيم السوفياتي حينذاك نيكيتا خروشوف، وقد أصبح كاسترو أحد النجوم اللامعة في عصر الحرب الباردة. ففي عام 1975، أرسل كاسترو 15 ألف جندي إلى أنغولا لمساعدة القوات الأنغولية المدعومة من السوفييت. كما أرسل في عام 1977 قوات أخرى إلى إثيوبيا لدعم نظام الرئيس الماركسي مانغستو هيلا مريام.
وقد أثر انهيار المعسكر الاشتراكي عام 1991 كثيرا على الأوضاع في كوبا، وخاصة الجانب الاقتصادي منها. إلا أن بعض المحللين يرون أن كوبا تمكنت من التقليل من آثار خسارة أهم حلفائها، وقد ظل كاسترو يلقي باللوم على واشنطن ويحملها مسؤولية المصاعب الاقتصادية التي تواجهها بلاده، وذلك بسبب الحظر الاقتصادي الذي تفرضه واشنطن على كوبا.
موقف مشرفة لفيدل:
ورغم ابتعاده عن الأضواء مؤخراً الى ان فيدل كاسترو أدان في الرابع والعشرين من شهر أكتوبر/تشرين الأول من عام 2011 حلف شمال الأطلسي (الناتو) لدوره في الإطاحة بالزعيم الليبي الراحل معمر القذافي قائلا إن "هذا الحلف العسكري المتوحش قد أصبح أكثر أدوات القمع غدرا في تاريخ البشرية".
600محاولة أمريكية لاغتياله
وتعرض كاسترو لمحاولات اغتيال عدة وللتدخلات الأمريكية في شؤون بلاده، وتحول الرجل إلى مثال يُحتذى أمام بلدان وقيادات أخرى في أمريكا اللاتينية وغيرها.
ذكرت عدة تقارير استخبارية وغيرها أن أمريكا حاكت أكثر من 600 مؤامرة لاغتيال كاسترو الذي نجا منها جميعها ليظل في حكم بلاده طوال قرابة خمسة عقود تعاقب خلالها تسعة رؤساء على حكم امريكا.
أصبح كاسترو مثالاً يحتذى به في العالم لا سيما في أمريكا اللاتينية، وأكبر مثال على ذلك الرئيس الفنزويلي السابق هوغو شافيز أبرز من اقتفى أثر كاسترو في سياسة مواجهة وتحدي النفوذ الأمريكي.
وفي يوم السبت 26 تشرين الثاني عام 2016 غيب الموت، الرئيس الكوبي السابق فيدل كاسترو عن عمر 90 عاماً.