الوقت ـ كأن السعودية تأخذ الوكالة الاسرائيلية الامريكية بالتصدي لايران ومن يقف معها من حلفائها في محور الممانعة...
لصالح من يأتي هذا الدور؟؟ وإن غابت يد ايران عن كروم الزيتون في فلسطين, من يعصر الزيت ليضيء قناديل القدس ؟؟
اخر ما أنتجته السعودية في السياسة, هو العرض الذي تقدمت به لحركة حماس في طرح يقضي بقطع علاقاتها مع ايران مقابل فتح معبر رفح ورفع الحصار عن غزة..
فبعد أن شكرت حركة حماس الدعم الايراني لغزة وللقضية الفلسطينية على لسان الناطق العسكري باسم الحركة ابو عبيدة, لم يتأخر الغيظ السعودي ليحثها على تذكر فلسطين, عبر ابتداع هذه المبادرة التي تعبر عن عمق المكر السعودي ومكان توجه جهوده وحدود اهتمامه بفلسطين وقضيتها.
هذا الطرح يعتبر من اسوء واوقح طرح تقدمه السعودية لحماس.. وهو خير دليل على ظهور تحالف اسراسعودي..
إن هذا الطرح اولا يعبر عن مدى الحقد السعودي على ايران, وأن اهتمام وانشغال السعودية يصب فقط في اتجاه مقارعة ايران, وهمها الاول هو العمل على محاصرة ايران والتغلب على موجة التطور والانتشار الواسعة للنفوذ الايراني.
بعد فشل الخطط العالمية لاسقاط نظام سوريا الاسد, المتهم بدعمه ووقوفه الى جانب ايران وبصموده وبسالته وكذلك بوقوف ايران وحلفائها من حركات التحرر الاصيلة في المنطقة الى جانب سوريا العزيزة, يبادلونها اخلاصا ويدعمون صمودها في وجه حرب عالمية عليها, تهدف الى اخراجها من معادلة الصراع مع اسرائيل وامريكا, وما رافق هذه الحرب من تحريض كبير من قبل بعض الدول العربية لحركة حماس, للخروج من الرعاية الايرانية والارتماء في اكناف بعض الدول العربية, التي لم تتذكر حماس الا حين اندلاع الازمة السورية, في محاولة واضحة لزج حماس في اتون صراع مع النظام الذي استقبلها واستضافها ودعمها, وهو يدفع ثمن سياسته هذه في حربه على ارهاب تصدره امريكا عبر خدامها من بعض الدول العربية وتركيا.
اليوم وبعد هذا الطرح السعودي المفخخ, ما هي مدلولات مقايضة مسألة بأهمية الحصار القائم على مقابل قطع علاقات حماس مع ايران ؟؟
إن هذا يثبت أن حصار غزة ليس اسرائيليا ً, وأن دولا عربية وعلى رأسها السعودية, حين تصرح وضمن اي طرح بأنها تستطيع فك الحصار على غزة, فإن هذا يعني أنها قبل وبعد هذا الطرح تملك القدرة على حل وايقاف هذا الحصار أو على الأقل تؤثر فيه وتمون على الاسرائيلي المنفذ الاول لهذا الحصار!!
اذن لماذا تحتاج حماس لدفع ثمن مقابل هذه المساعدة ؟؟ اليس من واجب السعودية العربية المتبنية للقضية الفلسطينية دعم حماس من باب الواجب ومن دون مقابل.. أم أنها طرفاً في الصراع ضد حماس تبتز حماس مقابل تحصيل امتيازات وأثمان تعود على السعودية واسرائيل بالنفع !!
وهنا هفوة مهمة, ارتكبتها السعودية أتت لتدين نفسها بنفسها, ودليل على أنها تشارك في حصار غزة وأنها تستطيع أن تساهم في انهاء الحصار لكن مقابل ثمن تريد تحصيله من الطرف الفلسطيني!! وهذا يخرجها من طرف الراعي لحقوق الشعب الفلسطيني الى طرف الضاغط على المقاومة الفلسطينية والمبتز لحركة حماس!! وبالمقابل يظهر ان ايران طرفا مهما جدا في دعم حماس لان علاقاتها وضعت مقابل فك الحصار, وهذا منطقيا يعني, أن من يساهم في استمرار قدرة المقاومة ويخفف من قيمة الحصار هو الدعم الايراني .. والا لماذا تعطى العلاقات بين حماس وايران وزنا يساوي الحصار على غزة ؟؟
نقاط مهمة اضافية تتكشف وراء العرض السعودي لحماس, ناهيك عما يحمله هذا العرض من الغام سياسية, فمن يقول ان حصار غزة هو الحل للقضية الفلسطينية ؟؟ ومن يضمن عدم تكرار مثل هذا الحصار لاحقاً ؟؟ من ؟؟ المجتمع الدولي أم السعودية ؟؟
الجواب وحيد لقبول فك الحصار بعد استبعاد ايران من قبل اسرائيل وحلفائها, هو أنه لا حاجة للحصار بعد هذا, لأن ما يعني الاسرائيلي هو تدفق السلاح الى غزة, وبقطع العلاقات بين حماس وايران سيتوقف حتما تدفق هذا السلاح .. فمن الدول العربية سيدعم حماس بالسلاح !!! ولا بأس حينها عند الاسرائيلي بدخول الراقصات العربيات والأغنام الشهية والرز السمين والنراجيل والأناشيد العربية الثورية البالية وبعضا من الفاستفود والسيراميك الى القطاع.. هذه هي علة مقايضة العلاقات الايرانية بالحصار!!
بالمقابل أن الدعم الايراني لحماس ينتج على مستوى الصراع انتصارات كبرى للمقاومة, تشكل نقاط قوة لا بل اسلوب حل فعال وجذري للقضية الفلسطينية, فمن يفتح ابواب معابرغزة يدرك بدون ايران أن فقط الرز والغذاء ما سيدخل الى غزة, فاستثناء ايران سيوقف الدعم العسكري والمالي الحقيقي الغير مشروط الذي تحتاجه غزة, فلا السعودية ولا اي دولة تملك قرارا وتوجها وتتجرأ ان تدعم غزة كما تفعل ايران.. هذا مكر السعودية المختبئ وراء الطرح الاخير !!واليوم يتساءل المرء, أين كانت منذ فترة, السعودية وقطر وغيرها, واهتمامها بحماس وفلسطين؟؟ اين كانت السعودية قبل أن يسمم أذنها كلمة شكر القيادة العسكرية لحركة حماس للدعم الايراني علناً وبالتفصيل, في محاولة اعادة تصويب التوجه السياسي لحركة المقاومة حماس تجاه ايران وسوريا بعد كبوة جواد جناحها السياسي في زمن الثورات الملونة العربية ؟؟
هل كلما اتخذت حماس طريقا سياسياً يصب اصلا في مصلحة تحقيق اهدافها, ويحصل تقارب بينها وبين محور المقاومة الذي تنتمي اليه, يأتي الخبث السعودي على شكل عرض باهر لحرف مسار هذا التقارب؟؟ عبر طروح واهية اصلا تحمل ادانة للسعودية وتوضح حجم التآمر التي تتعرض له القضية الفلسطينية من قبل بعض الدول العربية فضلا عن اسرائيل وحلفائها الجدد!!
من يريد مصلحة حماس يدعمها بلا شروط بما يفيدها ويحقق مطالبها.. يدرس ماذا تعاني منه المقاومة وشعبها وما تحتاجه فعلا, ويعمل وفق قدراته على مدها والوقوف الى جانبها بما تحتاجه.. ومن دون أن يملي عليها شروطاَ ويفرض عليها مواقف سياسية مسبقة !!
فلو وصل المال الذي أنفقته السعودية على داعش ومثيلاتها للمقاومة الفلسطينية, لكانت الاخيرة سطرت نهاية الدولة المصطنعة الاسرائيلية وفرشت ارض الاقصى سجادا وشموعا لنقيم فيه صلاة التحرير !! فما نسبة ما يصل لحماس من السعودية مقابل ما يصل للنصرة وداعش !!
حماس اليوم, تجربة زمن الماضي والبارحة والغد بكل آلامه, تدرك وتعي, ظروف انهمار هذه البركات المفخخة السعودية عليها !!
كفى عبثاً بعقول شعب أدمته المؤامرات من اخوانه, كأنها قصة النبي يوسف وأخوته تتكرر في بلاد كنعان !!
كفى حماس لوعة والماً, لا بد ان يكون كي المكر وأليم غدر الأخوان, قد جعلها تخبر اشتمام ريح الغدر والتآمر من بعيد , لأن التجربة خير معلم..
وكفى للزمن حكماً بين دعم ايراني فارسي شيعي غير مشروط, لمقاومة عربية سنية, وطروح تسويات ابتزازية من دول تدعي التصدي لقضايا المسلمين والعرب, لا تتذكر فلسطين الا حين يغيظها ويحرجها غيرة وخوف غير العرب على بلاد عربية !!!
انما ابتعاد السعودية عن محور يجلب لها عزا حقيقياً, لتستبدله بتحالف يخدم كراسي ملوك مزيفة, انما هو حرمان الله لها, لنعمة ليست تستحقها..
وانما الثورة الايرانية المباركة بروح روح الله الموسوي الخميني, وصمود ومبادئ شعب طيب الاعراق, وتوفيقه لتحمل مسؤولية مقارعة الاستكبار الذي رفض الخضوع اليه, هي معزة الله لشعب يستحق..
حماس لن تلدغ من حجرها مرتين, وقل لن يحيق المكر السيء الا بأهله.
ليس مؤذياً ومعيباً في سياسة بعض الدول العربية, الا وقاحتها, فهي تنسى فلسطين سنينا طويلة, لتعود وتتذكرها قبل أيام حين هبت ريح ايران, على وقع جلسات مشتركة تحدث عنها الاعلام بين اسرائيل والسعودية في المرحلة الاخيرة, اخر ما أتحفتنا به السعودية, هدية الشعب الفلسطيني من قبل مسؤولين سعوديين صرحوا بأنهم لا مانع لديهم ببيع النفط الى "العدو" الاسرائيلي.
هي فلسطين وقصة يوسف (ع) وغدر اخوته, وأخوة يوسف اليوم بنو صهيون "اسرائيل" وبعض من عرب لم تشبع حقدهم وعبادة الكراسي والمناصب قصة بيع فلسطين, لم يندموا, بل يعيدون عند كل مفصل تكرار رمي يوسف في البئر, لا ربما قرروا قتله هذه المرة كلياً, ليخلو لهم وجه المنطقة!!
