الوقت - وفقا للمحللین السیاسیین فان المعارضة السوریة لم تکن یوما تملک برنامجاً للإطاحة بالنظام السوری، ولا برنامجاً للحکم بعد اسقاط النظام. وقد خلقت المعارضة الازمة السوریة بمعاونة الانظمة الاقلیمیة والدول الغربیة. السؤال الاساسی الذی یشغل بال المراقبین هو حول مستقبل الازمة السوریة؟ ما هی الامور التی ستؤثر علی مستقبل دمشق؟ هل المعارضة السوریة قادرة علی التأثیر علی مجریات هذه الازمة؟ هل تستطیع القوی الخارجیة التأثیر علی مجریات الاحداث فی ظل التعددیة الطائفیة والعرقیة فی سوریا؟ مع انقضاء حوالی ثلاث سنوات من عمر الازمة السوریة، وبعد تکشف الکثیر من الحقائق حول الاحداث فی سوریا من الممکن الان استنتاج بان مستقبل سوریا غیر مطمئن. فکل القوی والتیارات المتنازعة ستعمل علی استمالة الفرق المذهبیة والقومیة الی طرفها. بنظر النظام العامل الاول الذی سیؤدی بکل تاکید الی استقرار الساحة السوریة هو القضاء علی المجموعات الارهابیة التی تعبث بامن البلاد. والعامل الثانی هو وقف الدعم المالی والعسکری الخارجی للقوی المقاتلة ضد النظام السوری. من هذا المنطلق ولتحلیل مستقبل الاحداث السوریة علینا ان ناخذ العوامل الداخلیة والخارجیة بعین الاعتبار. بمعنی، إذا أردنا ان نتوقع مسقبل الازمة السوریة علینا اولا ان نحلل مدی اقتناع المعارضة السوریة بجدوی العمل المسلح فی ضمان مسار الاحداث لصالحها. ثانیا علینا ان نری إذا ما کانت القوی الخارجیة الداعمة للمجموعات الارهابیة علی استعداد لوقف هذا الدعم من اجل تحقیق الاستقرار فی سوریا.
أولا التیارات الداخلیة والخارجیة المعارضة
فی موضوع المعارضة السوریة علینا الاشارة الی ان التیارات المنضویة تحت لواءها لم تکن تملک ای برنامج او مخطط سیاسی لحکم سوریا. فالمعارضة الاسلامیة السنیة لم تکن لتقبل ببرنامج المعارضة العلمانیة او اللیبرالیة، لأنها ستخسر الکثیر من نفوذها الشعبی فی نهایة المطاف، والعکس صحیح فیما خص المعارضة العلمانیة او اللیبرالیة التی لم تقبل بمشروع المعارضة الاسلامیة القائم علی الشریعة الاسلامیة المتشددة وفی حال قبولها بذلک فانها ستخسر من رصیدها الشعبی وهی فی الاساس لا تملک ای قاعدة شعبیة اسلامیة. هذه الامور تعکس واقع الحال بالنسبة للمعارضة التی تعانی من التشتت علی الساحة السوریة. من جهة اخر الجناح السیاسی والجناح العسکری للمعارضة یظهران الکثیر من التناقض فی المواقف. بعض التیارات المنضویة ضمن المعارضة المسلحة علی سبیل المثال جبهة النصرة الجبهة الاسلامیة داعس والجیش السوری الحر هم ایضا یظهرون نوعا من الصراع فیما بینهم اضافة الی رفضهم لسیاسات المعارضة السیاسیة مثل الائتلاف السوری المعارض الذی یشارک فی المباحثات الدولیة والتی کان اخرها مؤتمر جنیف. الان وفی ضوء التباینات بین المجموعات المعارضة فان کل مجموعة تفضل حکم جزء صغیر من الاراضی السوریة واعلان حکومتها المستقلة علی هذه المنطقة او تلک، علی ان تعمل لاسقاط النظام السوری. کیف ستستطیع المعارضة السوریة التاثیر علی مجریات الاحداث فی ظل الظروف الراهنة.
ثانیا الدعم الخارجی
المجموعات الدولیة الداعمة للمعارضة هی الاخری تعلن تخلیها عن المعارضة الواحدة تلو الاخری. الدعم القطری للمعارضة السوریة توقف. العلاقة الاوروبیة الترکیة تواجه ازمة فعلیة الان بسبب الدعم الذی تقدمه انقرة للمجموعات المسلحة، مما ادی الی تغیر فی المواقف الترکیة من مستقبل الازمة السوریة ومن هذا المنطلق عملت علی التقرب من العراق والجمهوریة الاسلامیة الایرانیة. اما متی یأتی دور المملکة العربیة السعودیة؟ بلا شک السعودیة وضعت حدا زمنیا لتدخلها فی الازمة السوریة وهی تأخذ فی عین الاعتبار علاقاتها مع الدول الغربیة وفی مقدمتها واشنطن. سلوک المملکة فیما خص الازمة السوریة تعینه الاستراتیجیة الامریکیة فی المنطقة والتی تتطلع الی تحقیق مصالحها الخاصة. أضف الی کل ما تقدم القرارات المحتملة التی ستتخذ من قبل کل من الحکومة اللبنانیة والاردنیة لضبط الحدود مع سوریا، وبذلک سیظهر مدی انحسار نفوذ المعارضة السوریة. فی هذا السیاق تعتبر الحرکة الامریکیة مؤثر فی تعیین مستقبل سوریا. بلا شک الخیار العسکری قد سحب من التداول فی دوائر القرار الامریکیة، فلو کان باستطاعة الولایات المتحدة الأمیرکیة السیر فی هذا الخیار لما کانت اقدمت قبل أشهر علی التلویح بهذا الخیار ثم سحبه لتصبح موضع شماتة من قبل العدو والصدیق. یبدو ان الولایات المتحدة الأمیرکیة تعمل علی تحقیق بعض الامور قبل اعلان تخلیها عن المعارضة السوریة بشکل کامل.
1- وضوح افق المفاوضات مع إیران فیما خص مشروعها النووی
2- وضوح مستقبل الحداث فی المنطقة بشکل عام بالنسبة لها
3- توقف تدخل کل من ترکیا والمملکة العربیة السعودیة عن التدخل بالأزمة السوریة (السعودیة تعتقد بان خروجها من سوریا سیؤدی بلا شک الی تزعزع الاستقرار علی اراضیها. لذلک تسعی لتحریک مسار الاحداث فی کل من الیمن والبحرین لصالحها. والحکومة الترکیة تفکر فی النجاح فی الانتخابات القادمة).
4- ترید الادارة الامریکیة ان تؤمن وضعیت حلفاءها فی المنطقة مثل السعودیة ومصر وإلهائهم فی صراعات مع الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة علی اساس مذهبی لتسحب بخفة من الازمة السوریة.
فی الخلاصة، استنتجت الادارة الامریکیة بان سقوط نظام الرئیس الاسد هو امر مستحیل، واستمرار انعقاد مؤتمر جنیف ما هو الا اعطاء فرصة للحل السیاسی. هذا التفسیر له معنی واحد فقط وهو ان النظام السوری فی المستقبل القریب سیکون له الحریة الکاملة فی محاربة المجموعات الارهابیة.
