الوقت- لا تزال الحکومة البحرينية تزيد من تعسفها وديکتاتوريتها بقمع التظاهرات السلمية للشعب البحريني. و رغم کل المطالب الشعبية المحقة، لم تظهر حکومة ال خليفة اي محاولة لتقبل الاخر او محاورته. و لا بد ان اخطر التصعيدات التي استعانت بها الحکومة البحرينية في الاونة الاخيرة، الحکم بالسجن لاسبوع علی امين عام جمعية الوفاق البحرينية " الشيخ علي السلمان" . تصعيد لم يلق اي ترحيب داخلي او خارجي، بل قابلته اعتراضات من شخصيات عديدة، بحرينية و عالمية، فما هي تداعيات عملية السجن هذه، وهل يقابل تصعيد ال خليفة تصعيدا للمعارضة البحرينية؟
علی ضوء اعتقال السلمان، علت اصوات عديدة من الداخل البحريني، فقد وصفت جمعية الوفاق المعارضة قرار توقيف أمينها العام الشيخ علي سلمان أسبوعا على ذمة التحقيق "بالتصعيد الخطير"، مشيرة الى ان هذا التصرف يعكس حجم الأزمة السياسية بين النظام والشعب، معتبرة أنه يستهدف الواقع السياسي والأمني في البلاد. مؤکدة أن البحرين بحاجة لمشروع سياسي تكون فيه السلطات للشعب، وليس لإرادة القمع والبطش والانتقام.
کلام الجمعية اغناه کلام جمعية "نلتقي لاجل الانسان" اللبنانية، التي اعتبرت ان "اعتقال الشيخ السلمان امر يدعو الى الاستغراب والقلق في آن واحد وهو اعتقال لا يساعد على حل ازمة البحرين بل يزيدها تعقيدا، وهذا الاسلوب في الاعتقال وكبت الاراء وقتل الكلمة الحرة وعدم سماع الرأي الاخر لن يكون حافزا لحلحلة الاوضاع في البحرين. مطالبة السلطات البحرينية "بالعمل فورا على اطلاق سراح الشيخ السلمان وكل معتقلي الرأي و السياسيين من سجون السلطة البحرينية و سماع ما يريده السواد الاعظم من اهل البحرين من مطالب و ايجاد هذا الحوار معهم للوصول الى حل ينهي الازمة الحالية لما فيه مصلحة البحرين وشعبه ليعيش حياة حرة كريمة.
کلام الجمعيتين لم يکن الوحيد في حملة الشجب لاعتقال السلمان، فقد اشار رئيس منتدى البحرين لحقوق الإنسان "يوسف ربيع" بعد لقائه نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى اللبناني الشيخ عبد الأمير قبلان ان هذه الممارسات تزيد المسألة الحقوقية والمطلبية في البحرين تعقيدا، مشيرا الی مجموعة من الاجراءات ستتخذ من شانها الضغط للافراج عن الشيخ سلمان.
الامم المتحدة لم تکن بعيدة عن الشجب ايضا فقد اعرب المتحدث باسم المفوض السامي لحقوق الإنسان في الامم المتحدة "ليز ثروسال" عن شعوره ببالغ القلق إزاء اعتقال الشيخ السلمان، و أيضا لاستمرار مضايقة وسجن أفراد يمارسون حقوقهم في حرية الرأي والتعبير في البلاد. الامم المتحدة دعت علی لسان المفوض السامي لحقوق الانسان،حكومة البحرين الی الإفراج فورا عن الشيخ سلمان و كل الأشخاص الآخرين المدانين أو المعتقلين لمجرد ممارستهم لحقوقهم الأساسية في حرية التعبير والتجمع.
ولم تسلم الحکومة البحرینیة من الاستنکار الدولي ایضا، فقد عبرت وزارة الخارجية الأمريكية عن قلقها العميق لاعتقال الشيخ سلمان، محذرة من أن القاء القبض عليه قد يفجر مزيدا من التوترات في المملكة البحرینیة. وقالت الخارجية الأمريكية في بيانها ان احزاب المعارضة التي تنتقد الحكومة بطريقة سلمية تلعب دورا مهما في الدول والمجتمعات التعددية التي لا تقصي أحدا. و اضافت الخارجیة الامیریکیة انها تشعر بقلق من أن هذا الإجراء ضد زعيم بارز للمعارضة لن يؤدي إلا إلى إشعال التوترات.
للتحالف الوطني العراقي ایضا موقفه، فقد دعا حكومة البحرين الى اطلاق سراح الشيخ السلمان فوراً، واصفا اعتقاله بـ" التطور الخطير". وفي بيان له اعتبر التحالف الوطني ان المشهد السياسي في مملكة البحرين يتعرض إلى تطور خطير يتمثل بقيام السلطات باعتقال الشيخ سلمان رئيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامية كبرى الجمعيات السياسية في البلاد. مضیفا ان هذه الممارسات بحق قيادات وطنية تتصف بالاعتدال، وتلتزم بالمنهج السلمي في تحقيق المطالب العادلة لأغلبية الشعب البحريني في التصدي للاضطهاد، والفساد، والتهميش وهي ممارسات تفتقد إلى الحكمة، وتعرض المصالح العليا للبلاد، والسلم الاجتماعي إلى مجازفة حقيقية.
وفي السياق ذاته، دان زعيم "ائتلاف دولة القانون" و النائب الأول لرئيس الجمهورية العراقية نوري المالكي اعتقال الشيخ سلمان، داعيا في بيان له الحكومة البحرينية لاحترام العلماء بقدر ما يمثلونه من شريحة واسعة من المجتمع في البحرين. و اكد المالكي ان "حركة الوفاق" وعلماء البحرين لم يخرجوا في مطالبهم عن الحقوق المشروعة و لا يجب ان يكون التعامل معها بعيدا عن حقوق الانسان وحق المواطن في بلده.
المراجع الدینیة في ايران ایضا دانت الاعتقال التعسفي، لذلک اصدر المرجع الديني آية الله ناصر مكارم شيرازي بيانا دان فيه بشدة اعتقال الأمين العام لجميعة "الوفاق" من قبل السلطات البحرينية، معربا عن أسفه حيال اعتقال قوات ال خلیفة للشيخ سلمان، واعتبر ان على السلطات البحرينية ان لا تقوم بخطوة تؤدي الى تعقيد الاوضاع اكثر مما هي عليه وتزيد من كراهية اتباع اهل البيت واحرار العالم لها. و شدد اية الله شيرازي على ضرورة اطلاق سراح الشيخ سلمان فورا واستعادة حقوق الشعب البحريني بشكل عادل.
من جهة أخرى، طالب المرجع الديني الايراني آیة الله نوري همداني بالإفراج عن الأمين العام لجمعية الوفاق البحرينية وسائر المعتقلين الأبرياء في السجون البحرينية. و أشار آية الله همداني إلى القمع الوحشي لشعب البحرين، معتبرا هدم المساجد والحسينيات وحرق المصاحف وانتهاك حرمة آية الله الشيخ عيسى قاسم من قبل النظام البحريني وكذلك اعتقال الشيخ سلمان، كلها انتهاكات جسيمة لحقوق الشعب البحريني الذي يطالب بحرية الرأي والتعبير.
بدورها طالبت طهران السلطات البحرينية بإطلاق سراح الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية في البحرين. ودعا وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الى الافراج الفوري عن الامين العام لجمعية الوفاق الوطني الاسلامية في البحرين الشيخ علي سلمان. معتبرا ان اتخاذ التدابير القسرية مع قادة تحظى باحترام البحرينيين ولم تعدل عن السلمية رغم كل الصعوبات ستعقد الاوضاع وتزيد من المخاطر والتهديدات. و من ناحية أخرى، عبرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية مرضية أفخم عن قلق بلادها من الوضع البحریني، واصفة الإجراءات الأمنية التي قررتها الحكومة البحرينية لحل مشاكلها الداخلية بالأخطاء.
اعتقال السلمان اثار ضجة استنکاریة ضخمة في العالم باسره، و اشعل نارا لن تخمد الا بالافراج عن الشیخ المعتقل. نیران من شانها ان تحول الحراک الشعبي السلمي الی ثورة شعبیة مسلحة ضد الحکومة البحرینیة، لاسقاطها بالقوة. فهل تکون هدیة العام الجدید انتصارا للمعارضة البحرینیة؟
