الوقت - إنه زمن العجائب، ليس السبع منها، انما عجائب الأنظمة و الغرابة أو الوقاحة السياسية، بتنا في زمن يُدان المظلوم، و يُبجّل الظالم، يُهتك الفقير، و يُعزز الغني، يغزو المستبد لينشر الديمقراطية! و في زمن يعلو فيه صوت الجاهل على صوت العالم.. و لكن: "إذا بان السبب بطل العجب".
لائحة السعودية للإرهاب
قامت السعودية منذ عدة سنوات و بأمر ملكي بإعداد لائحة سمّتها لائحة الإرهاب، و في بداية الأمر وضعت فيها أسماء بعض المنظمات المعترف عليها عالمياً بأنها تقوم بأعمال إرهابية كالقاعدة و غيرها.
و أعلنت السلطات السعودية عند تنفيذها هذا الأمر الملكي الذي يحظر الانتماء أو التعاطف أو الاجتماع تحت لواء هذه المنظمات أو ... وأن هذه اللائحة ستُحدّث دورياً.
ولكن، ما الغاية من وراء هذه اللائحة؟ و هل هي جدّية؟ و هل يحق للسعودية حتى التكلم عن مكافحة الإرهاب و إعداد لوائحه؟
تاريخ السعودية مع الارهاب
تقارير و تحقيقات كثيرة كُشفت على مرّ الزمن، إضافة لتصريحات و مدونات ذكرت في مذكرات العديد من المسؤولين الغربيين و تسريبات وغيرها أفشت الكثير من الأسرار التي بقيت طي الكتمان على مرّ الزمن، و كان للسعودية حصة "الأسد" من هذه التسريبات وغيرها.
فبات من المعلوم أن النظام السعودي عمل على تمويل حركات مسلحة عديدة و في مناطق مختلفة من عالمنا و على مر حقبات زمنية متتالية، و على سبيل المثال لا الحصر، سربت وثائق عديدة منها كتقارير مصورة و منها تصريحات مسؤولين أمريكيين أن السعودية هي التي أسست ما سمي لاحقاً بالقاعدة و دعمتها و مولتها و ساندتها بالعديد و العتاد و ذلك أثناء الحرب السوفياتية في افغانستان، بمساعدة من المنظمات الإسلامية الدولية، وظهر ذلك جلياً بدعم ما سمّي بمكتب خدمات المجاهدين العرب، الذي أمدهم بأموال تقارب 600 مليون دولار في السنة تبرعت بها حكومة السعودية و أفراد مختلفين أغلبهم من السعوديين الأثرياء المقربين من "أسامة بن لادن"، و كان مكتب الخدمات يوفر دورًا لضيافة ما سمّي بـ "المجاهدين" في بيشاور في باكستان قرب الحدود الأفغانية، ومعسكرات عسكرية للتدريب في أفغانستان لإعداد مجندين دوليين غير أفغان لجبهة الحرب الأفغانية السوفيتية، وقد أقنع "عبدالله عزام ابن لادن" بالانضمام إلى مكتب الخدمات، الذي استخدم ماله الخاص وعلاقاته مع العائلة المالكة في السعودية وأصحاب المليارات النفطية في الخليج، لبذل المزيد من الجهد لمساعدة القاعدة، و الحديث عن تلك الحقبة يطول ...
و في التاريخ الحديث نذكر أمثلة تدعم استدلالنا على تورط السعودية أهمها ما اكتُشف السنة الماضية اثناء قيام الجيش العراقي بمحاربة داعش في الرمادي و الأنبار و غيرها عن تورط النظام السعودي في دعم واسناد التنظيم الإرهابي ماليا ولوجستياً، اذ أفادت مصادر أمنیة رسمیة عراقیة في عدة مناسبات تأکیدها أن جهاز مکافحة الاٍرهاب عثر علی جوازات سفر وبطاقات هویات احوال مدنیة ولوحات ارقام سیارات سعودیة فی عدد من اوکار تنظیم داعش التي خلّفتها عناصر التنظیم وراءها، إضافة الى الحصول على وثائق تثبت تورط السعودية بدعم الارهاب ليس في العراق وحدها بل في دول آخرى، و علاوة على وجود أنظمة اتصالات و مواد غذائية و غيرها كلها قدمت من السعودية و أمنت الاتصال بين المحرّك الفعلي و المحارب الارهابي على أرض المعركة.
و آخيراً نذکر التنظيمات الارهابية التي تحارب على الآراضي السورية غير داعش التي تحدثنا عنها، كأحرار الشام و غيرهم و التي تحظى بدعم سعودي علني على الصعيد المادي و اللوجستي و الاعلامي خاصة، فنرى وسائل الاعلام السعودية تستبسل في الدفاع عن التنظيمات الارهابية و تحسين صورتها و تجميلها، فضلاً عن المحاولات الدبلوماسية الحثيثة للسعودية لحذف اسماء هذه المنظمات عن لوائح الارهاب العالمية لتعطي شريعة أكثر لدعمها لها.
الغاية من لوائح السعودية للارهاب؟
تعرضت السلطات السعودية للكثير من الضغوط من حلفائها الأجانب بسبب الحرج الذي تسببه لهم على اثر فضح الاقدامات السعودية في موضوع دعمها للارهاب و عدم مشاركتها في محاربته، فضلاً عن تزايد الاتهامات للسعودية من قبل دول و منظمات المنطقة و العالم بدعمها المنظمات الارهابية و تغذيتهم فكرياً و عقائدياً، ما دفعها للقيام بخطوة شكلية لمحاولة زج نفسها في قطار الدول المحاربة للارهاب لصرف النظر عنها و جاء للسبب نفسه اعلان السعودية المشاركة في الحلف العالمي لمحاربة الارهاب، في محاولة التنكر بثوب حامل لواء محاربي الارهاب.
أما اذا ما أردنا الحديث عن الأسباب المباشرة لاعلان السعودية لوائح ارهاب و انضمامها لحلف محاربة الارهاب هو ايجاد غطاء عالمي لمشاريعها في دول الصراع و اعطاء تصرفاتها في هذه الدول شرعية مقنعة عالمياً و مواجتها للمقاومة الاسلامية و دول الممانعة و ذلك في اطار تلاقي المصالح بين السعودية و الكيان الصهيوني الذي يعلن يوماً بعد يوم عن تعاون رسمي و غير رسمي بينه و بين السعودية، و تلاقي بينهم على صعيد الأفكار و المشاريع في المنطقة و العالم، و وصل الحد الى وصف السعودية بالدولة العربية المعتدلة من قبل الصهاينة و وسائل اعلامهم كتلميح على التقارب في الأفكار و الأهداف.
هذا ناهيكم عن الارهاب الداخلي في السعودية و الذي يمارسه النظام بحق مواطنيها و المقيميين فيها من اضطهاد و تنكيل و تضييق اقتصادي و ترهيب فكري و استبداد علني و منع للحريات العامة و البديهية لأفراد المجتمع السعودي، و الأدلة على ذلك كثيرة من اعدامات جماعية و غيرها.
اذا هل يحق للسعودية الحديث عن لوائح الارهاب؟...
أم انها يجب أن تكون اول من يحاسب على ارهابها و نشرها للارهاب، ندع الحكم لكم.