الوقت ـ ماذا يعني عندما تصبح المفاهيم والمواقف واحدة لدی الكيان الإسرائيلي ومجلس التعاون حول حزب الله؟ حيث أن الكيان الإسرائيلي صنفّ حزب الله علی أنه يمثل تجسيدا "للإرهاب" وجاءت الدول العربية لتعلن علنا أنها تتفق مع "إسرائيل" علی أن حزب الله يعتبر تنظیماً "إرهابياً"، وصنفّت الحزب وجميع قياداته ومؤسساته بانهم إرهابيون. فماذا ستكون الخطوة التالیة من قبل مجلس التعاون والذي تقوده السعودية، هل علینا أن نستعد ليعلن هذا المجلس بعد أيام أن الشعب الفلسطيني وحركات المقاومة الفلسطينية، أنهم إرهابيون؟ ليس من المستبعد أن نسمع ذلك علنا، من "الزعماء العرب". ولمعرفة مساعي مجلس التعاون لتشويه سمعة حزب الله في المجتمعات العربية خاصة في العراق، حاورنا الخبير والكاتب والمحلل السياسي العراقي «عبدالزهرة الطالقاني»، وجاء في الحوار:
الوقت: في الأيام الماضية صنفّت السعودية ودول مجلس التعاون، حزب الله علی أنه منظمة إرهابية!، ما هي رؤية شريحة النخب والمثقفين وعامة الشعب العراقي، حول هذا التصنيف؟
الطالقاني: إذا ما بدءنا الحديث عن هذا الموضوع، بدأ من الاعلام العربي، قبل أن نتحدث عن الأنظمة العربية، فسنجد أن هذا الإعلام وخاصة الإعلام الخليجي؛ أصبح منذ فترة طويلة یصنفّ بعض التنظيمات والجماعات الجهادية العربية والعراقية أيضا التي سعت الی زعزعة أمن "إسرائيل" وتدافع عن الشعوب الإسلامية، بانها منظمات إرهابية دون وجود أي أدلة ووثائق في هذا المجال. الشعب العراقي واعي تجاه هذه المؤامراة وهو يستنكر بأشد العبارات والمواقف ما صدر عن مؤتمر الداخلية العرب ضد حزب الله وهناك تحفظ واضح من العراق حول هذا الموضوع. وهنالك الكثير من المثقفين والمختصين العراقيين في المجال السياسي استهجنوا هذا الأمر لكنهم لم يستغربوا أفعال الأنظمة العربية ووسائل الاعلام التابعة لها التي دأبت علی تشويه الحقيقة. لذلک هنالک الکثير من القادة العرب يصطفون الی جانب الإرهاب وداعش التي قتلت وشردت الملايين من البشر في سوريا والعراق ولبنان، ويعادون حزب الله الذي یحارب داعش والإرهاب والتکفير.
الوقت: من ضمن الذرائع التي سیقت لتصنیف حزب الله كمنظمة إرهابية، هي أن حزب الله يَمُس بالأمن القومي العربي، بينما يعرف الجميع أن حزب الله كان ولازال يقف في الصف الأول في الدفاع عن القضايا العربية والإسلامية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وأیضا في الخط الأمامي لمواجهة الجماعات الإرهابية، كيف تفسرون ذلك؟
الطالقاني : هذه واحدة من المفبركات التي تقوم بها الأنظمة العربية، فان الحقيقة غير ذلك. الشيعة في العراق وسوريا ولبنان هم من أتباع ومحبي أهل البيت علیهم السلام والمسلمون في إيران أيضا هم من أتباع ومحبي أهل البيت ولذلك يلتقي هؤلاء جميعا علی عقيدة وهدف واحد. في الواقع فان العقيدة هي التي تجمعهم وليست السياسة، ولذلك بعض الأنظمة العربية تحاول ربط هذا الأمر بالسياسة لإضعاف القوی المجاهدة الشيعية كحزب الله والحشد الشعبي، من خلال إتهام هذه القوی بانها تعمل علی ضرب الأمن العربي!. هنالك حملة شرسة ضد الحشد الشعبي الذي دافع عن المقدسات والشعب العراقي ضد الإرهاب، سنة وشيعة، في سامراء والنجف وأبعد شر الإرهاب عن بغداد وغيرها من المناطق وبعد هذه الحملة الشرسة من قبل السعودية ضد الحشد الشعبي في العراق فانها إنتقلت الیوم لتحارب حزب الله في لبنان.
الوقت: نعرف أن حزب الله يقف منذ حوالي ثلاثة عقود بوجه الكيان الإسرائيلي الذي یمس بالأمن القومي العربي، إذن عندما تأتي السعودية وتصنّف هذه المجموعة (حزب الله) التي تحارب العدو الإسرائيلي مجموعة إرهابية!، فمعنی ذلك أن ممارسات الكيان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني وساير الشعوب الإسلامية، ليست ممارسات إرهابية وفق المعايير السعودية، كيف تری هذا الأمر؟
الطالقاني: نعم صحيح جدا أن الممارسات الإرهابية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني هي في قاموس السياسة السعودية ليست إرهابا، لكن جهاد حزب الله ضد إسرائيل هو أمرا مرفوضا وغير مقبول من قبل السعودية، هذه هي المعادلة المعكوسة السائدة الیوم وهنالك محاولات لتثبيت قناعات حتی في الشارع العربي من قبل السعودية بان حزب الله هو خارج عن المنظومة الجهادية وخارج منظومة الدفاع عن الوطن العربي. إتهام حزب الله من قبل السعودية ودول مجلس التعاون بالإرهاب يعود لأسباب طائفية بحتة والطائفية هي الدافع والمحرک الرئيسي لتوجيه هذا الاتهام لحزب الله.
الوقت: عندما تقول السعودية أن حزب الله يهدد الأمن القومي العربي، أين تقف السعودية وسائر الدول التي اتهمت حزب الله بالارهاب، من الامن القومي العربي؟
الطالقاني: هي دول مخربة للأمن القومي العربي، لاحظنا كيف دخلت قوات درع الجزيرة الی البحرين وقمعت الشعب البحريني عندما عبّر عن رأيه عبر تظاهرات سلمية في البلاد. حيث قمعت تطلعات الشعب البحريني من قبل الآلة العسكرية السعودية والیوم الشعب الیمني يعاني ما يعانيه نتيجة غارات الطائرات السعودية والاماراتية، اضافة الی ذلك فاننا الیوم نری محاولات اماراتية وسعودية لإرسال قواتهم الی سوريا والعراق، والهدف المبطّن من إرسال هذه القوات هو دعم جبهة النصرة والإرهاب، لكن في الظاهر فهم يدّعون أنهم ضد الإرهاب. كيف يمكن أن نتصور أن السعودية تحارب الإرهاب. الیوم الإرهاب داخل السعودية يستهدف أهل القطيف والمناطق التي يقطنها الشيعة ولم نسمع في يوم من الايام أن القوات السعودية القت القبض علی تلك الجهات التي تقوم بهذا الإرهاب ضد الشيعة داخل السعودية. هناك تقصير واضح وهناك مخطط من قبل السعودية لعدم كشف الإرهاب الحقيقي وتسعی هذه الدولة الی تزیيف حقيقة الإرهاب من خلال توجيه الإتهامات لحزب الله.
الوقت: من ضمن الإتهامات التي وجهت لحزب الله هو أنه يتدخل في الشأن العراقي، هل حقا أن حزب الله يتدخل في شؤون العراق أم أن هذا أيضا مجرد إتهام باطل؟
الطالقاني: موضوع التأيد السياسي للعراق حکومةً وشعباً من قبل حزب الله هو أمرا واضحا للجميع، هم أعلنوا أنهم يدعمون الحكومة العراقية ويؤيدون محاربة داعش من قبل العراق، ولكن ليست هنالك قوات علی الأرض من قبل حزب الله تقاتل مع الحشد الشعبي والقوی الأمنية العراقية. وأن دعم حزب الله للعراق هو دعم معنوي لان حزب الله يعتبر قضية محاربة الإرهاب في لبنان والعراق هي قضية واحدة وأن القوات العراقية هي لوحدها من تقاتل الیوم الإرهاب في العراق ولم يتدخل حزب الله علی الاطلاق في الشؤون العراقية الداخلية.