الوقت - تعيش السعودية حاليا فشل مخططاتها في العراق واليمن وخاصة سوريا وترى في كل الهزائم بصمات حزب الله ووصل مسلسل الهزائم ذروتها بالخسارة المدوية في النبل والزهراء المطلة على الطريق الرئيسي بين حلب وحدود تركيا. عندما كانت الجماعات المسلحة المدعومة من رياض وأنقرة تواصل إحتلال المناطق السورية من غربها إلى الشمال الغربي بحلب، قرر حزب الله إنتشار عدد من مقاتليه بالنبل والزهراء وكان له دور بارز في دعم صمود سكانهما أمام الحصار المفروض من جانب عناصر الجماعات الإرهابية وفي مقدمتها جبهة النصرة فرع القاعدة في سوريا طيلة السنوات الأربع الماضية.
ساعد هذا النصر في النبل والزهراء فرض حصار محكم من جانب قوات المقاومة على المناطق المحتلة من قبل الجماعات المسلحة في غربي حلب وشمالها. ومن أهم الجماعات الناشطة في هذه المناطق هي جبهة النصرة وأحرار الشام اللتان تشكلان تحالفا باسم "جيش الفتح" منذ بدايات العام الماضي. وقد أدركت السعودية أن كل أهدافها وأوهامها في سوريا تذهب أدراج الرياح في ظل التقدم الكبير والانتصارات لقوات المقاومة في هذه المناطق فأعلنت غداة تحرير النبل والزهراء عن إرسال قواتها البرية إلى سوريا بذريعة القتال ضد داعش، لكن لا تنطلي على أحد أنها تحاول إنقاذ القاعدة وحلفاءها ولم يحمل أحدٌ ولو أمريكا هذه المزاعم محمل الجد بسبب إجراءات السعودية في اليمن.
لجأت السعودية تحت وطأة فشل مخططاتها في اليمن والعراق وسوريا إلى الخيار الأخير وهو تفعيل جبهة جديدة في لبنان بغية التاثير على التطورات الميدانية في سوريا علما أن هذه الفكرة تم عرضها لأول مرة من جانب المعهد المقرب من الكيان الإسرائيلي وأشار الخبير بشؤون الجيوـ سياسية السورية بمعهد واشنطن ـ المعروف بصلاته الوطيدة مع اللوبي الصهيوني بأمريكا ـ "فابريك بالانج" في تعليق نشر بعد تحرير النبل والزهراء، إلى الخيارات المعدودة لكل من تركيا وسعودية قائلا: "الخيار الآخر فتح جبهة جديدة بشمالي لبنان؛ حيث يمكن إدخال الجماعات السلفية المحلية وآلاف اللاجئين السوريين المحبطين في هذا الصراع. وتضع هذه المبادرة المراكز الحيوية للعلويين في طرطوس، وحمص والطريق الرئيسي نحو دمشق عرضة للتهديد المباشر ويتوقع الهجوم ضد القوات السعودية وقطع خطوط الإتصال والإمداد من لبنان إلى سوريا. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا أنه هل تملك الرياض وأنقرة الإرادة والآليات اللازمة للقيام بهذه المجازفة؟
من الواضح أن السعودية لاتتورع عن أي محاولة في المجالين السياسي والدبلوماسي للمساس بحزب الله وتوفير الأرضية المناسبة لاشعال الفتن والفوضى في لبنان وعلى هذا قامت في نهاية فبراير الماضي بإلغاء ما كانت تزعم أنها "هبة" عسكرية للجيش اللبناني بقيمة 3 مليارات دولار أمريكي وتحميل حزب الله مسؤولية إلغاء هذه الهبة ضمنيا في محاولة منها لتحريض الأطراف الداخلية اللبنانية على هذه الحركة وجاءت إستقالة وزير العدل اللبناني "أشرف ريفي" بعد إتخاذه موقفا حادا ضد حزب الله في نفس المجال. وبالتزامن مع محاولات الإعلام المتواطئة مع الرياض، طالبت السعودية مواطنيها بعدم السفر إلى لبنان بهدف توتير الأجواء الداخلية اللبنانية وانتهت هذه الإجراءات العدائية العملية والإعلامية ضد حزب الله بالإعلان عن اعتباره منظمة إرهابية من جانب مجلس التعاون والجامعة العربية.
وتشير التقارير ـ فضلا عن هذه الإجراءات العلنية والدبلوماسية ـ إلى تزايد النشاطات الأمنية السعودية في لبنان وأعلنت بيروت في نهاية فبراير الماضي عن توقيف سفينة محملة بالسلاح في طريقها إلى شمال لبنان والتي تم شحنها في الموانئ التركية. ونقل موقع "ستراتفور" الأمني والمخابراتي عن مسؤول سياسي لبناني أن السعودية تحاول تشكيل جماعة مشكلة من الميليشيات المسلحة ضد حزب الله في مخيم اللاجئين السوريين في لبنان.
وتمكن لبنان من الحفاظ على إستقراره طيلة السنوات الخمس الماضية أمام العاصفة التي كانت تضرب سوريا ولم ترغب السعودية لحد الآن في توريط لبنان مباشرة بالأزمة السورية، ولكنها عندما تشهد فشل مخططاتها، فلا يترك هذا أي مجال للشك في تضحيتها في سبيل تحقيق الأهداف وإن أبدى حزب الله إستعداده الكامل وإطلاعه على مخططات العدو؛ حيث قامت قواته باستهداف عناصر داعش شمال لبنان يوم 12 مارس في ضربة إستباقية لإحتواء الأزمة ويتوقع تصاعد وتيرة عملياته.